الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

انتخابات شمال قبرص.. كيف تعزز تركيا نفوذها في أهم جزر المتوسط؟

أردوغان ومصطفى تتار
أردوغان ومصطفى تتار رئيس حكومة ما يسمى شمال قبرص

تنظم جمهورية شمال قبرص التي لا تعترف بها سوى تركيا، انتخابات، شبه محسومة لصالح إرسين تتار المرشح المدعوم من نظام الرئيس رجب طيب أردوغان، ما يجدد الأسئلة حول مصير ذلك الجزء الذي تحتله أنقرة وتستغله لتعزيز نفوذها في البحر المتوسط واستفزاز خصومها.

يتقدم تتار المدعوم من تركيا على الرئيس المنتهية ولايته مصطفى أكينجي بفارق 3% من الأصوات، ما يشير إلى إجراء دورة ثانية في 18 أكتوبر الجاري، وسط خلاف متزايد بين النظام التركي وقبرص واليونان حول حقوق التنقيب عن الغاز شرق المتوسط.

اقرأ أيضا:

تحتل تركيا الجزء الشمالي من قبرص منذ عام 1974 وأغلبية سكانها مستوطنين من أصول تركية وتدير علاقتها الخارجية بشكل كامل، بينما تسيطر جمهورية قبرص المدعومة من اليونان على ثلثي الجزيرة، وهما عضوان في الاتحاد الأوروبي.

ورغم اعتراف المجتمع الدولي بسيادة جمهورية قبرص على شمال الجزيرة، تواصل أنقرة احتلال الجزء الشمالي وأفشلت كل المحاولات لإعادة التوحيد، نظرا لأنها ترى في هذه الجزيرة قطعة استراتيجية مهمة جدا لتوسيع حدودها البحرية ونفوذها في شرق البحري المتوسط.

يظهر التدخل التركي جليا في الانتخابات، وفقا لصحيفة "لوموند"، حيث تقول الصحيفة إن نظام أردوغان يدعم بكل وضوح المرشح القومي تتار الذي يشغل حاليا منصب رئيس الحكومة، والتي تعترف بها أنقرة وحدها أيضا.

أما منافس تتار، المرشح الديمقراطي أكينجي، فهو يدعو إلى إعادة توحيد جزيرة قبرص وتخفيف توتر العلاقات في هذه المنطقة، والذي استنكر بشدة تدخل تركيا في الانتخابات.

ويدعو أنصار أكينجي لدعم مرشحهم صاحب الـ72 عاما، لأن قضية الانتخابات ستحدد العلاقات مع تركيا في المستقبل القريب، وحل الإشكاليات الاقتصادية والسياسية في تلك المنطقة المحتلة.

في المقابل، يدعم تتار، فكرة تقسيم قبرص إلى دولتين مستقلتين، وهو ما يرغب فيه نظام أردوغان، فعلى مدار السنوات الماضية، أيد ذلك المرشح الاحتلال التركي ووقف ضد مفاوضات إعادة التوحيد، كما مهد لأنقرة الاحتفاظ بنحو 30 ألف جندي موجودون في هذا الجزء.

وجاء التصويت بعد خطوة مثيرة للجدل، حيث أعلن تتار وكان يقف إل جانبه أردوغان، فتح شاطئ مدينة فاروشا في شمال قبرص، والتي باتت مدينة مهجورة منذ الاحتلال التركي ومغادرة القبارصة اليونانيين لها في 1974.

وأثارت الخطوة جدلا واسعا في قبرص، حيث تنص القرارات الدولية أن تبقى منطقة "فاروشا" المهجورة، كما هي، ووقف أنشطة الاستيطان التركي في ذلك الجزء.

وفي وقت سابق، أدانت جمهورية قبرص قرار "المحتل التركي" وموافقة السلطات على ذلك، منتقدة ما اعتبرته عمل استفزازي غير قانوني تقوم به تركيا، وشددت الحكومة على أن أي خطوة في هذا الشأن سيتم إدانتها من قبل مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي.

بدوره، قال وزير الشئون الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن التكتل قلق من الأمور التي أعلنت والتطورات التي حدثت بخصوص فاروشا، مؤكدا أنها ستؤدي لمزيد من التوترات.

في سياق آخر، تأتي الانتخابات في شمال قبرص التي تعتمد اقتصاديا على تركيا، في ظل أزمة طاحنة بسبب جائحة كورونا، وتردي الأوضاع الصحية والاقتصادية. فيما يستغل النظام التركي دعمه المقدم لذلك الجزء للتحكم في سياسات تخدم طموحاته التوسعية في البحر المتوسط.

كان المرشح الديمقراطي أكينجي تهم تركيا بتهديده حتى لا يرشح نفسه مرة أخرى، والتنازل لصالح تتار مرشح أردوغان، وقال في مقابلة تلفزيونية "أرسلوا لي رسالة عبر مدير مكتبي مفادها عليك الامتناع عن الترشح لولاية جديدة، هذا أفضل لك ولعائلتك".

ويرغب النظام التركي في تعزيز نفوذه على جزيرة قبرص، وهي الثالثة من حيث المساحة في البحر المتوسط، ولا تبعد سوى بضع كيلوميترات عن سواحل تركيا، وهو ما تستغله حكومة أردوغان في نزاعها مع اليونان وقبرص على موارد الطاقة وحقوق السيادة في المنطقة.