الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«التعليم عن بُعد» يتطلب «العمل عن بُعد» !


هاجسٌ كبير يشغل الأمهات العاملات في هذه الآونة مع قرب بدء العام الدراسي الجديد الذي يتأخر هذا العام إلى 17 أكتوبر، فالتصريحات المعلنة عن وزير التربية والتعليم، تؤكد أن العام القادم سيشهد اعتماد "التعليم الهجين"، ليكون على الطلاب القدوم إلى المدرسة لعدد من الأيام، والمكوث في المنزل لأيام أخرى للتعلم عن بعد، الأمر الذي يؤرق الأمهات ويدعوهن للتساؤل : كيف سيكون التصرف؟.
    

خشية الأمهات العاملات من التوسع في نظام "التعليم عن بعد"، ينبع من الخوف من فقدان الوظائف التي يعملن بها، حيث سيكون عليهن التواجد مع أبنائهن في المنزل خلال الأيام التي سيكون على الطلاب تلقي دروسهم فيها عبر منصات التعلم الإلكترونية، وهو الأمر الذي سيمثل صعوبة في أي مجال عمل تعمل فيه هذه الأم، وقد يفرض عليها ضغوطًا تدفعها إلى التقدم باستقالتها وترك وظيفتها للأبد، أو اللجوء إلى وسيلة أخرى، وهي التقدم بطلب للعمل نصف الوقت بنصف راتبها المعتاد.

 
كلا القرارين "ترك الوظيفة" أو "العمل نصف الوقت"، يؤثران بشكل مُباشر على دخل كل أسرة قد تضطر الأم فيها لاتخاذ أحدهما، وحتى الرضا بنصف الأجر يفقد الأسرة نصف دخلها ويدفع لاختلال توازنها المالي، وارباك حساباتها، ليبقى الحل في اضطرار الأم العاملة لاتخاذ مربية أطفال تُرافق الأبناء في المنزل خلال أيام "التعلم عن بعد"، وهو الخيار الذي يفرض عليها مسئولية الاختيار الجيد لمربية أطفال مؤهلة ومدربة وكفء، للحفاظ على مستوى الطلاب الدراسي، وبالتالي ابتلاع حصة كبيرة من دخل الأم العاملة لصالح أجر المربية، وكذا أهمية الاطمئنان لسلامة وجود هذه السيدة مع الأبناء في المنزل وحدهم دون رقابة وقدرتها على أداء مُهمتها بأمان.


سبب آخر لخوف الأمهات من "التعليم عن بعد" هو كونه نظاما جديدا غير متبع من قبل، ليكون على الأمهات العاملات عبء مضاعف في مُتابعة الأداء التعليمي للأبناء أولًا بأول، وضمان استيعابهم للمقررات التي يتم تلقيها عبر منصات التعلم الإلكترونية، وبذل المزيد من الوقت والجهد مع الأبناء سيؤدي إلى تقليل فرص الرفاهية للأمهات أو أداء الواجبات المنزلية وبالتالي مزيد من الضغوط والتوتر.


اعتماد "التعليم الهجين" توجه محمود من الدولة للحفاظ على سلامة الأبناء، عبر تقليل كثافة الطلاب، وتقليل فرص مغادرتهم المنزل إلى المدرسة، كما يُتيح فرصة ذهبية للتوسع في تقديم الخدمات التعليمية إلكترونيًا عبر وسائل وأدوات حديثة، إلا أنه يثير قلق الأمهات العاملات اللاتي كن يتعاملن مع "التعلم عن بعد" هذا العام على أنه ظرف استثنائي، ولكن تحوله إلى نظام سائد متبع طوال العام أمر مقلق لهن.

 
خوف الأمهات العاملات من نظام التعليم في العام الدراسي الجديد يجب النظر إليه بعين التقدير والاهتمام من جانب الحكومة، حيث تصعب المُوازنة بين العمل ومتطلبات التوسع في "التعليم عن بعد"، إلا إذا واكب ذلك التوسع أيضًا في تطبيق "العمل عن بعد" للأمهات العاملات اللاتي لا يتطلب عملهن ضرورة التواجد في المكتب، ولعل تجربة العمل من المنزل في فترة مواجهة فيروس كورونا قد أثبتت أن الكثير من الوظائف يمكن أداؤها بكفاءة وفاعلية عن بُعد.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط