الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صغار ضد التنمر


هل عرضت جائحة كورونا صغارنا إلى مخاطر إلكترونية لا تعد ولا تحصى؟! لن أتحدث عن فترة الحظر وتوابعها من غلق مدارس وجلوس أطفالنا لساعات طوال أمام الشاشة العنكبوتية، ولن أستطرد في الكلام عن التعليم عن بعد والذي أفقد أبنائنا التواصل المباشر مع المدرسين والزملاء، فالمدرسة لم ولن تكن أبدًا مكان لتعلم المناهج الدراسية فحسب بل كانت دومًا البيئة اللازمة لبناء الشخصية، تكوين الصداقات، واكتساب مهارات التعامل مع الآخرين.


لكن دون سابق إنذار ولا نية مبيتة لأخذ شهادة من المنازل، وجدنا صغارنا يتلقون دروسهم عبر تقنيات حديثة لا يفقه عن أبجديتها كثير من الأمهات والآباء، وليت الأمر وقف عند هذا الحد بل وصل لما هو ألعن، نعم، فلا يوجد ألعن على صغار من ساعات يقضونها على مواقع التواصل الاجتماعي في مرحلة عمرية لا يفرقون فيها بين الصواب والخطأ! فيتعرضون لكل ما يسرق براءتهم بدءًا من ألعاب إلكترونية، ومشاهدات يوتيوب تفتح أعينهم على أشياء أبعد ما تكون عن سنهم، وانتهاءً بالتعرف على مرضى عنف، شذوذ، صفحات تبث أفكار دينية مغلوطة ومشوشة، والأكثر انتشارًا تنمر الكتروني يكره الصغير في دنياه، والنتيجة جيل من المتوحدين، وما التوحد إلا عزلة في عالم افتراضي عن الواقع والمجتمع؟!


أقول هذا الكلام بمناسبة اليوم العالمي للطفل الذي يوافق 20 نوفمبر من كل عام، ومن أهدافه الأساسية التوعية بحقوق الصغار وتوفير بيئة يلتحق فيها كل طفل بالمدرسة ويكون آمنا من الأذى، ولأن هذه السنة في أجندة أبنائنا مختلفة عن غيرها من الأعوام لما مرت به جميع البلدان من عزلة كورونية، كان من الضروري أن نتساءل كيف يقضي صغارنا أوقاتهم بين جدران المنازل؟! فوفقًا للتقديرات العالمية  هناك واحد من بين كل ثلاثة مستخدمين للإنترنت من الأطفال ما يعرض بعضهم للتنمر الإلكتروني.


 لذا لم يكن غريبا أن تكون مصر من أولى الدول التي تكافح هذه الظاهرة، فمنذ ساعات أطلقت منصة "إنستجرام" بالشراكة مع المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة واليونيسيف حملة توعوية جديدة  بعنوان "حاسبوا على كلامكم"، وذلك لرفع مستوى الوعي المجتمعي بشأن الآثار النفسية والعاطفية للتنمر الإلكتروني.  


وقد جاءت هذه الحملة متزامنة مع اليوم العالمي للطفل، وكأنها وقفة ضد كل ما يهدد سلامة وجدانه حتى لو كان تعليقا يوجع مشاعر صغير على صورة أو منشور.


ورغم أن هذه الحملة ليست الأولى للتصدي لهذا الخطر الداهم على صغارنا، كما أن القانون رقم 189 لعام 2020 يجرم التنمر على الإنترنت إلا أن هذه الظاهرة ما زالت مستمرة!


والحل من وجهة نظري يكمن في فيديو شاهدته لطفلة أجنبية تعرضت للتنمر بالمدرسة في سن السادسة، وعندما وصلت إلى 9 سنوات قررت أن تتصدى لكل متنمر من خلال حملة أطلقتها بعنوان "قوة الرفاق" جمعت فيها مجموعة من الأطفال وأصبحوا يتلقوا بلاغات من في مثل أعمارهم وسرعان ما يتجمعون وبمنتهى الحسم يقفوا مع ضحية التنمر رافعين شعار الاتحاد قوة.


ولا يختلف الحل في بنجلادش، حيث قام مراهق يبلغ 17 عام بإنشاء تطبيق هاتفي لمكافحة التنمر، حيث يتلقى ومجموعة من المتطوعين بلاغات الضحايا الصغار ويساعدهم بالوقوف بجانبهم، فضلًا عن إبلاغ الجهات المختصة، وقد حصل هذا المراهق على جائزة السلام الدولية للأطفال التي تقدر بنحو 118 ألف دولار، وقد قرر توظيفها في نشر تطبيقه بشكل أوسع، باختصار الخلاص من التنمر يعتمد على الأطفال أنفسهم فلما لا نوجه حملات مكافحة التنمر للم شمل الصغار كي يدافعوا عن أقرنائهم من ضحاياه؟! 

 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط