الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«قال الله.. وقال المرشد»



ما من مجادل في الإسلام في أن باب النبوة قد أوصد بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يمكن لمسلم صحيح العقيدة أن يعتقد في نبي بعد محمد بن عبد الله لأنه ثابت بالنصوص قطعية الثبوت والدلالة المباشرة التى لا تقبل التأويل في القرآن والسنة أن محمدا هو خاتم الأنبياء
لكن النزوع إلى ممارسة دور قيادي ديني ظاهرة تتكرر في المجتمعات الإنسانية على مر الزمان يقوم بها أفراد يرون في أنفسهم القدرة على القيادة الدينية وتوجيه عقائد الناس وهو ما جعل ظاهرة ادعاء النبوة وتلقى الوحي من السماء تتكرر رغم الحظر ولكن في صور أخرى عبر التاريخ غير صورة النبوة التى لا سبيل إلى ادعائها في المجتمعات الإسلامية فسوف يواجه ادعاء النبوة من أي مدع بالتكذيب والسخرية أو الاتهام بالجنون أو بالتكفير الذي الخلاف عليه لو كان المدعي واعيا عاقلا لأن معنى ظهور نبي هو تكذيب صريح لما تواترت به النصوص وهو أمر لا يقبل جدلا تحت أي وجه أو ادعاء.
لكن ليس معنى ذلك أن الباب قد أغلق أمام الدجالين والمدعين من المتوهمبن في أنفسهم قدرات خاصة ولديهم كاريزمية لجذب الجماهير المتعطشة فليس أمامهم أمام غلق باب النبوة إلا تكوين جماعة دينية خاصة يحقق فيها الدجال حلم النبوة لكن تحت راية الزعامة الدينية بأي مسمى يخترعه ويسبغ به على نفسه هالات القداسة التى تجعله المرجع الأول للجماعة فتارة يكون شيخ طريقة أو مرجع طائفة أو مرشد جماعة أو إمام فرقة.
ومن المعلوم أن الدين الإسلامي ليس به ألقاب دينية إلا ألقاب الأنبياء والمرسلين أو الصالحين من أتباعهم أطلقت عليهم للمدح و التكريم وليس لممارسة سلطات روحية أو إذنا خاصا بالنيابة عن الأنبياء والرسل فتلك الألقاب لم تعط أي منهم سلطات روحية على الناس بعد النبي صلوات الله وسلامه عليه.
وأيضا كان خلو الدين الإسلامي من الكهنوت - وهو  سمة أساسية يتفرد بها الإسلام دون أي ديانات أخرى أرضية كانت أو سماوية - قد أغلق الطريق أمام الدجالين والمتهوسين بقيادة الجماعات بادعاء تفويض أو تلقى وحي من السماء إذا أرادوا ادعاء سلطات روحية على الجمهور.
أما باب الاجتهاد الذي يبقى مفتوحا ليوم الدين فهو لكل من تتحقق فيه شروط الاجتهاد ولكن مهما بلغ فيه المجتهد من العلم فليس له أن يمارس به أي وصاية على فرد أو مجموعة من المسلمين أيا كان هو وأيا كانوا هم إلا من خلال القواعد العامة التى يفرضها الدين نفسه على أتباعه والتى تجعل أي فرد منتم إلى الإسلام بجعل على عاتقه المسئولية الكاملة لكن في حدود المتعارف عليه حتى لا ينقلب الأمر إلى فتنة تهدد كيان المجتمع المسلم وتعمل على عدم استقراره
ولكن محاولة فتح باب لممارسة السلطات الدينية والروحية وتحقيق الزعامة  تأتى مع ادعاء تكوين جماعة ذات مشروع إصلاحي للدين يأخذ هذا المشروع بنشر مزاعم براقة لكنها تعكس آمالا حقيقية للجماهير المخاطبة به في إصلاح أمورها الدنيوية والاخروبة بإعادة إحياء أو تجديد الدين مما علق به من تفريط أو خرافات أو بدع.
وهي دعاوى تبدو حقيقية بل وملحة إذا ما قام بها علماء مشهود لهم بالنزاهة بعيدا عن محاولات الزعامة الدينية ويكون خطابها مباشرة موجه إلى الجماهير دون أن تدعوها للانضمام لجماعة محددة تجعل عدم  الانتماء إليها يشكك في الانتماء إلى الدين العام أو قد يصل بها الشطط إلى جعل الانتماء إليها موازيا للانتماء للدين والجماعة العامة أو شرطا للانتماء إليه، وبذلك تكون الجماعة الفرعية قد اغتصبت لنفسها حق إعطاء رخصة بالإيمان أو سحبها فتجعل من تشاء مؤمنا وتجعل من تشاء كافرا.
ولذلك سنجد كل الجماعات التى انفصلت عن الجماعة العامة للمسلمين تبدأ بإنشاء  نظام خاص بها كفرقة دينية ثم يلحق هذا الانفصال نظام اجتماعى فتظهى حين ذلك الطائفة الدينية وهو ما عانى منه الإسلام طوال تاريخه منذ ظهور جماعة المنافقين في المدينة على العهد النبوى كأول جماعة منفصلة عن بقية المسلمين والذين ابتدعوا ظاهرة المساجد الضرار التى حرم القرآن الصلاة فيها بل وعمل على إزالتها ومرورا بغرقة الخوارج الذين كانوا مشهورين بأنهم بلغوا حد الإفراط في أداء عباداتهم حتى لقب الناس بعضهم ب"ذوي الثفنات" وهى ركبة البعير الخشنة التى كان بعض الخوارج تصاب به ركبهم من فرط الإطالة في الصلاة ومع ذلك استحلوا دماء وأموال وأعراض المسلمين وسفكوا الدماء بما لا حاجة للتذكير به ولم يكن لهم أن يفعلوا ذلك إلا بعد أن زين لهم الشيطان الانفصال بفرفة خاصة ترى نفسها خير دينا من الناس ثم لم تلبث ألا ترى الدين إلا في أعضائها المنتمين إليها دون غيرهم وقد امتلأت أرض الإسلام في طولها وعرضها وامسها ويومها بمثل تلك الفرق والطوائف في الأقطار لتستبيح ما لا يباح من خلال شرائعها وفقهها الخاص الذي رسخه إمام أو شيخ أو مرجع أو مرشد الجماعة المنفصلة عن المجموع
ولذلك نراهم يبدأون بالحديث إلى الناس التدليس عليهم بعبارة "قال الله وقال الرسول" حتى يصلوا إلى "قال اله وقال الرسول وقال المرشد" ثم مرحلة "قال الله وقال المرشد" ثم ينتهى الأمر ب"قال المرشد وحده" وهو ما نلاحظه في الجماعات المعاصرة بوضوح سواء كانت الإخوان أو غيرها من الجماعات التى ابتدعت في الدين ما ليس منه بحجة تنقيته من البدع!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط