الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بيان وقف إطلاق النار في ليبيا «قراءة وتحليل»‎


أعلنت حكومة الوفاق الليبية يوم الجمعة وقفا فوريا لإطلاق النار وتعليق كل العمليات العسكرية في كافة الأراضي الليبيه ودعا المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية لانتخابات رئاسيه ويرلمانيه في مارس المقبل مؤكدا أن تحقيق وقف إطلاق النار يقتضي أن تكون سرت والجفرة منزوعتي السلاح. وجاء أيضا بالبيان أنه لا يجب التصرف في إيرادات النفط إلا بعد التوصل إلي ترتيبات سياسية جامعة وفق مخرجات مؤتمر برلين. وطالب بأن تكون المؤسسة الوطنية للنفط هي الوحيدة التي يحق لها الإشراف علي تأمين الحقول والموانئ النفطية في جميع أنحاء ليبيا.


وكما نري أن هذا البيان ظاهريا مقبول ولكن يحتوي علي الكثير من الألغام فقد أيد الرئيس السيسي هذا البيان ظاهريا أيضا بمنطق رجل المخابرات المحنك الذي لا يمكن أن يرفض أي بيان يدعو إلي وقف إطلاق النار ولكن في نفس الوقت لن ينخدع بالعناوين البراقة ويعلم كل التفاصيل ويتخذ كل الإجراءات التي تخدم الصالح الليبي والمصري والعربي. وقد علق أيضا مجلس النواب الليبي بتأييد البيان ولكن وفق منظوره الخاص به. 


وبتحليل البيان نجد أن به بعد الكلمات المسمومة وبعد الإشارات المغلوطة. ونجد أنه فعليا لم يكن هناك إطلاق نار من الأساس في ليبيا بل كانت مجرد حشود من المرتزقة كانت تنقلها  تركيا من سوريا إلي ليبيا  لمحاولة اقتحام سرت والجفرة للسيطره علي خيرات وثروات ليبيا من نفط وغاز ولكن لم يجرؤ أردوغان ابدًا علي الاقتراب من الخط الأحمر الذي رسمه له الرئيس عبد الفتاح السيسي. وهو ما تمت الإشاره إليه في البيان الخادع بعبارة (سرت والجفرة منزوعتا السلاح) أي ما لم أستطع الحصول عليه بالقوة العسكرية أستطيع الحصول عليه بالمراوغة السياسيه. وهو الأمر الذي لن يمر علي القيادة السياسية المصرية والجيش الليبي الوطني أبدًا. 


ومبدئيا فكرة إجراء الانتخابات في مارس أي بعد الاننخابات الأمريكية (في نوفمبر) وذلك لمعرفة نتائج الانتخابات وبالتالي تأثيرها علي جميع الأطراف المتنازعة واستغلال فترة إجراء الانتخابات الأمريكيه والفراغ السياسي  والتي تكون فرصة لتنفيذ أي مخطط شيطاني في ليبيا. ونحن متأكدون أن الحليف الأول لحكومة الوفاق هو أردوغان الذي لطالما لم يحترم أبدا أي اتفاق لوقف إطلاق النار مثلما حدث مسبقا في حلب وأيضا في إدلب ونجد أنهم يستخدمون تلك البيانات للمراوغه فقط ولكسب بعض الوقت وإعادة ترتيب الأوراق.


ونجد أيضا أن البيان لم يشر من قريب أو بعيد إلي  القواعد العسكرية المزمع إقامتها سواء في قاعدة الوطية أو في ميناء مصراتة. وأعتقد أن تلك القاعدتين وإقامتهما هو خط أحمر جديد يجب التخلي عن إقامتهما إذا كانوا يريدون السلام فعلا. وبالنسبة للنفط نجد أنه بند جيد نوعا ما خصوصا أنه سيكون هناك حساب بنكي مستقل تدخل به عائدات النفط وبالتالي نضمن أن تذهب تلك العائدات إلي الشعب الليبي وليس لتمويل جيش المرتزقه الذي نقلته تركيا إلي ليبيا. وأيضا نجد أنه لم تتم الإشارة إلي الإتفاقيات اللاغية المعدومة شكليا وفعليا وإجرائيا  التي تم إبرامها بين حكومة السراج واردوغان والتي بناء عليها تم التنازل عن السيادة الفعلية في الأراضي الليبيه. وظاهرها استشمار ولكن باطنها استعمار وسلب لثروات ليبيا وحقوق الشعب الليبي ويجب أن ترفع من أي خارطة طريق خاصه بليبيا. 


وقد علق مجلس النواب الليبي أن وقف إطلاق النار سيخرج المرتزقه ويؤدي إلي تفكيك الميليشيات ويوقف التدخل الأجنبي. وهذه نقطه مهمه جدا فإن وضع الميليشيات والمرتزقه والقوات الأجنبيه يجب إنهاؤه تماما ويجب خروجهم من ليبيا برعاية مَن جلبهم. وهذا البند يوضح أن الاتفاقية حمالة أوجه ويجب أن نفطن لها جيدا. ومن تحليل تلك النقاط نجد ان اتفاق وقف إطلاق النار هو بداية وليس نهاية وأن اللعب مع مصر مختلف عن اللعب مع أي دولة في العالم وأن أي خداع سوف يقابل بمنتهي القوة والحسم وأن أهداف مصر من الوضع الليبي معروفة ومعلنة للجميع وهي حماية الأمن القومي المصري وتأمين حدودها الغربية وأيضا وحدة الشعب الليبي والحفاظ علي خيرات وثروات ليبيا من أجل شعبها. وأيضا الحفاظ علي الهوية العربية لدولة ليبيا الشقيقة والتأكيد  علي انتمائها وولائها وتبعيتها للأمة العربية وأن لا يكون رئيسها أو نظامها السياسي تابعا لأي نظام اجنبي غير عربي، سواء تركيا أو إخوانيا أو غربيا. 


وأخيرا أوجه التحية إلى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي على تعامله بمنتهى الحكمة والوعي والعلم ببواطن الأمور والتعامل بمنتهى الذكاء والحنكة مع هذا البيان، للوصول إلى الهدف المنشود دون تصريحات عنترية أو صدامات شكلية أو بطولات وهمية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط