الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وزير الري: الملء والتشغيل الأحادي لسد النهضة سيسبب أضرارًا كبيرة لمصر أثناء فترات الجفاف والفيضان المائي

الدكتور محمد عبد
الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والرى

ألقى الدكتور محمد عبد العاطى، وزير الموارد المائية والري كلمة فى "أسبوع القاهرة الثالث للمياه".

وقال في كلمته: بداية يطيب لي أن أعرب عن بالغ سعادتي بتنظيم مصر لأسبوع القاهرة الثالث للمياه بعد النجاح الذي حققه الأسبوع في نسختيه الأولي والثانية والذي أتاح الفرصة للقاء اشقائنا من مختلف الدول والتحالفات والمنظمات ذات الاهتمام المشترك بقضايا المياه .. وهو الأمر الذي يعكس تطلع مصر الدائم إلى التواصل مع شركائها في هذا الملف. 

وأضاف: تسعي مصر من خلال هذا الحدث الهام إلي تعزيز أواصر التعاون والتبادل المعرفي فيما بيننا ورفع الوعي بقضايا المياه وتشجيع الأفكار المبتكرة لمواجهة التحديات التى يواجهها هذا المورد الهام الذي يقترن وجوده بوجود المياه .. قال تعالي "ولقد جعلنا من الماء كل شيء حي" صدق الله العظيم. 


واستطرد: حرصت مصر منذ فجر التاريخ على ترسيخ وتعظيم هذا المورد في وجدان المصريين فقدسوه وتفننوا في إدارته واتخذوا من الإجراءات ما يضمن استدامة عطاءه بالكم والكيف بما يعود بالخير والرخاء على مصر والمصريين بما يعظم الفوائد ويقلل المخاطر .. ولقد سلك المصريون درب آبائهم وأجدادهم في الحفاظ على المياه، من خلال الإدارة المتكاملة للموارد المائية والمحافظة عليها لتحقيق اهداف التنمية المستدامة بما يلبي الاحتياجات الحاضر دونما انتقاص من الحقوق المستقبلية للأجيال القادمة المختلفة لكل القطاعات في ظل التغيرات المناخية وغيرها من التحديات، حيث يعانى ملايين من سكان العالم من نقص المياه خلال الأعوام الـ 25 القادمة ما لم تتكاتف الجهود الدولية وتُتخذ إجراءات وسياسات فاعلة لمواجهة هذه التحديات..ومن هنا جاء عنوان "أسبوع القاهرة للمياه " ليعكس تلك التحديات:"الأمن المائي من أجل السلام .. والتنمية في المناطق القاحلة".

وأضاف: تعتبر مصر أكثر دول العالم جفافًا ويواجه قطاع المياه في مصر يواجه العديد من التحديات لاسيما مع تنامي الفجوة بين الطلب على المياه ومحدودية مواردنا المائية مما جعل التوازن بين الموارد والاحتياجات مشكلة تحدى كبير يجب مواجهتهخطيرة، خاصة أن الأمر لا يقتصر فقط على كمية الموارد المائية المتاحة بل وطبيعتها أيضًا حيث أن أكثر من 97% من مواردنا المائية تأتى من خارج الحدود في الوقت الذي لا يمكننا فيه التعويل علي المياه الجوفية كونها مورد غير مستدام قابل للنضوب. 

واستكمل: وأدى التزايد التدريجي لعدد السكان في مصر الكبير للسكان خلال النصف قرن الماضي إلى انخفاض نصيب الفرد من المياه ليقترب من درجة الشح المائي. وفي ظل تنامي العجز في الموارد المائية فإن الدولة تحاول تقليل الفجوة بين الموارد المائية والاحتياجات المتصاعدة من خلال إعادة تدوير المياه والذي يمثل 25% من الاستخدام الحالي ويمثل نحو 33% من الموارد المتجددة، بالإضافة إلى استيراد مياه افتراضية في صورة سلع غذائية لسد باقي العجز، حيث تجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن التقديرات الاولية لنقص المياه المتجددة في مصر بــ 2% (فقط) سيؤدي إلى فقدان ما لا يقل عن مليون نسمة لعملهم، بالاضافة الي تبوير ما لا يقل عن 200 الف فدان، وهو ما يعزز من فرص الهجرة غير المشروع وتهديد الامن والسلم الاقليميبما يمثل 56% من مواردها المائية حال زراعتها في مصر. 


واستطرد: كما تواجه مصر تحديًا خطيرًا تمثل التغيرات المناخية تحديًا كبيرًا يتمثل في تعرض دلتا نهر النيل شمال مصر إلي التآكل نتيجة ارتفاع منسوب سطح البحر وبما يؤثر سلبًا على الزراعة في شمال الدلتا نتيجة تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية وتدهور نوعيتها وما لذلك من آثار بيئية واجتماعية واقتصادية جسيمة تتطلب اتخاذ إجراءات للتكيف والتأقلم مع التغيرات المناخية وتنفيذ خطة متكاملة لحماية دلتا النيل حيث أنها من أكثر المناطق هشاشة في العالم. 

كما نواجه في الوقت ذاته تحدي الوصول إلى اتفاق عادل بشان بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبى، ففي الوقت الذي ندعم فيه حق إثيوبيا في التنمية والاحتياج للطاقة فإننا نطالب  أن يكون هناك تفهم إثيوبي للاحتياجات المصرية من المياه التي تمثل الحياه بالنسبة لشعبها دون مبالغة، فلقد سعت مصر منذ توقيع إعلان المبادئ في 23 مارس 2015 في الخرطوم  إلى التوصل الى اتفاق متكامل حول ملء وتشغيل السد يراعي شواغل الدول الثلاث، إلا أن المواقف الإثيوبية المتشددة حالت دون ذلك ويمثل التعاون المشترك ضرورة لتقليل التأثيرات السلبية على دول المصب ويمثل الملء والتشغيل الأحادي دون تنسيق مع دول المصب تحديا يسبب أضرارًا كبيرة لدولتي المصب وخصوصًا أثناء فترات الجفاف والفيضان المائي. 

وقال: احتفل العالم في شهر مارس من هذا العام باليوم العالمي للمياه تحت اسم " المياه وتغير المناخ" حيث تشير تقارير الأمم المتحدة إلي أن ثلث سكان العالم يعيشون بدون مياه صالحة للشرب. ومع حلول عام 2050، يمكن أن يعيش ما يقرب من 6 مليارات فرد في مناطق تعاني من ندرة المياه مرة واحدة في العام على الأقل، فالتكيف مع تغير المناخ أهمية بالغة خاصة في البيئات الهشة التي تبرز فيها تأثيرات ذلك التغير علي المياه . 

وخلال السنوات والعقود القادمة، من المتوقع أن يفاقم تغير المناخ من مشكلات الافتقار إلى المياه العذبة. مما يعني أن المناطق الجافة ستصبح أكثر جفافًا مما ستحمل جميعًا تأثيرًا مباشرًا في استخدام المياه المخصصة للزراعة. 

وأكد: لم تعد إدارة الموارد المائية شأن علمي فني فقط، لكنه أصبح أيضا شأنا سياسيا، وهو مرتبط بالحوكمة وبالقيم المجتمعية. ففي القرن الحادي والعشرين، سوف تخضع الموارد العالمية من المياه الصالحة للشراب إلى ضغوطات غير مسبوقة حيث تم تسجيل انخفاض في تدفق بعض الأنهار، واختفاء بحيرات ومناطق رطبة وانخفاض في منسوب المياه الجوفية، جراء الاستخدام الجائر للمياه.. فلقد فرضت علينا هذه التحديات العمل الدؤوب ومضاعفة الجهود نحو تبني سياسات فاعلة وإدارة رشيدة لمواردنا المائية من مفهوم شمولي وتكاملي والسعي الجاد لتنميتها ولتنفيذ برامج توعوية مكثفة لكل فئات المجتمع من أجل ترشيد استخدامها والحفاظ عليها بمشاركة أصحاب المصلحة والقطاع الخاص وعقد الشراكات الجادة لجذب الاستثمارات وتحقيق إدارة كفؤة  لمواردنا المائية من أجل تلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية لكافة القطاعات وتحقيق التنمية المستدامة والمنشودة. 

ولقد حرصت مِصر على أن تُعد رؤيتها لتحقيق لتخطيط وتنمية وادارة الموارد المائية حتى عام 2050، والتي تم إطلاقها في عام 2016 .. والتي ترتكز على أربعة محاور أساسية يأتي تحتها أنشطة وبرامج فرعية تراعي تحقيق الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والمؤسسية مع الأخذ في الاعتبار التكامل مع كافة الوزارات المعنية (الزراعة ، البيئة ، الإسكان ...) ومشاركة المحليات وأصحاب المصلحة والمستفيدين من كافة الشركاء وفئات المجتمع في تنفيذها.

•الحفاظ على نوعية المياه وحمايتها من التلوث والتحكم فى الآثار البيئية السلبية بما يحقق الحفاظ على الصحة العامة
•ترشيد استخدام إستخدام كافة الموارد المائية المتاحة وتعظيم العائد منها ورفع كفاءتها
•تنمية الموارد المائية الجديدة بالتعاون مع دول حوض النيل والاستفادة من مياه السيول
•تهيئة البيئة المناسبة لحماية الموارد المائية من خلال التعاون بين جميع مؤسسات الدولة و رفع الوعي العام بقضايا المياه وضرورة ترشيد الاستخدامات المائية واصدار التشريعات اللازمة لحماية الموارد المائية.

وقد تم ترجمة تلك الاستراتيجية إلي خطة قومية لإدارة الموارد المائية حتي 2037 بتكلفة ناهزت اللن تقل عن 50مليار دولار (وهذا يمثل تحديًا أخر) لتشمل مجموعة من البرامج تستهدف تنفيذ محاور الاستراتيجية.

فقد أولت القيادة السياسية الأولوية لمحور الأمن المائي فعلي صعيد ترشيد المياه.. قامت الدولة بإطلاق البرنامج القومي لتأهيل وتبطين 20 ألف كم من الترع بتكلفة تبلغ حوالي50 مليار جنيه، كما تبنت   البرنامج القومي للتحول من الري بالغمر للري الحديث بتكلفة 80 مليار جنية الذي يستهدف مساحة مليون فدان (كمرحلة أولى) بمشاركة المزارعين انفسهم أنفسهم اصحاب أصحاب الريادة في تنفيذ نماذج رائدة للري الحديث.. حيث يحرص اسبوع القاهرة للمياه على رصد وتقييم وابراز هذه النماذج المشرفة.

وعلي صعيد تنمية الموارد المائية والتأقلم  مع آثار التغيرات المناخية  .. فقد تم تنفيذ حزمة من مشروعات الحماية  والتخفيف من اخطار السيول وتحويلها من نقمة الى نعمة من خلال منشآت حصاد الامطار على طول الساحل الشمالي الغربي وسيناء والبحر الاحمر ومحافظات الصعيد .. كما تم تنفيذ حزمة مشروعات تستهدف الحماية الشاطئية بأطوال تناهز ال 120 كم ومخطط 120 كم غيرها بالإضافة الي مجموعة من محطات الرفع لتتكامل منظومة الحماية من أخطار السيول، وتعكس مجهودات الدولة خلال الست اعوام الماضية باستثمارات ناهزت ال 10 مليارات جنيه. 

هذا .. وقد أسست وزارة الموارد المائية والري لاستخدام التكنولوجيا الحديثة في إدارة المياه، من خلال استخدام نُظم الاستشعار عن بعد والانذار المبكر والرصد اللحظي لمناسيب المياه باستخدام نُظم التليمتري ، واعطاء التحذيرات اللازمة بوقت كافٍ لمستخدمي المياه وكذلك القاطنين بالقرب من الأماكن المُعرضة للمخاطر.  

وعلي صعيد محور تحسين  نوعية المياه وإعادة تدويرها ... يأتي مشروعي معالجة مياه مصرف بحر البقر ومصرف المحسمة بطاقة تزيد على 6 مليون متر مكعب يوميا بتكلفة تناهز ال 22 مليار جنيه ضمن أهم مشروعات اعادة استخدام مياه الصرف الزراعي المعالج في افريقيا والشرق الاوسط. 

هذا بالإضافة الي تنفيذ أعمال تحلية المياه علي لتغطية احتياجات السواحل المصرية بطاقة تبلغ 3 مليارات متر مكعب سنويًا وتكلفة لن تقل عن 9 مليار دولار ما يعادل 140مليار جنيه. 

ولا يفوتنا أن نؤكد أن وزارة الموارد المائية والري بما تمتلكه من كوادر فنية مؤهلة ومراكز تميز تحظي بتقدير المنظمات الدولية تتنوع ما تشمل بين المركز القومي لبحوث المياه الذي يحظي بعضوية مجلس المحافظين بالمجلس العالمي للمياه والمركز الإقليمي للتدريب الذي يحظى بمظلة اليونسكو ومركز التنبؤ بالفيضان الذي تصدر عنه خرائط التنبؤ بالأمطار لاكثرلأكثر من 10 دول عربية وافريقية ومركز التليمتري المعني برصد التغير اللحظي ومركز الاستشعار عن بعد في مناسيب المياه .. أؤكد على ترحيب تعـــاون الوزارة بما تمتلكه من هذه الكيانات بالتعاون والدعم الفني لشركاء التنمية وبالاخصوبالأخص بالقارة الأفريقية والمنطقة العربية وتمثل هذا فى عقد الكثير من الدورات التدريبية لمتدربين لكثير من دول العالم وكل دول حوض النيل واغلب الدول الأفريقية والعربية بالإضافة إلى إنشاء العديد من المشروعات التي تساعد في تنمية المجتمعات الفقيرة في افريقيا ودول حوض النيل وتشمل سدود حصاد الأمطار ، حفر الآبار ، إزالة الحشائش وأعمال الحماية من الفيضان وإدخال نظم الري الحديث.

واختتم: أرجو أن تسفر المناقشات بين الخبراء في مجال المياه في الخروج بتوصيات لتعزيز الوعي وبناء الالتزام السياسي نحو دعم المناطق القاحلة والاستغلال الأمثل للموارد المائية على أسس مستدامة، و العمل علي تبني ورقة عمل لطرحها خلال المنتدي العالمي للمياه المزمع عقده في العاصمة السنغالية داكار العام القادم تتجلى في إعطاء أهمية للمياه على صعيد الأجندة السياسية لقادة الدول، ومناقشة الحلول للقضايا المطروحة حول المياه، وصياغة مقترحات ملموسة لحل النزاعات في قضايا المياه وتوليد التزام سياسي قوي نحو هذه المقترحات.