EN
في هذه الحياة تتعدد الأرزاقفالرزق ليس فقط مال، ولكن يمكن أنيكون في محبّة صافية، في قلوب ندخلها بلا غاية، في ابتسامة عابرة، في أُذُن صاغية، في نِيّة صافية. أرزاقنا في باب مفتوح، في طريق فيه رفيق، في صديق وقت الضيق، في أمل يتسلّل في شدّة اليأس، في يدٍ تمتدُّ في شدّة البأس. أرزاقنا في كلمة طيّبة، في إطراء يشرح الصدر، في جمال مِن الله يأتينا ، في ضَوْء ونور يتسلل داخلنا في ليلة مظلمة.
وفي الحياة مفاجآت صعب أنْ نتوقَّعها، تسوقها لنا الأقدار ، هناك قسوة وخذلان تأتيك من الأعزّاء ولا عزاء حينها فى حزنك المؤكد، هناك متَّسع مِن الخيبات والصدمات والرجّات والهزّات والكدمات واللكمات، ومتَّسع مِن الفرح والفرج، لأجل معاناةٍ خُضتها، ومن اجل أنْ تبلغ هدفك في الحياة.
هناك عمر يمضى ويرحل يومًا بعد يوم، نفقد بهجته في كلّ لحظة نصبح فيه مسؤولين، نفقد معه لذّة البدايات ونشوة الجنون وعبث الحياة، نشعر أنّنا كبرنا وهرمْنا كثيرًا مِن الداخل، ومع الكبر، نحرم أنفسنا من أشياء، نتمنى فعلها ولكننا لا نستطيع حتى التفكير فيها ، كلنا نسير فى اقدار قد كتبت لنا ، فالأقدار كالقلوب، كالرياح، لا حُكم ولا تحكُّم فيها..في الحياة هناك عمر نفقد فيه الكثير من الأشياء، نربح ونخسر فيه في انتظار اكتساب أشياء أخرى.
في الحياة التي لا نُتقِنُ الاستعداد لمغادرتها لا شيء للصدفة، ولا شيء من فراغ، هناك مواقف تجعلك كبيرًا في أعين المحيطين بك ، وزلّات تجعلك صغيرًا في أعينهم، خذلان يجعلك تسقط سقوطًا مُدَوِّيًا مِن أعين كلّ الناس، في الحياة تجتمع كلّ الفصول والألوان، هناك مفاجآت كثيرة تُخبِّئها لك الأيّام، كلّ لحظات شعورك وأحاسيسك كرصيد بنك، كلّ لحظات شعورك سلف ودَيْن، أخذ وعطاء، يوم لك ويوم عليك، هناك حزن ممكن ان ينزف القلب الما منه ، يعْقُبه فرحٌ غامر لأروحنا ويكون سعادة لقلوبنا ،هناك حب وعطاء ينير دربك ، وهناك كره وحقد تقاوم شره هناك عمر بين العُمريْن، نكون فيه “لم نعُد صغارًا ولم نكبر كفاية”. وهناك أبواب إنْ دخلناها لا نستطيع الخروج منها، وتفرض علينا قواعد جديدة، وتنقص حرّيّاتنا، هناك قرارات لا تتجزّأ، إنِ اتَّخَذْت ووجبَ علينا الالتزام بكلّ أجزائها.هناك عمر نتمزّق فيه بين “ما نُريد” و”ما يجب أنْ يكون”.
الحياة باختصارٍ شديدٍ سلفٌ ودَيْن.
عندما تتأمل و تستعرض شريط حياتك في هذه الدنيا منذ أصبحت تدرك ما يدور حولك تجد انك تقوم بنفس الأدوار التى قام بها و الداك في ما سبق. و ان مراحل العمر في تواليها عليك ما هي إلا شريط مكرر عاشاه من قبلك و انت تقوم بنفس الدور تقريبا.
فكما أنشأك والداك ستنشئ أبنائك بحرص و تضحية و عناية و خوف أيضا !
و هنا عليك ان تدرك انك كما زرعت ستحصد, و كما أعطيت ستنال فكله سلف ودين عليك، وكل حاجة بتعملها من فعل أو قول بتترد لك ولو مش فيك فى أقرب حد ليك ولو مش فى حياتك برضه هتترد لبيتك أو لولادك، عشان كده بقدر الإمكان لا تفشى الأسرار التى تؤتمن عليها وعامل الناس بما تحب أن يعاملوك، وسامح على أد ما تقدر.. إن ربك غفور رحيم. كما تَدِينُ تُدان أَي أنك سوف تُجازي بفعلك بحسب ما عملت ، فكما تَفْعَلَ سوف ُيفعَل بك ومن يريد من الناس أن يسمعوا منه عليه أن يسمع منهم ايضا، فكل محبة خالصة تقدمها ترجع لك ، كل عطاء بدون مصلحة يرد لك ، كل غدر وظلم وافترا يرجع لك ، فالحياة من صنعك انت ما تعطيه سوف تسترده ..
كثيرا مانتعرض لظلم ولا نستطيع رد الأذى عنا من قول او فعل او عمل ، فحين تتعرض لذلك الظلم أبتسم وقل للشامتين إلى ديان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم ، والمظلوم لابد له من انتصار ولو بعد حين . الحياة تحتاج إلى فهم والإنسان بحاجة إلى اهتمام أكثر من قبل نفسه أولا، لذلك كنْ على يقين أن لم تدرك الحياة قبل أن يُدركك القدر مهما اختلف وقعهِ، فلا تتفاجأ كثيرًا وتوقع كل شيءٍ، هكذا هي الحياة سلف ودينّ.
