الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من يقول ليبيا مثل اليمن «ساقط جغرافيا»!


عقب موافقة البرلمان على تفويض الرئيس عبد الفتاح السيسي بإرسال قواتٌ عسكرية خارج البلاد، في ضوء التوترات التي تشهدها الجبهة الغربية لمصر، والتي تمسُ الأمن القومي بصورة مباشرة، بدأت "نغمة ناشزة" تصف الأمر بالتدخل العسكري ضد سيادة ليبيا، وتشبهها بالتدخل المصري السابق في اليمن بكل ما أسفر عنه من نتائج مؤلمة.

عازفو هذه النغمة الناشزة، ومن يتمايلون طربًا على ألحانها، هم في حقيقة الأمر "ساقطين جغرافيا"، فالبون شاسعٌ بين التجربتين، فقد غامر الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، عام 1962 بإرسال 70 ألف مقاتل لليمن على بعد 2000 كم، لإستنزافهم دون طائل وسط تضاريس وعرة، في تجربة مريرة، أسفرت عن 5 آلاف جندي مصاب، في معركة لا ناقة لنا فيها أو جمل، وخسارة ملايين الجنيهات، ثم تسبب هذه المغامرة بصورة واضحة في هزيمة حرب 1967، وكانت أهداف المغامرة حينها لا تتجاوز أحلام زعامة بمساندة نظام جمهوري ثائر ضد نظام ملكي قائم، أو حسابات خاطئة تتصل باعتقاد "ناصر" أن قرار التدخل السريع في اليمن قد يمنع احتمالات التدخل الخارجي المضاد.

على النقيض، فإن ليبيا إحدى دول الجوار، وترتبط مع مصر بحدود مشتركة يبلغ طولها نحو 1000 كم، في صحراء قاحلة، تؤمنها مصر بالكامل بصورة تفرض تكلفة كبيرة، وكانت مصدرًا لتسلل كل عناصر وأذيال الإرهاب في حربنا المقدسة ضدهم، لذا فلا ينكر إلى خائن أو جاهل حقيقة أن الحفاظ على الأمن والإستقرار في ليبيا، ركيزة لاستقرار مصر، وتواجد ميليشيات مسلحة مرتزقة من دول أخرى بالمنطقة، يهدد الأمن القومي المصري بشكل مباشر، لذا يؤكد الرئيس السيسي أن "أهداف التدخل العسكري المحتمل في لبيبيا، ستكون تأمين الحدود الغربية لمصر، واستعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، وإطلاق تسوية سياسية بين الليبيين"، الأمر الذي يجعل من التدخل العسكري في لبيبيا إن فرض علينا، بمثابة خروجك مسلحًا على مسافة من منزلك، لملاقاة عدو غاشم يستهدفك ويتربص بك، بدلأً من الإنتظار حتى تجده في صحن دارك.   

ولعل حالة الاستنفار والتأهب التي تشهدها القوات المسلحة المصرية، وتسعى لإبرازها للخارج والداخل، كان لها أثر ايجابي في احتشاد المصريين وراء جيشهم كما اعتادوا دائمًا في الأزمات، فمهما كانت الخلافات والنقاشات التي تدور في كل حين، فإن اللحظات الفارقة في تاريخ الوطن تدفع المصريين إلى التلاحم، طالما أن هناك هدفًا أكبر وأسمى، وطالما أن الوطن يواجه خطرًا حقيقيًا يهدد حياتهم، ليس على الضفة الغربية فقط، ولكن أيضًا فيما يواجه ملف سد النهضة، الذي إزداد تعقيدًا بعد قيام أثيوبيا فعليًا ببدء ملء السد، بخطوة أحادية الجانب، دون تنسيق مع مصر والسودان، دول المصب.

ولكن ورغم حالة الفخر والتيه بقواتنا المسلحة وقدرتنا العسكرية الضاربة، إلا أن على الجميع أن يعي أن كلمة "الحرب" ليست نزهة، فالتحرك، على جبهة معينة يفرض على جيشنا تأمين باقي الجبهات، لتظل الجبهة الداخلية هي الأهم والتي يتمثلُ فيها دورنا نحن كمواطنين صالحين على أرض هذا الوطن، ولعل الدور الأهم والأخطر هو التفكير والتأني قبل الضغط على زر إعادة النشر "الشير"، نعم هذا هو الدور الأهم مهما بدا لك هينًا، فبيدنا أن نوقف الترويج أو النشر أو إعادة النشر لاية أخبار غير صادرة من المصادر الرسمية، ونحد من نشر الشائعات ونفسح الساحة لإنتشار الأخبار الرسمية فقط.

التفكير والوعي في تحليل الخبر المتداول قبل إعادة نشره يبدو مهمة بسيطة، لكن إذا تأملنا الفكرة من منظور معاكس، وحاولنا تصور الأثر السلبي الذي يمكن أن يتسبب به نشر خبر كاذب، حينها فقط سندرك قيمة الإحجام عن نشر أكذوبة في حماية هذا الوطن، وعدم التأثير على معنويات أبناءه، ليغدو من الضروري أن ندرك أن بإمكان كل واحد فينا أن يكون جنديًا بالجيش المصري دون أن يرتدي الزي المموه أو يتواجد في خندق، بل يتسلح فقط بالوعي في مواجهة طوفان الشائعات الذي بدأ يفيض، وستزداد قوة فيضانه،  كلما حققت مصر خطوة في الطريق الذي فرض عليها للحفاظ على أمنها القومي. 
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط