الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اكتئاب الطفولة اكتئاب عائلى


تتشكل شخصيتنا منذ السنوات الأولى من حياتنا ، من خلال ما نتعلمه ونشاهده ونستمده من الجو العائلى وسلوك الوالدين والاهل ، فالطفل يولد صفحة بيضاء ، يولد على الفطره ، ثم يقوم الوالدان منذ بدايات الحمل بتشكيل وتطويع وجدان وسلوك الطفل وابتداء رحلة طويلة من رسم الخطوط والملامح المميزة لطبيعة شخصية الطفل منذ سنوات الميلاد الى ما بين الخمس والسبع سنوات الاولى من حياة الطفل.

 

فنتاج تلك السنوات هو ما يميز شخصية المراهق او الشاب نتيجة ثمرة ونتاج مرحلة السنوات الاولى من حياة كل منا ، ونجد أن أى أضطراب أو مشاكل نفسية وسلوكية أو أمراض نفسية ما هى إلا نتاج لأضطراب اسرى وخلل فى وظائف الأسرة أنتج شخصية مختلة وظيفيا ، وهذا ما نطلق عليه فلان معقد وهذا مضطرب وذاك لديه مشاكل نفسية.

 

وعندما نتحدث مع بعض الاشخاص عن طفولتهم نجد من يسرد لك طفولة سعيدة وجو أسرى دافىء يسودة الود والتعاطف والشعور بالأمان والاستقرار العائلى وتوزيع الأدوار بين أفراد الاسره جو عائلى يسوده المرح واللعب والمزاح والجديه والالتزام وتحمل المسؤليه وأعباء الحياه والتعامل مع الضغوط ومواجهة الازمات بشكل تعاونى بين أفراد الاسره ، وينعكس هذا الجو العائلى على سلوك ووجدان الشخص الذى يحدثك عن ذكريات الطفولة بما لها وما عليها بشكل به أعتدال وبناء اسرى له قواعد محددة وثابتة تنعكس على منطق وتفكير الشخص المنبثق من تلك الاسره وهذا من نطلق عليه هذا الشخص من بيئة جيدة وبن اصول وتربية عالية.

 

وهناك من نتحدث معهم عن طفولتهم واسلوب التربية والجو العائلى وهو طفل نجد ما نطلق عليه طفولة بائسه وجو أسرى محبط قائم على القسوه والتسلط والعدوانيه والتباعد الجسدى والعاطفى جو يسوده الغيرة والعناد والحرمان والسلطه كلها فى يد شخص واحد فقط وهناك أفراد يشعرون بالقهر والظلم وعدم التعبير عن المشاعر ، جو أسرى خالى من المرح واللعب والاعمال المشتركة والتعبير بحرية عن المشاعر والاحلام والامانى اسره تسودها الانانية والانعزالية والانامالية ، ودئما ما ينعكس الجو العام لتلك العائلات السلبية على اسلوب تفكير أفرادها وتعامله مع المجتمع المحيط ويشيع لدى أفرادها العديد من الاضطرابات الوجدانية والسلوكية والمشاكل النفسية التى تتطلب التدخل لانقاذ افرادها وترميم البناء الاسرى المختل لتلك العائلات.

 

ومن المتعارف عليه فى ادبيات علم النفس والعلاج النفسي والعلاج الاسرى ، أن أضطراب الأطفال أضطراب عائلى ، أى أنه ينتقل عبر الاسره ومن الممكن أن ينتقل الأكتئاب الى الطفل بشكل مباشر أو غير مباشر ، فلنتخيل سويا أم او أب يعانى من اكتئاب ونظرته للامور سوداويه وافكاره سلبية وعلاقاته الاجتماعية منقطعة أم ملاصقه للطفل ومنعزله وتبث فيه روح السلبيه والنظرة التشاؤمية والشعور بالوحدة سواء من خلال السلوك التى تمارسه داخل المنزل وامام الطفل تعامله مع افراد العائلة والاهل والجيران اليس كل هذا يشاهده الطفل بل ويمارس عليه ايضا هل جهاز استقبال الطفل مغلق لاستقبال سلوك ومشاعر ووجدان الام او الاب ام ان الطفل يحاكى ويقلد ويقوم بعملية نمزجه ومخططات معرفية تشكل طريقة تفكيره وسلوكه ومشاعره وتصبح نتاج لما شاهده وتم ممارسته امام عينه.

 

هل الام التى تعانى من اكتئاب او مشاكل نفسية هل لديه القدرة على تبادل المشاعر والحنيه والتعاطف والاهتمام والرعايه بالطفل حتى ينشاء فى بيئه صحية أم ان تلك الام أو الاب يفتقد ادنى مستويات التفاعل الوجدانى السليم او الايجابي وبالتالى ينتج عنه طفل تنقصه المشاعر والاحاسيس الطبيعيه ويصبح فى الكبر سواء فتاه او شاب يبحث عن تلك المشاعر والاحاسيس بطرق مضطربه كرغبه جانحه وملحه للاشباع بشكل فورى دون اى اعمال للعقل او للتقاليد والاعراف واحيانا التعاليم الدينيه ، ومن هنا تنشا العقد النفسية والسلوك المضطرب والمشاكل النفسيه التى لايجد العامه تفسير أو مبرر لها ونحاسب عليها الشاب او الفتاة بل نوصم البعض ونتنمر بالبعض الاخر ونرفض البعض ونتهم البعض الاخر ويصل الامر لارتفاع نسب الجرائم والطلاق والادمان والانتحار وارتفاع نسب الاضطرابات النفسية والمشاكل السلوكية فى المجتمع.

 

الامر فى غاية الاهمية والخطوره والنواه الحقيقيه للعديد من تلك المشاكل هى  التنشئة الاسريه والبيئة العائليه منذ نعومة أظافر الاطفال بل منذ مراحل الحمل فى الجنين ، النصيحة الهامة لكل المقبيلين على الزواج ولكل من زرقهم الله عز وجل بمولود جديد ولكل اسرة تعانى من صراعات وتصدع فى بناءها النفسي والاجتماعى ، لكل هؤلاء نحن نحتاج ان نقراء ونسمع كل ما يخص تربيه الابناء والاهتمام بهم وليس كل اهتمامنا بتوفير الاحتياجات الاساسيه لهم فقط الامر يتعدى ذلك بمراحل اولادنا يحتاجون لرعاية وامان وحنان وتوفير بيئة ايجابية وجو امن وتواصل لفظى وجسدى ، الوقاية خير من العلاج ، وأذا لم تجدى الوقايه فلنطلب المشوره أو لتدخل .

 وللحديث بقية 


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط