الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دروس الحياة الجديدة مع جائحة كورونا


ستمر أزمة جائحة كورونا آجلًا أو عاجلًا .. جاءت هذه الجائحة كحاجز زمني توقفت وتباطأت معها الحياة ووصل التوقف إلى حد السكون التام في بعض الأوقات ..

جاءت الجائحة اختبارًا لسكان هذا الكوكب. تعثر البعض، وارتبك البعض، وتفّكر البعض، ونجح البعض وأخفق البعض وغاب البعض فقدًا واستثمر البعض في منحة الوقت التي منحتها جائحة كورونا مع العزل والتباعد. تجلت انسانيات البعض تفاعلًا مع أحداث وتطورات الجائحة وانكشف خبث البعض في الاختبار وسقطت أقنعتهم مع ارتداء قناع الوجه للحماية من الفيروس.
 
الخوف ..
تغلغل الخوف إلى قلوبنا وأرواحنا وأصبح أحد معالم المرحلة التي يمر بها العالم مع هذه الجائحة .. من تعلم أن يختار الحياة على خيار جدران سجن الخوف من فيروس كورونا فقد اجتاز الجزء الأكبر من اختبار الجائحة.  وبالرغم من تضخم حالة الخوف فالخوف ليس من مظاهر الحياة ومقوماتها. الخوف يقتل الحياة. .. ولكنه ظهر كوحش كاسر مع تفشي الفيروس داخلنا وكأن الحياة قررت مصارعته على الملأ أمام أعينا. والحقيقة إنه لا يجدي وجود عدو خفي مستتر يهدد الحياة. فكان على الحياة أن تأتي به إلى حلبة المعركة  وتخلصنا من خوفنا وجاءت به في جائحة. وانتصر على الخوف الملايين في معركة الحياة مؤكدين على أن البقاء للحياة وليس للخوف.

الأولويات ..
عندما تربعت السلامة أعلى قائمة معركة البقاء. جاءت السلامة ومعها معاونيها ليقوموا بعملية احلال وتجديد لمظاهر الحياة أيضًا. فلم تعد السلامة هي الوقاية من الفيروس فقط بل اصبحت السلامة النفسية والعاطفية والجسدية وراحة البال وجميع أنواع السلامة تتكامل ومعاني الحياة، تحقق مفهوم أعمق وأقوى للحياة وهو ما تتطلب من الجميع إرساء قواعد جديد للأولويات. تغيرت أولوياتنا وتغيرنا معها وغيرنا الحياة للأفضل عندما هاجمتنا الجائحة..

المناعة ...
لم تعد المناعة هي سد حاجة الجسم مما ينقصه. لم يعد التعامل مع مناعة الجسم عندما يصيبنا بالمرض .. تطّور مفهوم المناعة مع جائحة كورونا وازدادت أهمية المناعة في حياتنا كلما حاول فيروس كورونا أن يحكم قبضته علينا .. بدأنا نبحث عن مناعتنا بشغف في كل تفاصيل حياتنا ونعزز من موقفها ونمنحها المزيد من الثقة لتمنحنا كل مقومات الحياة التي نستطيع أن نقاوم بها فيروس كورونا .. أثبتت الجائحة إن مناعتنا هي المنجاة وكنا قد تناسيناها بعد الشئ .. لهونا بأمور لا قيمة لها أضعفت من مقومات الحياة فعادت الحياة تذكرنا بها في اختبار لجائحة. تذكرنا الحياة مجددًا أن الحياة داخلنا وفي مناعتنا. الحياة أحد أسباب استمرارها المناعة. 

الحياة ..
حياتنا ونظرتنا لها. كنا نظن أن الحياة مجرد عبورًا. نعبرها بلهو أو استهتار أو نعبرها ونحن نمضي وقتًا تضيع فيه حياتنا في روتين حياة أو علاقات أو أماكن لا قيمة لها لا تثري حياتنا حتى جاءت جائحة كورونا وتوقفنا جميعًا وأصبحت الحياة مهددة بفيروس كورونا وأصبحنا مهددين معها .. فتغيرت ملامح عبور الحياة حتى لا نصبح مجرد عابرون بل نريد أن نكون صانعون لحياة ترضى بها عقولنا وقلوبنا وأرواحنا. العبور يقلل من ثراء رحلة عبور الحياة ويقلل من معانيها. البحث عن السعادة وعن من تسعد معهم قلوبنا أصبح مدرجًا في جدول أعمال قلوبنا وبشدة.. اصبح مرور الحياة لفقراء الروح .. اصبح الثراء الحقيقي في ثراء الرحلة مع من تسعد معهم ارواحنا وقلوبنا .. تخلصنا من الزائف وتمسكنا بالصادقين. تخلصنا من المعرقلين لأنفاسنا ولحياتنا باتت محاولاتنا أن نتنفس حياة جديدة. فلم يعد هناك مزيدًا من الوقت لنعطيه أو نهدره مع من لا يستحقون أو مع من يعيقوا مسارات الحياة .. هكذا علمتنا الجائحة أن نتمسك بالعبور الثرى حتي لا نصبح فقراء لمعاني الحياة فانفقدها في غمضة عين .. علمتنا الجائحة التي تصيب جهازنا التنفسي أن نتنفس الحياة بطريقة جديدة ضمانًا لاستمرار الحياة.

 روتين الحياة ..
كشفت ازمة كورونا عن من كان يركن على فقاعة من روتين الحياة السهل .. ما كنت تستسهله لم يعد له قيمه .. والاستسهال سقط من قاموس الحياة ولن يعود حفاظًا على الحياة ومقوماتها.
 
علمتنا جائحة كورونا أن نبحث عن علاقات حقيقة صادقة تدعمنا ولا تنافسنا طوال الوقت وتنافس مسارات حياتنا .. علمتنا أن نبحث عن علاقات أمينة تُعرفنا على معدننا الحقيقي وتؤكده وتدعمه وتشد من أزره ولا تضعنا في مواقف مقارنة طول الوقت ترهقنا .. المعادن الأصيلة تظهر في الأزمات وجميعنا بحاجة للتأكيد على هذه المعادن الأصيلة بعد أن ظهر منها نسخًا مزيفة كثيرة. فى مواجهة النفس والتعرف عليها من جديد من أكبر معارك الحياة. فالحياة لا تعش على الهش والمزيف مهما طال الزمن. تحتاج الحياة للأصالة والأساس والجذور كي تستمر.

وأخيرًا من لم يتعلم خلال الجائحة أن يهدأ فلن يتعلمه .. علمتنا أزمة جائحة كورونا أن نهدأ .. الدرس الأكبر هو نهدأ وسط العاصفة ووسط الخوف .. من لم يختر الهدوء على الارتباك لم يتعلم .. من لم يختر سعادته وراحة باله على الخوف ومشاعر الخوف لم يتعلم ... من لم يختر أن يتعلم السكون فلم يتعلم أن ينصت .. والإنصات جزء من حكمة الحياة وحكمة الكون .. فالحياة ودروسها تأتينا في التغيير والحركة والصخب ولكن تأتينا معاني الحياة الحقيقية في السكون … وعندما يسكن الكون يحدثنا ببلاغة شديدة توقظنا من عتمة كنا نظنها نهارًا. هكذا جاءتنا المعاني الجديدة للحياة مع جائحة كورونا من قلب العتمة..  

تأتي الحياة ودروسها ترتدي الفرح مرة والحزن مرة أخرى وها هي معاني الحياة تأتينا مع أزمة فيروس كورونا .. الحياة تعزز نفسها وقوتها بدروس واختبارات .. ترتقي بمفهوم الحياة ومقوماتها لمستوى آخر بمعطيات جديدة وعلينا أن نرتقي معها حتي نعبر عبورًا ثريًا يليق بإنسانيتنا..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط