الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مرصد الأزهر يحذر من تنامي ظاهرة التطرّف اليمينيّ في ألمانيا

اليمين المتطرف في
اليمين المتطرف في ألمانيا

تعاني الولايات الألمانيّة في الوقت الراهن من تنامي خطر حركات اليمين المتطرّف، حيث تعمل تلك الجماعات ليل نهار على استغلال الأزمات في نشر أفكارها العنصريّة واستقطاب عدد كبير من الشباب وكذلك الترويج لأيديولوجيتها المتطرفة العنيفة بالإضافة إلى تنفيذ عمليات ضد اللّاجئين والأجانب بشكل عام. جاء ذلك في مؤتمر جمع بين "توماس هالدنفانج" رئيس هيئة حماية الدستور الألمانية، و"هورست زيهوفر" وزير الداخلية الألماني؛ لعرض تقرير هيئة حماية الدستور لسنة 2019 الصادر في يوليو 2020، والمعنِي بتقييم حالة الأمن الداخليّ في الولايات الألمانيّة، حيث أفاد التقرير بأن تيار اليمين المتطرّف يشكِّل التهديد الأكبر على ألمانيا في الوقت الحالي، كما صرح وزير الداخليّة الألمانيّ "هورست زيهوفر" أثناء انعقاد المؤتمر عن تنامي خطر اليمين واليسار المتطرّف بالإضافة إلى تزايد أشكال العنصريّة وكذلك ظاهرة معاداة الأجانب والإسلام في ألمانيا.
جرائم اليمين المتطرف بالأرقام
وفق التقرير تم تسجيل حوالي 22.300 جريمة لليمين المتطرّف خلال عام 2019 بزيادة بلغت 10% مقارنة بعام 2018 وحوالي 6.400 جريمة لليسار المتطرّف خلال عام 2019 بزيادة بلغت 40% مقارنة بعام 2018، حسب تقرير هيئة الأمن القوميّ لعام 2019.

كما أفاد التقرير أيضًا بأن أعداد اليمينيين المتطرفين قد تزايدَ خلال عام 2019 ليصل إلى 32080 شخصًا، وهذا الرقم أعلى بكثير مما كان عليه الوضع خلال السنوات الأخيرة، ووفقًا لتقديرات الأمن القوميّ فقد بلغت نسبة الزيادة حوالي الثلث مقارنة بالأعوام السابقة حيث بلغت أعداد اليمين المتطرف حوالي 24100 خلال عام 2018.

تعود تلك الزيادة الكبيرة في أعداد اليمينيين المتطرفين لاحتساب السلطات أعضاء من حزب "البديل من أجل ألمانيا" (اليمينيّ الشعبوي) والمنتمين لبعض الجماعات المتطرفة باعتبارهم جزءًا من المشهد اليمينيّ المتطرّف، ووفقًا لذلك تزايدت أعداد اليمينيين المستعدين للعنف لتبلغ حوالي 13 ألف شخص مقارنة بـ 12700 خلال العام الماضي، خاصة بعد وضع ما يسمى بمجموعة "الجناح" (Flügel) التابعة لحزب "البديل" تحت المراقبة من هيئة الأمن القوميّ وتصنيفها على أنها مشتبه بها خلال شهر يناير 2019؛ وقام بتأسيس تلك المجموعة الرئيس المحلي لحزب البديل بولاية تورينغن "بورن هوكه" عام 2015 وتضم ما يقارب (7000) عضوًا. وكشف التقرير عن ميول نحو (33%) من الأعضاء المنتمين لحزب "البديل"، للتطرف الشديد، وتبنى سياسة التحريض ضد اللّاجئين والأجانب والمسلمين. وبالرغم من أن كتلة الجناح لا تمثل حزب "البديل" بأكمله ولكن أفكار تلك المجموعة باتت تتغلغل بين صفوف أعضاء الحزب، ونجحت في السيطرة على قراراته؛ لذا حاول الأعضاء المعتدلون داخل حزب "البديل" منذ فترة، حلّ هذه المجموعة، لكن لم تنجح محاولاتهم لقوة تأثير المجموعة داخل الحزب.

أما فيما يخص المتطرفين اليساريين فقد أشار التقرير إلى تزايد أعدادهم خلال عام 2019 إلى 650 شخصًا بعد أن كان 620 شخصًا عام 2018. كما أشار "زيهوفر" إلى تراجع خطر التطرّف الدينيّ نتيجة لتراجع وهزيمة تنظيم "داعش" الإرهابيّ في سوريا والعراق إلا أنه أكد أن خطره ما زال قائمًا بسبب تزايد نشاط بعض الجماعات المتطرّفة في ألمانيا.

الجدير بالذكر أن نشاط اليمين المتطرّف يتفاوت من ولاية لأخري، فعلى مستوي الولايات الألمانيّة قد ارتفعت أعمال العنف لليمين واليسار المتطرّف بشكل كبير في العاصمة الألمانيّة "برلين" عن غيرها من الولايات الأخرى، بينما انخفضت تلك الأعمال الإجراميّة لليمين واليسار المتطرّف بشكل كبير في ولايتي "شمال الراين ويستفاليا" و "راينلاند بفالتز". كما عانت أيضًا ولاية "براندنبورج" من خطر اليمين المتطرّف، الذي بلغ مستوى قياسي للمرة السادسة على التوالي، خاصة خلال العام الماضي 2019؛ وذلك بسبب تزايد أعداد المشتبه بهم من المنتمين لحزب "البديل" اليمينيّ الشعبوي، حسبما صرح وزير داخلية الولاية "ميشائيل شتيبجين"، ورئيس الشرطة "يورج مولر" نقلًا عن تقرير هيئة الأمن القوميّ لعام 2019.
نماذج من عنف اليمين المتطرّف
ومن أمثلة عنف اليمين المتطرّف في ألمانيا، مقتل ثلاثة أشخاص جراء أعمال عنف يمينيّة خلال عام 2019 من بينهم "فالتر لوبكه"، رئيس حكومة ولاية "كاسل"، على يد أحد المتطرفين اليمينيين بينما كان الشخصان الآخران في اعتداء بمدينة "هاله" على المعبد اليهوديّ بالمدينة. وكانت الجريمة الأبرز لليمين المتطرّف في عام 2020 هي حادث مدينة "هاناو" بولاية "هيسن"، حيث شهدت المدينة هجومًا مسلحًا على مقهيين لهما طابع شرقيّ، راح ضحيته 9 أشخاص، وإصابة خمسة آخرين. ووفقًا لما نشرته جريدة "بلد" الألمانيّة فقد عُثر صباح يوم الخميس (20 فبراير 2020) على مقطع فيديو وخطاب للجاني المشتبه به والذي يدعى "توبياس ر."؛ يعترف فيه بجريمة "هاناو". وقد عبَّر حينها الناطق باسم الحكومة الألمانيّة "شتيفن زايبرب" عن شعوره ببالغ الحزن والأسى جراء الجريمة.

جدير بالذكر أن النائب العام الألماني تولى بنفسه التحقيق في الجريمة بسبب خطورتها والاشتباه في هجوم إرهابيّ، كما صرح وزير داخلية ولاية "هيسن"، أن التحقيقات أظهرت أن الدافع وراء الهجوم هو كراهية الأجانب. وقد نشر الجاني قبيل ارتكابه للجريمة شريط فيديو استمر قرابة ساعة عبر فيه عن وجهات نظر يمينيّة متطرّفة، وكان مما قال: "إن ألمانيا تخضع لسيطرة جهاز مخابراتي سري ذي قدرات واسعة"، وتحدث بطريقة سلبية جدًا عن المهاجرين العرب، الأمر الذي يوضح الدافع وراء ارتكاب مثل هذه الجريمة.

وقد أعقب جريمة "هاناو" اندلاع عدد من المظاهرات والمسيرات في أغلب الولايات الألمانيّة تنديدًا بالحادث، ولمطالبة المسئولين بالتحرك سريعًا لمحاربة أفكار اليمين المتطرّف، وكانت أبرز تلك المظاهرات كانت في مدينة "هاناو"، حيث شارك -وفقًا لتقارير الشرطة - حوالي 10000 شخص في مسيرة حاشدة تضامنًا مع ضحايا الهجوم اليمينيّ الإرهابيّ على المقهى بمدينة "هاناو"، مطالبين المسئولين