تعد صناعة الغزل والنسيج من أقدم ما صنع الإنسان فى العالم وقد تطورت بمرور الزمن حيث أقدم الإنسان على استخدام الألياف النباتية والكتان والحرير منذ أكثر من خمسة آلاف عام فى الحضارات المصرية والصينية والهندية.
وفى مصر تطورت صناعة الغزل والنسيج على مر العصور ففي العصر الفرعوني صنع المصريون القدماء الأقمشة والملبوسات من ألياف الحلفا والكتان وإستخدموا الصبغات النباتية فى تلوينها وتظهر المومياوات المكتشفة دقة المنسوجات المصرية القديمة ومهارة صانعها وفى العصر القبطى ذاعت شهرة المدن المصرية بالمنسوجات القطنية حيث يضم المتحف القبطى فى مصر العديد من الأقمشة المزخرفة التي تعود للقرن السادس والسابع الميلادي.
وفي العصر الإسلامى أصبح للمنسوجات المصرية شهرة فائقة وعرف العرب روعة المنسوجات المصرية فاستبدلوا بها الثياب البدوية الصوفية الخشنة وأقبلوا عليها لنعومة الخامة ومهارة الصانع ثم كانت كسوة الكعبة المشرفة من مصر وفى العصر الحديث لعبت الألياف الصناعية تطورًا كبيرًا فى صناعة البذور والمنسوجات تميزت بنعومة الملمس وروعة الألوان فانتشرت على حساب القطن والبذور الطبيعية ومنسوجاتها.
وتطور صناعة الغزل والنسيج بدأت منذ عام 1820 فى مصر والتى اشتهرت بزراعة القطن طويل التيلة ليصبح الأجود على مستوى العالم ويصبح الغزل والنسيج من أهم الصناعات المصرية وشهد القرن التاسع عشر الميلادى تطورًا كبيرًا فأنشأت الشركة الأهلية للغزل والنسيج ثم أنشأ طلعت حرب فى عام 1927 شركة مصر للغزل والنسيج ليبدأ الإنتاج فى عام 1930.
ثم تطورت مصانعها وقدراتها الإنتاجية لتصل إلى 6 مصانع غزل و10 مصانع نسيج تستهلك حينها مليون قنطار من القطن سنويا لتتحول مصر فى عام 1948 إلى دولة مصدرة للغزل للعديد من دول العالم وبعد عام 1952 تم إنشاء القلاع الصناعية الكبرى للغزل والنسيج فى المحلة الكبرى وكفر الدوار وغيرها.
وكانت صناعات الغزل والنسيج والملابس من أهم الصناعات الإستراتيجية القادرة على تحقيق النمو المستدام حيث يتزايد الطلب على المنتجات المنسوجة بالتزامن مع الزيادات السكنية كما تعد من أكثر الصناعات كثافة فى العمالة ويبلغ حجم العمالة المباشرة فيها نحو 1,2 مليون فرد وتستحوذ هذه الصناعة وما يتعلق بها على نحو 27 % من حجم العمالة فى القطاع الصناعى المصرى ككل ورغم أن هذه الصناعة تحظى فى مصر بأهمية تاريخية واقتصادية كبرى.
خسائر بالمليارات وتدهور صناعة القطن في مصر
أن القطن المصري يعد من الأقطان المتميزة على مستوى العالم وكان لها دور مؤثر وفعال فى التجارة العالمية للغزل والنسيج إلا أن هذه الصناعة تعرضت فى مصر لسنوات عديدة مضت لكثير من التحديات أدت إلى تراجع الإنتاج السنوي من القطن فبعد أن كان يحقق حوالى 10 ملايين قنطار سنويًا فى الثمانينات تراجع إلى أقل من 2 مليون قنطار فى عام 2018 مشكل فى حينها أدنى مستوى له منذ أكثر من 100 عام وتقلصت مساحته المزروعة إلى نحو 330 ألف فدان فى عام 2018 بعد أن كانت تقترب من مليون فدان فى بداية التسعينيات.
فكان من تداعيات ذلك أن حققت العديد من شركات الغزل والنسيج خسائر قدرت بنحو 33 مليار جنيه وتراكمت ديونها فبلغت نحو 16 مليار جنيه وفقًا للبيانات الصادرة من البنك المركزى المصرى ورغم ذلك فإن صناعات الغزل والنسيج والمنسوجات والمفروشات ما زالت تكافح فى مصر من أجل البقاء لدعم الناتج المحلى والميزان التجارى حيث قدرت صادرات هذه الصناعة التي يشكل القطاع الحكومي منها نحو 65% وصادرات تقدر بنحو 3,3 مليار دولار فى عام 2019 وتمثل حوالى 15% من الصادرات المصرية غير البترولية طبقا للبيانات الصادرة من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
إلا أنه وعلى مدار العشر سنوات الأخيرة دائما ما تجاوزت الواردات إلى مصر من النسيج ومصنوعاته ما يتم تصديره من المنتجات المصرية منها وذلك وفقًا للبيانات الصادرة من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
بعض التحديات التي يمكن أن تواجه قطاع الغزل وصناعة الملابس والمنسوجات فى مصر والذى يضم أكثر من 13 ألف منشأة صناعية تعمل فى تلك المجالات والتى تتمثل فى ارتفاع تكلفة المواد الخام وتقادم العديد من خطوط الإنتاج والمنافسة الشديدة من المنتجات المستوردة وتراكم حجم الخسائر والديون على بعض الشركات.
الشركة الوطنية المصرية للتطوير والتنمية الصناعية
وبتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي قامت الشركة الوطنية للتنمية الصناعية إحدى شركات جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بإنشاء مجمع لصناعات الغزل والنسيج والصناعات الأخرى المكملة لها وذلك على مساحة 430 فدانا بمنطقة الروبيكى والذى يتكون من 7 مصانع وهى "مصنع إنتاج الغزل الرفيع بطاقة إنتاجية 1575 طنا من الغزل الرفيع سنويًا ومصنع إنتاج الغزل السميك ومصنعين لتحضيرات وإنتاج النسيج ومصنع لأعمال التريكو بالإضافة إلى مصنعين للصباغة والطباعة اللازمين لتكامل العمليات الإنتاجية.
وتم إنشاء هذه المصانع بالتعاون مع أفضل الشركات الأوربية العالمية المتخصصة فى إنشاء خطوط الإنتاج وفقًا لأحدث المعايير العلمية فى هذا المجال كما يتم حاليا فى نفس الموقع إنشاء عدة مصانع أخرى لإنتاج بعض المفروشات والملبوسات المخطط الإنتهاء منهم أبريل 2021 وذلك بالإضافة إلى مصنع لإنتاج الأثاثات الخشبية وآخر لإنتاج الأثاثات المعدنية ومخطط الإنتهاء منهم شهر أكتوبر من هذا العام.
وقد أتاح المجمع حتى الآن أكثرمن 1350 فرصة عمل مباشرة جديدة من مختلف التخصصات ومستويات التأهيل العلمى كما تم ربط آليات العمل بالمصانع المختلفة بمنظومة ERP الرقمية والتى ساعدت على تحقيق أعلى درجات الحوكمة والضبط الداخلى بكافة مراحل الإنتاج وذلك للإستغلال الأمثل للمواردوالاستثماراتالمتاحة.
مجم مصنع عملاق
تتكون مصانع المرحلة الأولى من مصنع الغزل الرفيع على مساحة 16500 متر مربع ويحتوى على 63 ماكينة والطاقة الإنتاجية 4.5 طاقة / يوم مصنع الغزل السميك على مساحة 19780 متر مربع ويحتوى على 63 ماكينة والطاقة الإنتاجية 9 اطنان /يوم ومصنع تحضيرات النسيج على مساحة 8500 متر ويحتوى على 5 ماكينات وتبلغ الطاقة الإنتاجية له 60 ألف طاقة/ يوم ومصنع النسيج المستطيل على مساحة 11.236متر مربع وتبلغ الطاقة الإنتاجية 30 ألف متر/ يومويحتويعلى 100 مكينه.