الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا.. كيف أثرت هذه الصفات في مسيرة النبي الدعوية

القران الكريم
القران الكريم

أوضحت دار الإفتاء تفسير قوله تعالى  في سورة الأحزاب: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ [الأحزاب: 45]، مضيفة أنه في هذه الآية الكريمة تكريمٌ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومؤانسةٌ له، وبيانٌ لمكانته صلى الله عليه وآله وسلم؛ بوصفه تعالى له بأنه سراج منير يهدي السائرين ويرشد الحيارى والضالين، وبأنه قائم بالشهادة على الناس يقيم حجة الله تعالى على خلقه بتبليغ رسالته وتوصيل دعوته؛ يبشر من آمن بالله، وينذر من كفر به.


وأضافت:  وصفه الله تعالى في هذه الآية بعدة أوصافٍ؛ كلها كمالٌ وجمالٌ وثناءٌ وجلالٌ، وختمها بأنه صلوات الله عليه هو السراج المنير الوضاء الذي بدَّد الله به ظلمات الضلال، ونشر السلام، وطارد الظلم والظالمين، وقضى على الشرك والمشركين، حاملًا مشعل الهداية، وسراج الإيمان، ومنارة العدل، وبركات السلام، وصدق الله العظيم إذ يقول: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ۞ يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [المائدة: 15-16].

وكان منهجه صلى الله عليه وآله وسلم في دعوته هو الحكمة والموعظة الحسنة واليسر ورفع الحرج عن الناس، آمرًا بالمعروف وناهيًا عن المنكر، يحل الطيبات ويحرم الخبائث، وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف: 157]، ويقول جل شأنه: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ [النحل: 125]، ويقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا» رواه البخاري، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه ما اختار بين أمرين إلا الأيسر منهما، فكان صلى الله عليه وآله وسلم رحمةً للعالمين، وصدق الله تعالى إذ يقول: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107].

فدعوته صلى الله عليه وآله وسلم كانت سبيلًا لإخراج الناس من ظلمات الجاهلية والشرك إلى نور العلم والإيمان.

قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن قول السيدة عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان « قرآنًا يمشي على الأرض» هو مجاز باتفاق البلاغيين وعلماء اللغة.


وأضاف «جمعة»، خلال لقائه ببرنامج «من مصر» المذاع على فضائية «cbc»، أن هذا ليس مرتبطا بإثبات حقيقة هذا للنبي- صلى الله عليه وسلم- من عدمه، فعندما تقول: "رأيت أسدًا وتقصد الرجل الشجاع" فهل معنى هذا أنه مجاز بمعني الكذب، أم أنه مجاز بمعنى أنه لم يكن أسدًا على الهيئة الحقيقية".


وأوضح عضو هيئة كبار العلماء في رده على تأويل خاطئ يقول صاحبه: «بما أن النبي محمد قرآنا يمشي على الأرض، والقرآن من الله، إذًا هو إله»، أن المجاز في اللغة قبل الاصطلاحات يطلق على الكذب، فهل هذا يعني أن السيدة عائشة قد كذبت، أم أن هذه الألفاظ نضعها وراء بعضها البعض دون تعقل وتفهم معانيها، أم المراد أنه لم يكن مصحفًا بل بشر سويًا، فهذا صحيح.


وواصل المفتي السابق: "قال - تعالى-:  « قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ..» ( سورة فصلت: الآية 6)"، مؤكدًا: "لكنه - صلى الله عليه وسلم- كان مع ذلك قرانًا يمشى على الأرض على سبيل المجاز اللغوي، وصدقت السيدة عائشة - رضى الله عنها-، وأن قول من قال: "إن رسول الله قرآن يمشي على الأرض والقرآن من الله، لكان - عليه الصلاة والسلام- معاذ الله - هو الإله" أمر شغب لا يسعى إلا الضحك".


وأشار الدكتور على جمعة إلى أن الشغب كمن رسم على الحيطة حصان مثلًا، ومعروف أن كل حصان صاهل، فهل هذا صائل، وهو ليس في الحقيقة حصان، وإنما صوروته، لذا ألف ارسطوا الأرجانون العظيم لمواجهة السفسطائية، لأن من منهجهم التلاعب بالألفاظ مثل ما يحدث الآن.


ونوه إلى أن المصحف الذي بين أيدينا ليس هو الله، وكذلك لو كاتبنا لفظ الجلالة على لوحة فهذا يدل على جوده- تعالى- ولكن ليس هذا هو الله، كذا النبي يدل على وجوده- عز وجل- لكونه قرآنًا يمشي على الأرض، كما أن الله قديم، أما نبي الله والمصحف واللوحة كلهم حوادث تدل على وجود المولي - عز وجل-، فهذا التفسير لا يجوز، لأنه فيه تلاعب ومن المقدمات الفاسدة غير الدقيقة، مختتمًا: «وما كان ينبغي لنا أن نشغل بالنا بها، وإنما الواجب علينا أن نوضح للناس».