الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكايات غريبة عن القبائل العربية.. كيف تعيش الرشايدة والعبابدة والعوازم في صحراء قنا؟ صور

مراسل صدى البلد مع
مراسل صدى البلد مع القبائل

تعايشت القبائل العربية وسط مجتمعات جديدة فى مناطق متفرقة بمحافظات مصر المختلفة، وزرع فيهم حب وطن جديد اسمه "مصر"، لكن عاداتهم وتقاليدهم التى توارثوها عن آبائهم وأجدادهم منذ هجرتهم للجزيرة العربية قبل أكثر من قرنين من الزمان، لم تتغير، فما زالت راسخة فى عقولهم ومتجسدة فى حياتهم اليومية، لم تغيرها الأيام أو الطبيعة المختلفة، فمع كل مناسبة سعيدة يتخلى كبار العائلات وعوائلها عن ملامحهم الجادة ليشاركوا أبناءهم وأحفادهم فى جلسات أو حلقات الزريبى والرجيعى والمتينى وغيرها من الفنون التى ورثوها عن آبائهم وأجدادهم.


الفنون والألعاب ليست وحدها التى قدم بها أبناء قبائل "الرشايدة والعبابدة والعوازم" من شبه الجزيرة العربية، فما زال الكثير منهم متمسك بملابسهم القديمة التى توارثوها عن الأجداد، وما زالت القهوة العربى والجبنة من المشروبات الخاصة بهم بمثابة المشروب الرسمى فى مناسباتهم المختلفة، وهو ما يتجسد فى جلساتهم ومناسباتهم فى صحراء نقادة بمحافظة قنا.


تنتشر قبائل "الرشايدة والعبابدة والعوازم" فى عدد كبير من محافظات مصر المختلفة، فضلًا عن عائلاتهم الممتدة فى دول الجزيرة العربية، وفى قنا يستوطن الكثير منهم صحراء قرية طوخ التابعة لمركز نقادة، عمروا فيها مئات الأفدنة الصحراوية الجرداء وحولوها إلى أرض خضراء تمتلئ بالخير والنماء.


"صدى البلد" عايش لحظات وفقرات من حياة القبائل العربية التى تسكن صحراء قنا، تعرفنا خلالها على طبيعة الحياة وأهم الفنون التراثية التى يحرص أبناء هذه القبائل على أدائها، والتى ما زالت تحمل الكثير من المعانى والقيم التى افتقدناها فى الحضر.


قال الشيخ عايش منسى حمدان الرشيدى، أحد شيوخ قبائل الرشايدة بمصر: "قدمنا من الجزيرة العربية إلى مصر منذ أكثر من 250 عامًا وتعايشنا مع المجتمع المحيط، فى مناطق كثيرة ومحافظات مختلفة تنتشر بها قبائلنا، ورغم تعايشنا وتأقلمنا مع الحياة والمجتمعات المحيطة، إلا أننا مازلنا متمسكين بعاداتنا وتقاليدنا التى توارثناها عن آبائنا وأجدادنا والتى تمثل تراثا عريقا نفخر به ونعمل على إحيائه بشكل دائم لكى يتوارثه أبناؤنا وأحفادنا".


وأضاف الرشيدى: "من ضمن ألوان التراث التى توارثناها عن آبائنا وأجدادنا فنون "الزريبى والمتينة والرجيعى" وهى فنون غنائية برقصات معينة، نمارسها فى أفراحنا ومناسباتنا السعيدة، ويتعلمها أطفالنا خلال أدائنا لحركاتها وكلماتها التى نحفظها عن بعضنا البعض، فهى فنون لا تدرس ولا يمكن لأي فرقة من خارج قبائلنا أن تؤديها أو تتقنها لأنها فن شفهى يتم تناقله عبر الأجيال، وهذه بعض الكلمات التى نرددها خلال رقصاتنا "يا بخت من عاشر الطيب وأكل من زاده" و"ليه ليه يا ليالى وليه يا زمان.. دفنت الأسود تحت الرمال".


وأشار إلى أن الأجيال الجديدة لا تعيش بمعزل عن المجتمع المحيط، لذلك ظهرت فى الفترة الأخيرة مقطوعات غنائية جديدة يتم تأديتها فى المناسبات المختلفة بجانب الجمل التراثية القديمة، تسمى "بدعة" كونها مبتكرة ويتم تأديتها فى مناسبات خاصة أو حول حدث معين.


وقال أحمد محمد حمدان عيد، من قبيلة العوازم: "نقيم جميعًا فى منطقة حاجر طوخ بنقادة، ويقطن معنا فى هذه البلدة قبائل الرشايدة والعبابدة والعزايزة، وقد أتينا من الجزيرة العربية، وكل ما نقدمه من تراث متمثل فى فقرات غنائية أو رقص، نحتفظ به عن أجدادنا حتى الآن ويتوارثه منا الأجيال جيلا بعد جيل، ويظهر هذا التراث فى أفراحنا وأعراسنا".


وأضاف عيد: "من ضمن الفنون التى نتغنى بها "الزريبى" ويتم خلاله تقسيم المشاركين إلى مجموعتين، كل مجموعة عددها من 10 إلى 20 فردا فى كل صف ويرددون كلام موزون ومقفى ضمن الجمل التراثية التى حفظناها عن أجدادنا ومنها على سبيل المثال "إن يا ندهت انده كريم.. يحيى العظام وهى رميم"، و"الشاى والنعناع غاية كيفنا.. اذبح سمين الضأن وأكرم ضيفنا".



وأكد محمد امبارك على أحمد، من قبيلة عرب الرشايدة: "كل ما نردده من كلمات وأغانٍ هى من تراث أجدادنا نحفظه بدون كتابة أو قراءة، ومن ضمن الفنون التى ما زلنا نمارسها، ومنها لعب الرجيعى نقول فيها "ليه ليه يا ليالى وليه يا زمان.. وحلوم الليالى قلقتنا المنام".


وأوضح محمود محمد امبارك على أحمد، من قبيلة عرب الرشايدة، أن من ضمن الفنون التراثية التى هاجرنا بها من الجزيرة العربية، "فن المتينة" يتم خلاله تكوين صف واحد، يقسم إلى فريقين، كل فريق يرد على الفريق الآخر بكلمات موزونة فى نفس سياق الموضوع، مثال على ذلك فريق يردد "ورسالتى لك دمع عينى فى زجاج أخضر"، فيرد الفريق الآخر "وليك من عندنا سلام من عندنا تحضر"، وهى رسالة من شخص لأخيه الغائب يريد بها توصيل السلام من خلال لعب التراث الأصيل.


وأشار حسن سالمان على، قبيلة عرب الرشايدة، إلى أن المناسبات والحفلات التى يتم إقامتها فى الأماكن الفسيحة يصاحبها حضور ضيوف، لابد أن يكرم ويقوم معه الجميع بالواجب تجاه الضيف، وبعدها لابد أن يتناول القهوة العربى التى يتم إعدادها فى حضور الضيف، وقال: "شرب القهوة عندنا له قواعد وأصول فى الشرب".