الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الكولونالية التركية تسعى للسيطرة على القوقاز


 في خطوة جديدة لتوسيع النفوذ في آسيا الوسطى على غرار تدخلها العسكري في سوريا وليبيا تخططت الكولوناليه التركية لوضع قدم لها في القوقاز مستغلة نزاعا حادا بين أرمينيا وأذربيجان فى العشرة أيام الأخيرة من يوليو 2020.. وعلى عادتها اتخذت تركيا التي لها طموحات توسعية لا تتوقف، من جمهورية أذربيجان الثرية بالمحروقات حليفها الأساسي في المنطقة في ظل النزاع بين باكو ويريفان على المنطقة الواقعة على الحدودية الشمالية بين البلدين.

ولدى تركيا علاقات تاريخية وثقافية قوية مع أذربيجان فضلاً عن مشروعات الطاقة المشتركة.. ويبدو أن تركيا تكثف تحركاتها مؤخرا لتنفيذ سيناريو مماثل لما حدث في ليبيا تمهيدا لتوقيع اتفاق أمني مع أذربيجان يخول لها تدخلا عسكريا في النزاع الأذري الأرميني، فيما تدعم أنقرة باكو في رغبتها استعادة 'ناغورني-قره باغ'.ويرجح أي تحرك تركي مشابه لما حصل في سوريا وليبيا احتدام المواجهات الحدودية المستمرة بين أذربيجان وأرمينيا، فيما تحظى الأخيرة بدعم روسي .

 وتلعب العداوة قديمة تجاه تركيا بسبب ما يعرف بقضية إبادة شعوب الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى والتي تتهم فيها السلطات الأرمينية الإمبراطورية العثمانية بارتكابها.وتحتاج أرمينيا الآن لحليفها العسكري الروسي أكثر من أي وقت مضى لرصد  أي أخطار خارجية تركية خصوصا وأن أنقرة تعد حليفا استراتيجيا لأذربيجان.. وبينما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداده للوساطة بين أرمينيا وأذربيجان لخفض التوتر المتفاقم في بين الطرفين اخيرا، قال أردوغان حرفيا "إنه لن يتردد في الوقوف ضدّ أي هجوم على أذربيجان وإن أرمينيا في موقف صعب لا يمكنها التعامل معه" في النزاع.. وفسر مراقبون تصريحات الرئيس التركي على أنها إشارة لأذربيجان لطلب التدخل العسكري التركي المباشر على غرار ما قامت به حكومة الوفاق الليبية.

وفي سياق متصل أعلن رئيس الصناعات الدفاعية إسماعيل دمير ، أن جميع الصناعات الدفاعية التركية من أنظمة حروب وخبرات وقدرات، هي دائما تحت تصرف أذربيجان.وأوضح دمير أنه استضاف القائد العام للجيش في جمهورية نخجوان (ذاتية الحكم بأذربيجان) كرم مصطفييف ونائب وزير الدفاع وقائد القوات الجوية الأذري رامز طاهروف في أنقرة.

وأشار إلى أنهم ناقشوا قضايا التعاون الثنائي في مجال الصناعات الدفاعية، مؤكدا أن "صناعاتنا الدفاعية بكل خبراتها وتقنياتها وقدراتها وأنظمتها الحربية الإلكترونية هي دائما تحت تصرف أذربيجان".ولفت أنه إلى جانب إدخال أنظمة جديدة للجيش الأذري، سيتم العمل معا على تحديث النظم وأنشطة الصيانة والتدريب.وأدان أردوغان بشدة الهجمات التي شنتها أرمينيا على أذربيجان، مؤكدا أن تركيا لن تتردد أبدا في التصدي للهجوم على حقوق وأراضي أذربيجان.أعلنت وزارة دفاع أذربيجان، تسجيل اعتداء للجيش الأرميني بالمدفعية، استهدف قواتها في منطقة توفوز الحدودية. وأكدت أنها ردت بالمثل على النيران الأرمينية، وأوقعت خسائر في صفوفها وأجبرتها على التراجع.وأسفرت الاشتباكات خلال الأيام الأخيرة عن مقتل 12 عسكريًا أذريا، ومقتل العشرات من الجنود الأرمينيين، بحسب مصادر أذرية.وتحتل أرمينيا منذ عام 1992، نحو 20 بالمئة من الأراضي الأذرية التي تضم إقليم 'قره باغ' (يتكون من 5 محافظات) و5 محافظات أخرى غربي البلاد، إضافة إلى أجزاء واسعة من محافظتي 'آغدام' و'فضولي'.
علما انه قد عُقدت فى 9-11-2019"قمة المحادثات العسكرية التركية الأذربيجانية" الثانية عشر في العاصمة الاذربيجانية "باكو"، بحضور  الجنرال "متين غوراك"، نائب رئيس الأركان المشتركة للجيش التركي ونائب وزير الدفاع الاذربيجاني الجنرال "كريم فالييف".يذكر أن هذه القمة تعقد كل عامين في عاصمة إحدى الدولتين وذلك لتناول ومناقشة مجموعة متنوعة من القضايا، بما في ذلك علاقات البلدين بأرمينيا وتحالفهم مع أمريكا وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، وبعض القضايا العسكرية التي تهم البلدين.ومن ناحية أخرى، زادت تركيا من اهتمامها بتعزيز تعاون عسكري وأمني مع "باكو" بسبب سياستها المتمثلة في زيادة عمقها ونفوذها الاستراتيجي في منطقة آسيا الوسطى والقوقاز.يذكر أن أول اجتماع من هذا النوع عُقد في عام 2007 لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين وفي الاجتماع الثاني عشر ناقش الجانبان الأوضاع الحالية وفتح مجالات جديدة للتعاون بين أذربيجان وتركيا في مجالات الأمن والتقنيات العسكرية والطبية والتدريب العسكري والصناعات العسكرية، كما اتفق الجانبان في هذا الاجتماع على وضع خطة عمل لعام 2020. كانت تركيا هي أول بلد يعترف باستقلال أذربيجان في عام 1991 .
هذا قدمت  وأنقرة كل ما في وسعها من أنواع الدعم لأذربيجان منذ استقلالها وحتى  الان. ولا تعتبر تركيا اليوم أهم شريك لها في المجالين السياسي والعسكري وفقط بل  ايضا في المجالات التجارية والاقتصادية والثقافية وكل المجالات الأخرى.يذكر أن الاذربيجانيين ينتمون إلى القومية التركية، فأذربيجان دولة ذات أغلبية عرقية تركية، وتتجاور مع تركيا في الشمال الشرقي، وعضو في المجلس التركي الذي أنشئ في 2009 ويبلغ عدد أعضائه 7 دولة. 

وفي الجانب الاقتصادي  تعد تركيا تُعدّ من أكثر الدول تعاونًا مع أذربيجان في المجال الاقتصادي، حيث بلغ حجم الصادرات التركية إلى أذربيجان عام 2011 مليارين و65 مليون دولار وارتفعت إلى 2.960 مليار دولار عام 2013، فيما بلغ حجم الواردات 2.290 مليار دولار عام 2014، وتعتبر المواد الصناعية الأكثر تصديرًا إلى أذربيجان، حيث بلغت نسبة الصادرات الصناعية 86% من حجم الصادرات. وإلى جانب التجارة، فإن عدد الشركات التركية التي تستثمر في أذربيجان يبلغ أكثر من 2600 شركة، بينما يبلغ عدد الشركات الأذربيجانية في تركيا نحو 1600 شركة، وتم توظيف استثمارات أذربيجانية بمبلغ 5 مليارات دولار أمريكي في تركيا، أما تركيا فاستثمرت 6.3 مليارات دولار في أذربيجان. كما بأنه في عام 2017 تم افتتاح خط حديدي دولي يربط بين أذربيجان وتركيا مرورًا بجورجيا "باكو ـ تبليسي ـ قارص"، يهدف إلى نقل مليون مسافر سنويًا، بالإضافة إلى 6.5 ملايين طن بضائع بين البلدان الثلاث، كما يسهم الخط من خلال ربطه بين تركيا وآسيا ومنطقة القوقاز والدول الأوروبية، في نقل 50 مليون طن من البضائع كل عام، ويمتد المشروع على طول 838.6 كيلومترًا. 

 ولا تقتصر أهميته على تركيا فقط،  بل  ستمر البضائع المُراد شحنها من الصين وكازاخستان وتركمانستان وأذربيجان حيث يمثل  ذالك  طريق الحرير الصينى الجديد  ، إلى أوروبا عبر تركيا.وفي الجانب العسكري فلقد ذكرت العديد من المصادر الإخبارية، بأنه انطلقت في جمهورية "نخجوان" ذاتية الحكم التابعة لأذربيجان، يونيو 2019، مناورات عسكرية مشتركة بين قوات مسلحة تركية وأذرية، تحمل اسم "الأخوة الراسخة 2019"،  بمشاركة 5 آلاف جندي ونحو 200 دبابة ومدرعة و21 طائرة ومروحية من الجانبين في المناورات.  وكان الهدف الهدف من المناورات تطوير التنسيق بين الجيشين والقدرة على تنفيذ عمليات مشتركة، من خلال تبادل القوات المسلحة الخبرات، وأضافت إن التدريبات تتضمن سيناريوهات عديدة، منها استهداف أهداف رمزية للأعداء وعمليات الإنقاذ.

وتطمع تركيا في التوسع أكثر في منطقة آسيا الوسطى الغنية بالمحروقات، لا سيما أن أردوغان تنتهج في السنوات الأخيرة نهجا براغماتيا لتنفيس اقتصادها المتأزم من المناطق الغنية بالنفط والغاز، مستثمرة في النزاعات الدامية التي تعيشها تلك المناطق. ويلاحظ نه على الرغم من جهود البنوك الحكومية لدعم العملة التركية ، تراجعت الليرة إلى أدنى مستوى لها منذ مايو مقابل الدولار فى الاسبوع الاخير يوليو 2020، مما أثار مخاوف من تجدد أزمة العملة.بعد شهرين من الاستقرار الناجم عن الإنفاق الحكومي الضخم ، أصبحت الليرة التركية متقلبة مرة أخرى ، حيث هبطت إلى حوالي سبعة مقابل الدولار الأمريكي وسجلت مستويات قياسية مقابل اليورو هذا الأسبوع.

جاء الانزلاق في الوقت الذي باعت فيه البنوك الحكومية ما لا يقل عن 2.5 مليار دولار يومي الاثنين والثلاثاء  27-28 من يوليو 2020 لدعم العملة حيث أدى الطلب على العملات الأجنبية إلى توسيع عجز الحساب الجاري في البلاد.يأتي أحدث تذبذب بعد أن تسبب التباطؤ الاقتصادي العالمي الناجم عن وباء COVID-19 في صدمات في الاقتصاد التركي ، مما قلل من قيمة الليرة .  ويخشى المحللون الماليون الآن من أن تركيا قد تواجه أزمة عملة جديدة إذا ظلت السياسات النقدية دون تغيير.إلى جانب البيزو الأرجنتيني ، كانت الليرة واحدة من عدد قليل من عملات الأسواق الناشئة الرئيسية التي انخفضت مقابل الدولار منذ مارس 2020، على مدى فترة انخفضت فيها العملة الأمريكية إلى أدنى مستوى في عامين ، وفقًا لمؤشر بلومبرغ للدولار ، مما يؤكد الضعف بالعملة التركية.وسط الاضطرابات ، رفع محافظ البنك المركزي التركي مراد أويسال توقعات التضخم في نهاية العام إلى 8.9٪ يوم  29 يوليو 2020، ارتفاعًا من 7.4٪ ، مشيرًا إلى ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية. وقال أويسال إن التوقعات تفترض أنه  سيكون هناك موجة ثانية من COVID-19 ، مضيفًا أنه يتوقع أن يعود التضخم إلى 6.2٪ بحلول نهاية عام 2021. ومع التضخم يمكن  ان يتسرب  للكولوناليه التركيه ضعف بنائى وقصور فى القدره الذاتيه على تغطيه احتياجات الجيش والدوله والمجتمع.
 
وقال وولف بيكولي ، الرئيس المشارك ومحلل المخاطر السياسية في Teneo Intelligence ، إن توقعات البنك المركزي كانت متفائلة  على غير أساس ، مضيفًا أنه يتوقع أن يصل التضخم إلى ما لا يقل عن رقمين بحلول نهاية العام. قال ": "إنه وضع هش والبنك المركزي لا يساعد حقًا فيما يتعلق بالمصداقية". "في نهاية المطاف ، سيتعين عليهم الاستسلام ورفع أسعار الفائدة أو المخاطرة بأزمة مالية كبرى وميزان المدفوعات".

  وقد عارض أردوغان منذ فترة طويلة رفع أسعار الفائدة لدرء التضخم. في يونيو 2019 ، تم عزل محافظ البنك المركزي التركي السابق مراد سيتينكايا لمعارضته قطع سعر الفائدة بمقدار 300 نقطة.تم استبداله بـ Uysal ، الذي قدم 1575 نقطة أساس لخفض سعر الفائدة في تسع خطوات متتالية ، لكنه أبقى على أسعار الفائدة ثابتة وسط الاضطرابات الاقتصادية منذ يونيو 2020 . على الرغم من أن الآثار الاقتصادية لـ COVID-19 لا تزال محسوسة في تركيا ، خاصة في قطاع السياحة ،  الامر الذى  جعل تركيا لا تزال خارج قائمة الاتحاد الأوروبي لبلدان السفر الآمن . كما أن عدم اليقين بشأن نمو الوظائف في المستقبل والموجة الثانية المحتملة من COVID-19 قد زادت من تعقيد التوقعات الاقتصادية.

 وأشار يوسل إلى الحملات السياسية الأخيرة ، مثل إعادة تحويل آيا صوفيا في اسطنبول إلى مسجد ،  تعتبر إشارات محتملة على  عدم وجود سياسات   حكومية واضحة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد على المدى القصير والمتوسط. وحيب قوله " هذا مؤشر على نوع من العجز."

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط