الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى ميلاده.. لماذا قاطع محمود تيمور العامية واتجه إلى اللغة العربية الفصحى؟

صدى البلد

يعد الكاتب محمود تيمور الذي تحل اليوم ذكرى رحيله، واحدًا من حفنة قليلة من الأدباء الكبار، الذين كان له الفضل الأكبر في بعث الحياة في أوصال أدبنا العربي، وإثرائه بألوان فنية جديدة، وكان لجهوده الرائدة فيها أعمق الأثر فيما تلاهم من نتاج إدبي ترسم خطاهم واهتدى بهديتهم.

ويعتبر محمود تيمور، صاحب الموهبة الأصيلة المثقفة التي أرست للقصة مكانًا راسخًا في أدبنا العربي، وتحول في بداية كتاباته من العامة إلى اللغة العربية الفصحى، حيث كانت بدايته تميل بشكل واضح إلى استخدام العامية دون تحفظ، ولكن بعد ذلك قاطعها مقاطعة التحريم، ويكشف محمود تيمور عن سبب ذلك في حوار أجرى معه في الستينيات، ونشره فؤاد دوارة في كتاب عشرة أدباء يتحدثون، فيقول: "وجدتني منذ فجر حياتي الأدبية يتنازعني عاملان جوهريان، عامل المحافظة على القديم والاعتداد به، وعامل التجديد ومجاراة سنة التطور، لافتًا إلى أنه ورث العامل الأول عن أبيه، والعامل الثاني يرجع إلى شقيقه محمد تيمور".

وأضاف: "كان أبي من ذوى الحمية للغة، لا يدخر وسعًا في سبيل إحياء تراث العرب، وله في شتى ميادين البحث العلمي واللغوي والتاريخي مؤلفات لها وزنها، وإني لأضع على رأسها،  معجم الألفاظ العامية، الذي تتولى اليوم نشره الدار المصرية للتأليف والترجمة، وهو معجم يدرس الكلمات الشائعة في حياتنا العامة، ويردها إلى أصولها، وينقب في الدخيل منها عن مقابلة في الفصيح، أما أخي محمد فقد كان أديبًا فنانً نهل من الأدب الفرنسي ما نهل، وتأثر بالثقافة الأوربية العصرية تأثرًا استبانت ملامحه فيما هتف به من دعوات، وفيما أنشأ من قصص ومسرحيات".

وأوضح: " فأنا في الحق مزاج من أبي وأخي، ولعل تعجب إذا قلت إني كنت في محاولاتي القصصية الأولى أوثر المصطلحات العربية الفصحى عى الكلمات المستعملة الشائعة، فاتخذت لفظ المسرة، بدل التليفون ولفظ الصفة برل البوريه، هذا على حين أني كنت أوثر العامية الصميمة لغة الحوار القصصي، وقد بدأ ذلك واضحًا في بواكير مؤلفاي الشيخ جمعة وعم متولى والشيخ سيد العبيط، ومازالت حيتي الأدبية صراعًا بين المذهبين أو بين لغة الكتابة والتدوين والمشافهة والحديث".

وتابع: " وفي وسعىأن أصارح بأن تجاربي في التأليف طوال الأعوام السالفة أقنعتني بأن الأدب الجدير باسمه في لغتنا العربية وحياتنا القومية يقوم على دعامتين: تعبير مشرق يعول أكبر ما يعول على بلاغة الفصحى واساليبها البيانية، وفي أصيل رقيق يرتوي من ينابيع الثقفة العصرية في أوسع نطاق، ومهما يكن من أمرى، فإني أعد نفسي امتدادًا لشخصية أبي وشخصية أخي معًا، أحس روحيهما تهيمنان علي وعلى وجداني، وتوجهانني اوجهة إلى ترضياتها بظهر الغيب في عالمهما النوراني، وإني بذلك جد سعيد".  

محمود أحمد تيمور، كاتب قصصي، ولد في القاهرة في أسرة اشتهرت بالأدب؛ فوالده أحمد تيمور باشا الأديب المعروف، الذي عرف باهتماماته الواسعة بالتراث العربي، وكان "باحث في فنون اللغة العربية، والأدب والتاريخ، وخلّف مكتبة عظيمة هي "التيمورية"، تعد ذخيرة للباحثين إلى الآن بدار الكتب المصرية، بما تحوي من نوادر الكتب والمخطوطات" وعمته الشاعرة الرائدة عائشة التيمورية،  صاحبة ديوان "حلية الطراز"، وشقيقه محمد تيمور هو صاحب أول قصة قصيرة في الأدب العربي.