الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد بدء العد التنازلي.. تفاصيل الأيام التي سبقت المعركة في حياة السادات

الرئيس الراحل محمد
الرئيس الراحل محمد أنور السادات

"قد يعجب الناس إذا عرفوا أن ليلة المعركة كانت من أحسن الليالي التي نمتها في حياتي".. بتلك الكلمات وصف الرئيس الراحل محمد أنور السادات حالته في الليلة التي سبقت قيام حرب السادس من أكتوبر عام 1973، وفقًا لما ورد في مذكراته التي نُشرت بعنوان "البحث عن الذات.. قصة حياتي".

وكان الرئيس الراحل قد تحدث في الفصل التاسع من كتابه عن تفاصيل الاستعدادات لحرب أكتوبر المجيدة ومن ثم عبور الجيش المصري لقناة السويس وتحقيق القوات المسلحة معجزة عسكرية فاقت كل التوقعات.

وفي إطار حديثه عن الاستعدادات العسكرية وخطة حرب أكتوبر، ذكر السادات أنه قد تم إنفاق أكثر من 127 مليون جنيه على إعداد الدولة للحرب، مشيرًا إلى أن تخطيطه كان يقوم على أن "مصر كلها من الإسكندرية إلى أسوان أرض معركة.. كل مصنع.. كل محطة كهرباء وُضعت لها خطة دفاع بحيث إذا ضُرب جزء من المرفق يعمل الجزء المتبقي.


المواعيد المناسبة للعمليات الحربية من وجهة نظر العلوم العسكرية:

أوضح السادات أيضًا أن حافظ الأسد، الرئيس السوري آنذاك، جاء إلى مصر في زيارة سرية في شهر أبريل لعام 1973، وقد كان القائد العسكري محمد عبد الغني الجمسي مدير العمليات بالقوات المسلحة في ذلك الوقت برتبة "فريق"، وقد أحضر مذكرة دون فيها بخط يده المواعيد المناسبة للعمليات الحربية على مدار السنة من وجهة نظر العلوم العسكرية، وتضمنت المذكرة ثلاث مجموعات من الأيام، كانت كالتالي:

- المجموعة الأولى في شهر مايو 1973
- المجموعة الثانية في أغسطس وسبتمبر من نفس العام
- المجموعة الثالثة في أكتوبر 1973، والتي وُجد أنها كانت الأنسب.

وأضاف الرئيس الراحل أنه اتفق مع حافظ الأسد أثناء زيارة قام بها إلى سوريا واجتمع خلالها معه يومي الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من أغسطس 1973، على أن يكون يوم السادس من أكتوبر هو بدء المعركة.

العد التنازلي لبدء المعركة:

روى السادات خلال حديثه عن استعدادات وتجهيزات الحرب أنه في أول أيام أكتوبر جمع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حيث وقف جميع القادة أمام الخريطة وشرح كل منهم خطته بالتفصيل ودوره في تلك الخطة.

وفي الثاني من أكتوبر، وقع للقائد العام الجنرال أحمد إسماعيل أمر القتال، وكان قبل ذلك في شهر سبتمبر من نفس العام قد أصدر الأمر الاستراتيجي للقائد العام، ووضع فيه تصوره للهدف الاستراتيجي، وأفاد الرئيس الراحل بأن هذا الأمر كان الأول من نوعه في تاريخ مصر الحديث.

واستطرد قائلًا إن العد التنازلي بدأ قبل المعركة بعشرة أيام، كما خرجت القطع البحرية لتتخذ أماكنها في الحرب قبل ساعة الصفر بعشرة أيام.

في يوم الأربعاء الثالث من أكتوبر، وبناءًا على الاتفاق الذي عُقد بينه وبين حافظ الأسد في أواخر أغسطس، قام باستدعاء السفير الروسي وقال له: "أريد أن أبلغك رسميًا أنني وسوريا قد قررنا بدء العمليات العسكرية ضد إسرائيل، وعندي سؤال أريد الإجابة عليه من القادة السوفييت بصفة عاجلة وهو ما موقف الاتحاد السوفيتي منا؟.

وردًا على سؤال طرحه السفير الروسي بشأن الموعد المقرر لبدء العمليات العسكرية، أخبره السادات بأنه لم يتم بعد الاتفاق عليه؛ وأضاف: "كنت قد اتفقت مع الأسد على أن يستدعي السفير السوفيتي عنده في اليوم التالي وهو الخميس الرابع من أكتوبر ويعلنه بالموعد لأن علاقاتي بالسوفييت كانت سيئة".

وفي الرابع من أكتوبر طلب السفير السوفيتي موعدًا عاجلًا من السادات، وأبلغه بأن القيادة السوفيتية تطلب موافقته على وصول أربع طائرات لحمل العائلات السوفيتية من مصر، وهو ما وافق عليه؛ وفي الخامس من أكتوبر وصلت الطائرات لنقل الرعايا السوفييت من عائلات الخبراء المدنيين الذين يعملون بالمصانع والقطاع المدني عائدة بهم إلى بلادهم، وتكرر الأمر ذاته مع سوريا في نفس التوقيت.

وكان السادات قد انتقل في الرابع من أكتوبر الموافق الثامن من رمضان أيضًا إلى قصر "الطاهرة" بعد أن تم تجهيزه ليكون مركز قيادة لإدارة الحرب.


الليلة التي سبقت بدء المعركة:

ذكر السادات أنه توجه في اليوم التالي وهو يوم الجمعة الموافق التاسع من رمضان الخامس من أكتوبر للصلاة في الجامع الذي تعلم فيه الصلاة قبل خمسين عامًا وكان عبارة عن زاوية صغيرة.

وأكد أنه في ذلك اليوم كان في "أقصى درجات السلام الروحي فرغم اللحظة التي كنت مقبلًا عليها كنت أرنو إلى الغد موعد المعركة على أنه مجرد يوم قدر لي الله أن أعيشه ولذلك دخلت المعركة دون أدنى انفعال أو عصبية".

واستطرد: "لم يكن يشغلني سوى بعض التفاصيل التي لم تكن إلا مجرد رتوش حول المعركة.. وقد يعجب الناس إذا عرفوا أن ليلة المعركة كانت من أحسن الليالي التي نمتها في حياتي.. ولذلك عندما استيقظت في الصباح (السبت 6 أكتوبر 1973) قمت بالتدريبات الرياضية اللازمة وسار برنامجي اليومي كالعادة وكان عقلي في منتهى النشاط والراحة مستعدًا لمسئوليات اليوم الجديد".