الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مهرجان النصب الفلكي


علام تهاجمون خرافات السلفيين إذن؟!.. وما لكم لا تتحملون أسماء كالحوينى وحسان وبرهامي؟!.. كيف لكم استنكار ما يردده هذا وذاك عن عذاب القبر والشجاع الأقرع، بينما يصيبكم الصمم والخرس أمام موسم النصب السنوى؟!.

ففي نهاية كل عام ينعقد مهرجان كبير للحديث عن الأبراج الفلكية ونبوءات العام الجديد وأهم ما سيقع فيه من أحداث أو كوارث في جميع بقاع الأرض من التنبؤ بحرب عالمية وإلى بقاء محمد صلاح أو انتقاله من ناديه الإنجليزى!.

ولأن هذا المجال مجال نصب علنى "متفق عليه مسبقا" احترفته طغمة من المخادعين مدعي العلم بالغيب، فهو يسعى بكل قوة لتثبيت هذه الخرافات التى لا تقل خطورة ولا خداعا عما ينشره المتهوسون من التيارات السلفية وكل له أساليبه التى يختطف بها وعي الناس ليعمى بصائرهم ويفرض عليهم الاستماع عبر وسائل إعلامية مختلفة من برامج ذائعة الصيت ومواقع على الإنترنت ومجلات وجرائد عريقة أو واسعة الانتشار.

وللأسف، فكثير من المسئولين عن وسائل الإعلام يبرزون هذا الهراء، فيستضيفون رموز النصب بحظوظ مواليد الأبراج أو التارت أو التنجيم أو ما شابه ويتركون لهم المجال مفتوحا لتقديم كل بضاعتهم المغشوشة في هذا الموسم.

ولا يخفى أن ممارسة هذه الخرافات تلفت انتباه وتستثير شهية المتابعين مما يتيح الفرص لخداعهم وتعميتهم بسيل من التنبؤات المثيرة ودائما تجد الإنسان - لا سيما ضعيف الإيمان بالدين والعلم - مضطربا قلقا أمام المستقبل دائما يضع يده على قلبه خوفا مما سيحدث وتراه في الوقت نفسه طامعا متلهفا إلى مستقبل أفضل مفعم بالحظ السعيد!.

هذه المشاعر المتحرقة لمعرفة ما سيحدث، تتمتع بها فئات مضطربة ومذبذبة، تقدم عقولها قرابين في ساحة الشيطان يعبث بها كيف يشاء، فتراهم ينظرون لهؤلاء الدجالين من عرافين ومنجمين ومشعوذين على اختلاف أساليبهم، نظرة إجلال ورهبة، فيرهفون  لهم السمع ولا ينبسون ببنت شفة أمام ما يتخرص به هؤلاء المخادعون من محترفي النصب العلنى!.

والدلالة عندى -للأسف- لا تعنى سوى فشل ذريع ومحبط في نشر الثقافة العلمية وسقوط مدو للمعنين بالتنوير "للمرة الثانية" أمام الدجل والخرافات والتخرصات، فالمسئولون عن نشر الثقافة والتنوير يتجاهلون هذا الملف الخطير الذي كانت فيه هزيمتهم المنكرة.

 أما المرة الأولى، فقد سبق لهم أن زعموا أنهم قاموا بمحاربة الإرهاب والتطرف، لكنهم ما يخدعون إلا أنفسهم، فما انتشر التطرف والإرهاب إلا بتخاذلهم أمام نشر الأساطير والتخاريف مع ترهيب الناس وترغيبهم وكأنهم ملكوا مفاتيح الجنة والنار، فكان الحصيلة نشر ثقافة تعتمد على سطوة هذه الأفكار وفوجئنا بالمساجد والشوارع تعج بأتباع هذه الفئة ومازلنا نعانى وسنعانى منه إلى أجل لا يعلم مداه إلا علام الغيوب.

لكن ظهرت فئة الدجالين من زاعمى العلم بحركة الأبراج السماوية وعلاقاتها بما يحدث على الأرض مدعين علما بلا سند ولا كيان ظاهر وما هو إلا تخرصات واعتماد على قدرات عالية في إتقان النصب والاحتيال، سالكين الطريق نفسه الذي سلكه التطرف العقائدى الدينى قبلهم، فقاموا مثلهم بالترهيب من المستقبل أو الترغيب فيه بنبوءات خاطئة كاذبة ليس لها سند إلا التخمين القائم على المقامرة والمراهن على ضعف ذاكرة المتلقين من السذج والغافلين الذين تجد فيهم -مع الأسف- من يحمل درجات علمية ولديه قدر كبير من الثقافة والمعرفة، لكنه بسبب اختلال إيمانه بالعلم وقبله جهله بالدين، أسلم عقله بكامل وعيه لهذه الفئة التى لا تكف عن الكذب والافتراء لكن بشكل متقن وثقة يحسدون على حبك ظاهرها في أحاديثهم المخاتلة.

قل لي: كم مرة تنبأوا باغتيال ترامب وبوتن وغيرهما من زعماء العالم؟
تقريبا ترامب يغتال كل عام وبوتين يموت كل سنة وبأتى العرافون الكذابون في آخر السنة متجاهلين كل نبوءاتهم الوهمية والعجيب أن مستمعيهم ينسون كذلك بما يثير الغرابة في مدى السيطرة التى تمارها تلط الطغمة على وعيهم فتراهم ينقادون انقياد الإرهابي لأمير جماعته.

بالطبع لن أنزلق لأناقش أكاذيبهم ومحاولاتهم خداعنا بذكر أسماء الكواكب وعلاقتها بحركة النجوم ، فهذا متروك لأرباب هذا الملف الذين يتجاهلون كذلك ما يردده هؤلاء ويزعمون علاقته بحركات الأجرام السماوية التى حولها هؤلاء إلى ساحة لممارسة الدجل والنصب والاحتيال مهما كانت القوى الخفية التى تحمى نشر مثل هذه الثقافة، فإنه يتوجب على الأجهزة المعنية في الثقافة والإعلام التصدى لمثل هؤلاء وشن حملات عليهم في موسمهم السنوى نهاية كل عام لإبطال ما يتخرصون به.. سوى ذلك فهم إذن متآمرون معهم لنشر هذه الثقافة المسمومة أو على الأقل متخاذلون لا يستحقون مراكزهم التى عهدت بها الدولة إليهم بعد هزيمتهم أمام الجهلين الإرهابي والفلكى.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط