قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

"بعبع" الجنزورى


لأن العشوائيات أصبحت «بعبعاً» مخيفاً بعد الانفلات العشوائى وفوضى البناء على الأراضى الزراعية.. لذلك قرر الجنزورى أن يشن حربا عليها بعد أن أصبحت مثل القنابل الموقوتة، التى تهدد المجتمع المصرى.. الرجل يعرف أن ضحايا العشوائيات هم من الغلابة النازحين من قرى مصر بعد أن جفت الأرض الزراعية، ولم يعد الريف المصرى يتمتع بخير زمان، وكانت النتيجة أن هجروا الأرض، وقرروا النزوح إلى العواصم يبحثون عن عمل، ثم أقاموا لأنفسهم مساكن فوق الحزام الأخضر للأراضى الزراعية.
وكون أن الجنزورى يعلن الحرب على هذه العشوائيات، ويتعهد بتصحيح أوضاعها خلال 6 أشهر، فمن المؤكد أن الرجل يريد أن يحقق شيئاً ما فى داخله بعد أن كان، وهو رئيس حكومة فى عهد النظام السابق، صمام أمان للأراضى الزراعية بقراره كنائب للحاكم العسكرى، الذى كان يمنع البناء على الأراضى الزراعية.
لكن الذى يؤلم أن الزمام انفلت بعد أن «شلحوه» من الحكومة، وفتح الحزب المنحل الباب على مصراعيه للبناء على هذه الأراضى دون تراخيص أو تصميمات معمارية.. حتى وصل بنا الحال إلى ما نحن عليه.
والحق يقال.. إن الجنزورى كان أيام النظام السابق «قرقوش زمانه» فقد كانت تعليماته للمحافظين فيها قوة وصرامة، وفى عهده لم نسمع بالتجاوزات فى البناء على الأراضى الزراعية إلا بعد أن ترك الوزارة، وأذكر أن لجنة السياسات فى أعقاب خروج الجنزورى، الذى لم يكن على هوى النظام شمرت يومها عن ذراعيها، وخرج علينا جمال مبارك وهو يعلن إلغاء الأمر العسكرى، والسماح بالبناء على الأراضى الزراعية كواحدة من الرشاوى السياسية، التى كان الحزب المنحل يقدمها لأعضائه مع أن هذا القرار هو الذى صنع مافيا الأراضى، وسمح بتقنين أوضاع البناء العشوائى.
الملامح الآن تشير إلى أن رئيس حكومة الإنقاذ يحاول أن يسترد هيبته التى ضاعت أيام النظام السابق، وأمله أن يحقق أحلام الفتى مهران ليسجل هدفاً فى سيرته الذاتية بإنصاف المواطن الضعيف، الذى يسكن مع زوجته وبناته فى غرفة واحدة، ولكم أن تتخيلوا عندما تجتمع أسرة تعدادها خمسة أو سبعة أفراد من بينهم بنات فى سن الزواج والأب والأم على سرير وبقية أفراد الأسرة يتقاسمون الأرض.. بعضهم تحت السرير.. والبعض يفترشون أمام «بيت الراحة» أى ما يسمى عندنا الحمام، وكون أن الجنزورى يحلم بأن يوفر لهذه الأسرة وما يماثلها مسكناً حديثاً يرى الشمس وينعم بالصرف الصحى والكهرباء.. فى رأيى أن هذا الحلم أول ثمرة من ثمار 25 يناير إن تحقق.
لذلك أقول أعطوا للدكتور الجنزورى فرصة حتى يحقق شيئا، فالملامح تؤكد أن حكومة الإنقاذ بدأت تقتحم القضايا التى تحمل أوجاع الشارع المصرى.
وكون أن حكومة الإنقاذ تتفهم هذه القضية أعتقد أن من حقها أن تعمل فى مناخ يلقى تشجيعاً وتأييداً من الشارع المصرى لها.. على الأقل نساندها أن تعبر بنا إلى بر الأمان فى ظل العجز المخيف، الذى تعانى منه أول ميزانية مصرية بعد الثورة، بسبب حالة الكساد التى أصابت البلاد.. لذلك ترانى أبدى مخاوفى من الأرقام التى تعلنها لدعم المشروعات الحيوية، وآخر الأرقام التى أعلنتها أنها قررت رصد 175 مليون جنيه للمساهمة فى حل مشكلة العشوائيات.. أخشى أن تكون هذه الأرقام فرقعة سياسية بغرض اكتساب هذه تأييد المعارضين لها، لأن الخزانة تعانى عجزاً فمن أين تأتى بهذه الأرقام.. على أى حال الأيام بيننا والحكومة لم تطلب سنين، لكنها أعلنت أن مثل هذه القضية سوف تظهر ملامح تصحيحها فى خلال ستة أشهر.
أنا هنا لست فى موقع الدفاع عن حكومة الدكتور الجنزورى، لكن ما أراه فى أسلوبها يدعونى أن أكون منصفاً ومؤيداً لسياستها، فما من اجتماع إلاّ ويخرج علينا الوزير المختص بالقضية التى تبحثها الحكومة ليوضح رؤيته فى تفاصيلها، الحوار يجمع الوزير المسؤول بجوار السيدة فايزة أبوالنجا، التى سعدنا بأن تكون المتحدثة الرسمية للحكومة بجانب الحقيبة الوزارية التى تحملها، وقد كان الجنزورى موفقا فى اختيار وجه مقبول مثل فايزة أبوالنجا لتتحدث باسمه فى جميع المؤتمرات الصحفية، والذى أسعدنى أكثر أن نستمع للدكتور فتحى البرادعى، وزير الإسكان، وهو يشرح لنا خطة الحكومة فى مواجهة القنابل الموقوتة بسحب الفتيل حتى لا تنفجر العشوائيات وهو يعلن خطة الحكومة خلال الأشهر المقبلة..
صحيح أنه قدم لنا صورة خالية من الرتوش والتزويق، لأنه كان صادقا فيما قاله، لكن ما قاله هو حلم المواطن الضعيف فى شقة حضارية وليست عشوائية.. المهم استقلالية الزوج والزوجة فى غرفة مستقلة عن الأولاد حتى نضمن جيلاً بلا عقد، والأهم مسكن ليس بالضرورة أن يطل على حديقة، لكن بالضرورة أن يكون صحياً.
نقلا عن المصرى اليوم