الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وأد البنات.. عاد!



سألتني صديقة صحفية عن رأيي في الفيديو المتداول على وسائل التواصل الاجتماعي لرجل كسر عظام أبنته الرضيعة لرفضه انجاب الإناث،.. قالتها وهي على يقين أنني سأحدثها عن ضرورة إجراء تشريع قانوني للكشف عن الصلاحية النفسية قبل الزواج، وهو ما طالبته من خلال مقالي "انتحار الأبوة" الذي نشر بموقع صدى البلد منذ أسبوع، وكان سؤالها تعليقًا عليه.. وجائز تصورت أنني سأذكرها بالتغيرات السياسية والاجتماعية التي مرت بها البلاد خاصة خلال فترة الأخوان وما قبلها، وأخذت البعض لمتاهة من الأفكار الرجعية المتطرفة حد وصولنا لوأد البنات!..

في الحقيقة كل ما سبق حقيقي، ولا يمكن إنكاره.. لكن هذه الحادثة أخذتني لما هو أخطر وأهم،.. ليس لتجرد هذا الرجل المسمى "أب" من إنسانيته لكن لزواجه ثلاث مرات.. وفي كل مرة يطلق لإنجاب زوجته أنثى، وما أن يتركها ويروح لأخرى حتى تقبله وأهلها دون أدنى خوف من ألا يختلف مصيرها عن من سبقتها!.. وهنا تساءلت، كيف ترضى امرأة لنفسها بهذا الوضع؟! وماذا عن نظرتها لذاتها في مرآتها؟!

والغريب أن هذا الحادث جاء في الوقت الذي نحتفل فيه نحن النساء بثورة 23 يوليو والتي كانت نقطة فارقة في حياة المرأة المصرية لما حققته من مكتسبات سياسية، اجتماعية، واقتصادية، بدءً من حق الترشح والانتخاب وفقًا لدستور1956، وانتهاءً بالمكتسبات التي حققناها في ظل قيادة سياسية تقدر المرأة وتدعمها لتصبح بعد ثورة 30يونيو محافظة، ومستشارة للأمن القومي، فضلًا عن تعديل دستوري منحها ما لا يقل عن 25% من مقاعد البرلمان.. الأمر الذي يؤكد أن ما تعانيه النساء من تمييز ضدهن لا يرجع لتشريعات وقوانين أنما لنظرة ذكورية ومفاهيم مغلوطة لازالت تعشش في عقول البعض.. وأولهن المرأة ذاتها!.

فلو أمنت بنفسها واكتمال شخصيتها ما سمحت لأحد التقليل منها، واعتبرها مجرد وعاء للإنجاب وتحملها مسئولية نوع الجنين رغم أن العلم أثبت أن الرجل هو الذي يحدده وليس هي، والأعجب أن تشكو من هذا الرجل ألا إنسان لتكسير عظام صغيرتها رغم أنها رضيت به مع علمها بطلاقه من قبل ورفضه أبوة بنات من صلبه!..
ورغم أن هذه الحادثة قد تكون فردية لكنها تنم عن قضية كبرى ألا وهي النظرة الدونية للمرأة، فلا يزال البعض يضعها في مرتبة أقل من الرجل.

 لذا أرى أن تصحيح تلك المعتقدات البالية يحتاج إلى خطة ممنهجة متكاملة،.. تبدأ بتعليم تضاف لمناهجه معلومات تساوى بين الذكر والأنثى باسلوب مبسط وغير مباشر، و ندوات تثقيفية يحاضر فيها كبار الكتاب والمتخصصين لإبراز دور المرأة ليست كنصف المجتمع فحسب بل ككله، باعتبارها  المسئولة عن إنجاب وتنشئة نصفه الثاني.. وإعلام يناقش قضايا المرأة بحيادية تامة دون تحيز لكونها أنثى أو العكس، ويكون لها دليل أرشادي تكتسب عبر وسائله الثقة في الذات، فتنعكس صورتها المعتزة بإمكانياتها على من حولها فينظرون لها نظرة مماثلة، وأعمال درامية تكشف عن نماذج نسائية إيجابية، فلازلت أذكر تلك الأرملة المكافحة التي عملت بكل كد واجتهاد لتحافظ على أولادها وتربيهم وحدها فضلًا عن كونها نعم الابنة البارة بوالدها وهو الدور الذي جسدته الفنانة يسرا في مسلسل "أين قلبي" للكاتب المتميز مجدي صابر وعرض عام 2002ومازال محفور على حائط ذاكرة المشاهد حتى الآن.. والأهم من كل ما سبق خطاب ديني مستنير يصحح التفسيرات الدينية المغلوطة التي يروج لها بعض مشايخ التطرف عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبين أروقة الزوايا الخلفية بالقرى والنجوع والحواري الضيقة.

باختصار، الخلاص من التمييز ضد الإناث يعتمد على تصحيح المفاهيم غير الصحيحة وإلا عدنا لوأد البنات ليس بالفعل بل بالفكر!..   
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط