الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

معتز الخصوصي يكتب: خناقة بوركيني الساحل

صدى البلد

انتشر خلال الأيام القليلة الماضية فيديو متداول على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى قام بنشره شخص يدعى مصطفى حسن عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك" وهو فى حمام سباحة داخل إحدى قرى الساحل الشمالى ، حيث ظهر فى الفيديو مشادة بينه وبين إحدى السيدات والتى حاولت إخراج زوجته من حمام السباحة لأنها ترتدى ملابس قطنية على حد قولها ، والتى يعتبر ممنوعا النزول بها حمام السباحة منعا لانتشار الأمراض. إلا أن زوجته ردت على هذه السيدة بأنها ترتدي المايوه الشرعى المعروف باسم «البوركيني» والذى يصلح لنزول حمام السباحة ، إلا أن الأمر تطور وحدثت مشادة بين زوجة مصطفى حسن والسيدة الأخرى ، وقالت الأخيرة للأولى: «المايوه (البوركيني) ده مؤذي للعين»، لترد عليها، قائلة: «أنا بنزل بالمايوه ده في أمريكا، مش هاقدر أنزل بيه في بلدي؟".


وبعد ظهور فيديو الساحل الشمالي والمشادة بين النزلاء حول البكيني والبوركيني أو المايوه الشرعي لنزول حمام السباحة ، تصدر المايوه البوركيني مؤشر البحث جوجل خلال الساعات الأخيرة، حيث لاقى هذا الفيديو ردودا كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعى " فيس بوك" ما بين تعليقات مؤيدة للسيدة التى ترتدى المايوه "البوركينى" وما بين تعليقات رافضة لموقفها.


وتداول رواد السوشيال ميديا خلال الساعات القليلة الماضية مجموعة من الصور لـ نجمات عالميات يظهرن بالمايوه البوركيني للحفاظ على لون بشرتهن، والظهور بمظهر بسيط وجذاب ، وكان أبرزهن الفنانة شاكيرا، وجينيفر لوبيز واللتان ظهرتا بمايوه بوركيني على البحر رفقة مجموعة من الأصدقاء ليبرز جمالهما، مما يؤكد أن المايوه البوركينى أصبح منتشرا فى المجتمعات الغربية أيضا وليس مجتمعاتنا العربية فقط.


للأسف أظهر فيديو الساحل ثقافة أصبحت منتشرة فى مجتمعنا الآن وهى الاعتداء على مفهوم الحرية الشخصية والذى تمثل فى عدم تقبل الظهور بملابس معينة مثل المايوه الشرعى " البوركينى "، فى حين تقبل الظهور بالمايوه البكينى ، وهذا يجعلنا نتساءل هل الحرية الشخصية فى ارتداء الملابس أصبحت مجزأة أم أنها تقاس بالمعتقدات والآراء الشخصية ، هل نقبل فى المجتمع تفشى العرى ولا يتحدث أحد عن ذلك ويهاجمه، وحينما نتحدث عن الاحتشام نجد وابلا من الهجوم لمجرد اختلاف ذلك مع ميول وآراء أشخاص معينة؟.


ولعل أبرز ما ذكرته سيدة "البوركينى" فى هذا الفيديو أنها حينما كانت تسافر إلى ولاية كاليفورنيا فى الولايات المتحدة الأمريكية ، كانت تنزل حمام السباحة بالمايو "البوركينى" ولم تتعرض لهذه المضايقة خارج بلدها ، فى حين تعرضت لهذه المضايقات داخل بلدها ، الأمر الذى يعكس أن مجتمعنا أصبح لا يحترم الحرية الشخصية وينظر إليها من منظور أحادى فقط.


هل أخطأت سيدة البوركينى لأنها أرادت أن تكون محتشمة فى مجتمعنا الإسلامى لكى تجد كل هذا الهجوم غير المبرر من النزلاء فى حمام السباحة؟، فى الحقيقة أنها لم تخطئ ولكن المجتمع هو الذى أخطأ فى حقها لأنه صنف الحرية الشخصية حسب ميول كل شخص بما يتفق مع آرائه وأهوائه.


واستفزنى كثيرا ما ذكرته السيدة التى تشاجرت مع سيدة "البوركينى" فى هذا الفيديو ، بعد ما قالت إن المايوه (البوركيني) " ده مؤذي للعين»، هل أصبح الاحتشام أمرا مؤذيا للعين فى مجتمعنا ، وهل العرى وارتداء المايوه البكينى لا يؤذى أعيننا؟ ، كل ذلك يؤكد أن الحرية الشخصية فى مجتمعنا أصبحت حكرا على أشخاص بعينهم دون غيرهم ، ماذا لو كل منا احترم الحرية الشخصية للآخر دون تجريح، هل من الصعب أن يحدث ذلك فى مجتمعنا الذى من المفترض ان يتقبل كل الثقافات ولا ينظر للحرية الشخصية من منظور ضيق.


فى النهاية أود أن أقول إننا علينا جميعا أن نتقبل فى مجتمعنا آراء بعضنا البعض وأن نحترم الحرية الشخصية لبعضنا البعض ، وألا نتعدى على هذه الحرية الشخصية ، لأن كلا منا يطبق مفهوم الحرية الشخصية بالشكل الذى يرضيه ولا يتقبل أن يعتدى أى شخص على هذه الحرية، وبالتالى فلابد أن نؤمن بالديمقراطية الغائبة عن مجتمعنا ، وألا نحجر على الحرية الشخصية لأى شخص مادام لم يتسبب فى أى أذى ، وأن نطبق مقولة "أنت حر ما لم تضر".