الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الخطر التركي على القلب العربي


قواعد تركيا في الدول العربية ذات خطر كبير على الأمن القومى العربي، فهناك قاعدة في قطر بحجة حمايتها ضد أى هجوم خارجي. ولا ندرى ما دور هذه القاعدة تجاه القواعد الأمريكية العملاقة على أراضى قطر والتى لا تقارن ضخامتها واستعداداتها العسكرية بقاعدة تركيا التى فيما يبدو ليست سوى بذرة لقاعدة كبيرة قد تخلف القواعد الأمريكية كبديل لها، حيث إن تركيا إحدى دول حلف الناتو ويعتمد عليها الحلف في تنفيذ مهام بالمنطقة المشتعلة ويفعل من خلالها كدولة إسلامية ما لم يمكنه فعله مباشرة.


هناك أيضا قواعد لتركيا في الصومال وهو بلد منهار أمنيا وتسيطر الجماعات الجهادية السلفية على مقدراته وتمنع حتى الآن قيام حكم قوى مستقر ومسيطر على مجريات الأمور يتناسب مع أهمية موقع الصومال الذي يشرف على ساحل خليج عدن الجنوبي وما له من أهمية إستراتيجية كبرى بالإضافة إلى أهمية موقع الصومال بالنسبة للمحيط الهندي والقواعد العسكرية به تهدد أمن دول القرن الأفريقي مدخل البحر الأحمر الجنوبي.


والأمر الكارثي هو وجود قواعد تركيا في ليبيا والتي ستهدد أيضا دول شمال إفريقيا لاسيما الدول العربية، فالتهديد يطال مصر وتونس والجزائر مباشرة وما لم تتكاتف هذه الدول لوقف هذا الزحف العسكرى التركي على العالم العربي بمباركة حلفائها من دول الناتو والذي قام بأكبر عملية عسكرية ضد ليبيا في 2011 لإسقاط ليبيا بزعم الانتقام للثورة "السلمية" في مخطط بعض دول الحلف لزعزعة الأوضاع في المنطقة العربية تحت عنوان "الربيع العربي".


وأما الوجود التركي في شمال العراق وسوريا، فلم يقتصر على القواعد، بل على شن حروب مباشرة واحتلال أراض احتلالا عسكريا مباشرا ينتمى في شكله لحقب عصور الاستعمار القديم مع صمت عالمى مريب من غالب الأطراف.


إذن فتركيا موجودة في الدول العربية الآتية وجودا عسكريا مباشرا يمس سيادة وكرامة هذه الدول مساسا مباشرا وهي:

1- سوريا
2- العراق
3- ليبيا
4- الصومال
5- قطر

وبنظرة فاحصة لمواقع القوات والقواعد العسكرية التركية على خريطة العالم العربي، تجدها في حال تمهيد لتطويقه شمالا وشرقا وجنوبا وغربا وكل ذلك جهارا نهارا دون تحرك جماعى لوقف هذا الخطر التركي الذي يتم التمهيد له بمعاونة الإعلام القطري والإعلام الغربي.


ولم يكد يقف في وجه الانتشار التركي في العالم العربي والتنبيه لخطره الداهم سوى مصر وحدها، خاصة أنها الدولة المقصود تدمير قدراتها بإشاعة الفوضى وشن حروب الإرهاب المدعوم من تركيا علنا لإضعافها ماديا ومعنويا وهو ما تعمل تركيا ليل نهار مع بقية حلفائها على تنفيذه وكانت قد نجحت بالفعل في  قطع خطوات حقيقية فيه بتوصيل جماعة الإخوان إلى سدة الحكم في مصر ومساعدتهم في بلاد أخرى تحت اسم الثورات العربية.


وكاد مشروعها يتم لولا إحباط مخططاتها في مصر بإسقاط حكم حلفائها من الإخوان في 30 يونيو 2013  وهو ما رفضت تركيا الاستسلام له واستقدمت عناصر معارضة الحكم في مصر كلاجئين إلى أراضيها لبدء حرب إعلامية شعواء بالدعوى المتكررة للثورة بشتى السبل حتى أنها قامت عن طريق جماعة الإخوان بالتحالف مع مجموعات تتناقض فكريا ومنهجيا مع فكر الجماعة ومشروعها المعلن والذي يتخذ من الإسلام شعارا براقا،  لكنها بتحالفها مع هذه العناصر تستفيد من خبراتهم لاسيما الإعلامية، في الهجوم على مصر القوة الوحيدة التى يمكن أن تتصدى لمخططاتها سياسيا ودبلوماسيا، بل وعسكريا إن لزم الأمر وهو ما يمكن أن يسبب خطرا داهما على الأمن العالمى لإمكان حدوث مواجهة يكون مسرحها حوض البحر الأبيض المتوسط وقد تمتد إلى البحر الأحمر وهما من أهم بحار العالم ونشوب أي صراعات عسكرية في مياههما سوف تصيب حركة التجارة العالمية بما يشبه الشلل.


ولكن لما تملك تركيا اليأس من إشاعة الفوضى في مصر أو إقامة نظام عميل لها كما حدث في قطر وغرب ليبيا، سعت تركيا بكل قوة إلى الضغط على مصر عن طريق إشاعة الفوضى في ليبيا والسودان بوصفهما يشكلان لمصر عمقين استراتيجيين في منتهى الأهمية ولن تنسى تركيا أبدا تلك الصفعة التى وجهتها مصر إليها بإفشال إقامة قاعدة تركية عسكرية في جزيرة سواكن السودانية في البحر الأحمر والتى كان من شأنها لو حدثت، أن تصبح شوكة لا تحتمل لأمن مصر القومى.


ولا ننسى كذلك أن تركيا هى عراب سد النهضة الإثيوبي الأول والأساس، حيث كانت الشركات التركية بالتعاون مع جهات أخرى هي التى وضعت اللبنة الأولى في السد تخطيطا وتنفيذا ومازالت تغرى إثيوبيا بالدعم المالى القطري الواقع بكامله تحت السيطرة التركية، مع كل جلسة مفاوضات بشأن السد، لاتخاذ مواقف متعنتة تأتى فجأة في أثناء سير التفاوض فتنسحب أثيوبيا أو تعرقل أو تماطل.


وليعلم العرب أن قواعد تركيا في قطر أو ليبيا أو الصومال، مع وجودها السافر كقوة احتلال عسكري في سوريا والعراق، تستهدف أمن كل الدول العربية لتحقيق السيطرة الكاملة في مشروعها التوسعي بمساندة قوى غربية - وهم أصل أهل الشر- على طرق المواصلات البرية والبحرية بجانب أهمية الموقع بالنسبة لمصر للمواصلات الجوية  وهو ما أشار إليه الرئيس الأمريكي روزفلت في مروره  الشهير بالبحيرات المرة  وهو في طريقه إلى طهران للقاء قادة الخلفاء المنتصرين إثر الحرب العالمية الثانية.


ولا أدرى سبب هذا السكوت العربي أمام التهديد التركي الذي لا يتورع عن العدوان الغاشم على شعوب وأراض عربية في مواقع غاية في الخطورة، فهل من مجيب؟!

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط