الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ليبيا.. هل تكون أفغانستان الأتراك؟


عندما تمس القضية وطني، فلا مجال للمهادنة ولا لكلمات دبلوماسية ولا أعذار يمكن قبولها من أردوغان أو الموالين له في ليبيا، أو حتى الجماعة التي تنتصر لأحلامه في كل من تونس والجزائر.


صحيح أن أردوغان وعلى مدى الـ7 أشهر الماضية، ومنذ توقيع اتفاقياته المشؤومة مع حكومة الوفاق نوفمبر 2019 الماضي، يقوم بكل الألعاب المقبولة والمحظورة والقذّرة في ليبيا، من أجل أن يؤسس له موضع قدم فيها هو وقواته والمرتزقة الذين جلبهم على مرأى من العالم كله، من سوريا ومن بقايا الحرب الأهلية هناك.  وصحيح أن القوات أو بالأحرى الميليشيات التي تحكم تحت أجنحة حكومة الوفاق، التي يقودها فايز السراج في ليبيا حققت بعض المكاسب مثل استعادة بعض مدن الساحل الغربي واستعادة قاعدة "الوطية" الاستراتيجية وترهونة ومحيط العاصمة طرابلس، لكن المعلوم من السياسة بالضرورة وينبغي أن يكون في ذهن أردوغان، أن "ابتلاع ليبيا" بالكل سيؤدي إلى شق كبير في وجهه، لو فكر أردوغان في أن يبتلع المنطقة الشرقية، كما فعل مع المنطقة الغربية في ليبيا فإن في ذلك ستكون نهايته، وستكون قفزة النهاية له ولقواته والأسباب كثيرة:


فمصر وعلى لسان الرئيس السيسي، وبعد إعلانها المبادرة السياسية لحل الأزمة المتجذّرة في ليبيا، بوقف إطلاق النار وبالعمل على انتخاب مجلس رئاسي جديد، وكتابة دستور جديد في ليبيا، وقبل ذلك الحفاظ على وحدة ليبيا التاريخية وعدم تقسيمها، تقول بوضوح لأردوغان والرسالة واضحة أنه يكفي ما حققته، وهو قبض ربح وخسارة معركة لا تعني خسارة الحرب في ليبيا، لكن أي تحرك زائد، وراء أوهام إخوانية او ميليشياوية في ليبيا ستحول ليبيا كلها إلى بحور من دم وهذا هو كلام الليبيين أنفسهم. فليبيا لن تقبل أن يمتطيها أردوغان ويحاول ان يجعلها منطلقا لأحلامه العثمانية الغابرة.


في نفس السياق، فينبغي ان يكون معلوما لصناع القرار في تركيا، أن مصر لن تسمح بحل عسكري في ليبيا وهى قادرة على ذلك بحكم الحدود المباشرة مع ليبيا، كما لن تسمح بأن تبتلع جماعة الإخوان الإرهابية ليبيا ومقدراتها، وتصبح الكلمة الفصل في يدها، والأسلم للجميع هو الاصطفاف وراء المبادرة السياسية المصرية الشاملة لأنها لا تنبذ أحد وتجعل القرار في يد الليبيين من أوله إلى آخره لكنها تطرد المرتزقة والأتراك بعيدًا عن المربع الليبي وهو حق لليبيين قبل أي أحد آخر.


ونعود لأردوغان، وهذه المرة ليبيا ليست سوريا، وليست على حدوده وليكن واعيا لذلك بشدة، فإن استمراره وهو صاحب القرار اليوم في طرابلس، وقد اعترف بدور جنوده وقواته علنا في استعادة المدن التي كان يسيطر عليها الجيش، إن استمر في أوهامه وأحلامه الخبيثة، فإن ليبيا على الأغلب ستكون "أفغانستان تركيا" وستكون مستنقعا لم ير مثله في أسوأ كوابيسه..


القضية جد ولا تحتمل الهزل ولا تحتمل أوهامه المغرضة وأحلامه الخبيثة. كما أن ما ينبغي أن يعرفه أردوغان أو ربما لا يعرفه من خلال "جوقة الكهنة" والمداهنين حوله، أن كل خطوط إمداده لليبيا مكشوفة تماما سواء كانت طائرات أو سفنا وهو نفسه في ليبيا مكشوف تمامًا، ولا يمكنه الاحتفاظ بالمدن والبلدات التي سيّطر عليها. 


على حكماء تركيا وعلى المعارضة التركية القوية النزيهة، أن توضح له أن ليبيا ليست سوريا . إنها باختصار ليست على حدود بلده، ولن تكون له فيها أماكن آمنة لقواته، ولكنها في لحظة قد تتحول لـ "أفغانستان 2" بالنسبة للترك وساعتها لن يستطيع لا الخروج ولا الدخول اليها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط