الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ترامب إلى الأبد.. بصمة الرئيس الأمريكي ستظل حاضرة أيا كانت نتيجة الانتخابات.. الجمهوري العنيد لن يقبل الهزيمة بهدوء.. ودور صانع الملوك ينتظره

الرئيس الأمريكي دونالد
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

ترامب مستمر في تشويه العملية الانتخابية منذ يوم التصويت
ترامب قد يصدر قرارات انتقامية خلال الفترة الانتقالية حال خسارته
حساب ترامب على تويتر يتحول إلى مركز ثقل في السياسة الأمريكية
كوادر الحزب الجمهوري الصاعدة ستخطب ود ترامب لتوظيف نفوذه السياسي والإعلامي

إذا خسر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب محاولته لإعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية فستكون تلك أول هزيمة لرئيس بعد فترته الأولى منذ 28 عامًا.

لكن الأمر المؤكد، وفق ما رأت صحيفة "نيويورك تايمز"، أنه سواء تكلل مسعى ترامب بالنجاح أم الفشل، فلن يرحل ترامب عن السياسة الأمريكية الآن أو بعد 4 سنوات أخرى ببساطة حاملًا مع مزاياه وعيوبه، ولن تعود السياسة الأمريكية إلى سابق عهدها قبله.

لقد قضى ترامب معظم الوقت منذ بدأ فرز أصوات الناخبين الثلاثاء الماضي يحاول تشويه العملية الانتخابية ويلقي اتهامات التزوير والتلاعب هنا وهناك جزافًا، في محاولة يائسة للتشبث بالسلطة أو تبرير الفشل.

ولم تزل أمام ترامب فرصة وإن كانت ضئيلة للفوز بعد احتساب أصوات الناخبين في الولايات التي لم ينته فرز الأصوات فيها بعد، لكن بات واضحًا من سلوكه أنه لا ينوي تقبل الهزيمة والرحيل بهدوء في حال خسارته.

فحتى في حال خسارته، يبقى أمامه 76 يومًا قبل مغادرة منصبه، يمكن أن يستغل خلالهم سلطته بشكل انتقامي ضد خصومه المفترضين، مثل فصل أو تهميش عدد من كبار المسئولين الذين رفضوا تنفيذ أوامره بحذافيرها، بمن فيهم مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي والمسئول الأول عن مكافحة فيروس كورونا مدير المركز الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية أنتوني فاوتشي.

وحتى إن أُجبر ترامب بالقوة على مغادرة البيت الأبيض في حال خسارته، فمن المنتظر أن يظل بؤرة للتوتر والاضطراب على سطح الحياة السياسية الأمريكية، لا سيما وقد حصل حتى الآن على 68 مليون صوت انتخابي على الأقل، أي أكثر بخمسة ملايين صوت مما فاز به عام 2016، وهو يعرف أنه موضع تأييد نصف الجمهور الأمريكي، وليس من المستبعد أن تتلاعب أوهام القوة برأسه وتغريه بتمزيق المجتمع في سبيل العودة إلى سلطته المفقودة، أو التأثير على الحياة السياسية بأي شكل.

وهذا العناد المتأصل في شخصية ترامب ربما يدفعه إلى جملة من التصرفات لم يعهدها الجمهور الأمريكي في الرؤساء الذين فشلوا في الفوز بولاية ثانية مثل جيمي كارتر وجورج بوش الأب، فمن الممكن أن يشرع في تنفيذ رغبته القديمة بتأسيس شبكة إعلامية ضخمة وذات تأثير كبير على الجمهور، أو حتى قد يعيد ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، وقد أسر بذلك بالفعل في بعض أحاديثه الخاصة.

وحتى بدون وجوده في أي منصب تنفيذي، يظل حساب ترامب على موقع "تويتر" مركز تأثير لا يستهان به، ومع وجود أكثر من 88 مليون متابع له، يمكن لترامب أن يلعب دور "صانع الملوك" وأن يمارس نفوذًا كبيرًا على سياسة الحزب الجمهوري وتصعيد كوادره، كما يمكنه الضغط على الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ لوضع العراقيل في طريق بايدن إن فاز الأخير برئاسة البلاد.

وإلى أن يصعد جيل جديد من الجمهوريين الشباب، سيظل بوسع ترامب أن يلعب دور الزعيم الحقيقي للحزب الجمهوري، والذي ينشد ساسة الحزب رضاه لتسخير نفوذه السياسي والإعلامي لخدمة صعودهم.

ومن العجيب أنه بالرغم من النتائج المتواضعة التي أحرزها حتى الآن في الانتخابات، تكشف استطلاعات الرأي زيادة ملحوظة في شعبية ترامب لدى أوساط لم يكن يُتوقع أن يتمتع بتأييد كبير فيها، فبجانب شعبيته الجارفة لدى الجمهوريين (93% منهم يؤيدونه) ارتفع تأييده لدى ذوي الأصول الأفريقية (12%) والأمريكية اللاتينية (32%) بشكل أكبر مما تمتع به في الانتخابات السابقة، على الرغم مما شاب فترة إدارته من إساءات وتوتر مع السكان غير البيض.

مع ذلك، لا يتفق جميع الجمهوريين مع فرضية أن ترامب سيظل عامل تأثير بهذه الأهمية في السياسة الأمريكية والحزب الجمهوري، ويرى بعضهم أن خسارته الانتخابات ستكون فرصة جيدة للحزب كي يتحرر من تأثيره، ويراجع إرثه الذي شابته انحرافات جسيمة في بعض الأحيان عن الخط الرئيسي للحزب. 

وصحيح أن الرؤساء الذين قضوا فترة واحدة في البيت الأبيض لم ينزووا في الظل تمامًا بعد خروجهم منه، إلا أن نشاطهم وتأثيرهم في الحياة السياسية ظلا محدودين، فالرئيس الأسبق جيرالد فورد مثلًا الذي انتهت ولايته عام 1976 فكر في العودة للمنافسة الرئاسية لكنه سرعان ما عدل عن ذلك، والرئيس الأسبق جيمي كارتر لم يزل مرجعية فكرية ذات ثقل ويشارك في أنشطة عامة، والرئيس الراحل جورج بوش الأب كان يشارك في الحملات الانتخابية لنجليه جورج بوش الابن (الذي فاز بفترتين رئاسيتين) وجيب بوش حاكم ولاية فلوريدا الأسبق.

أما بالنسبة لترامب المهووس بفكرة الانتصار الدائم فلن تكون فكرة الخسارة والانسحاب بهدوء مستساغة بهذه السهولة، وقد عبر هو بنفسه عن ذلك خلال زيارة خاطفة قام بها لمقر حملته الانتخابية يوم التصويت الثلاثاء الماضي بقوله "الفوز سهل لكن الخسارة ليست سهلة على الإطلاق. ليس بالنسبة لي".