الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إبراهيم عمران يكتب: التدخين يدمر الصحة والاقتصاد

صدى البلد

في الوقت الذي يعاني فيه العالم جائحة كورونا، وما لحق بها من خسائر بشرية واقتصادية هائلة، يصدمنا التقرير السنوي الأخير لمؤتمر جمعية مكافحة التدخين والدرن وأمراض الصدر، الذي عقد بالقاهرة قبل أسبوعين، بإعلانه أن المصريين يستهلكون 80 مليار سيجارة سنويا، بقيمة 70 مليار جنيه، إلى جانب 50 ألف طن «معسل» في العام بقيمة 3 مليارات جنيه، وهو ما يعني أن ما ينفق علي التدخين في مصر يتجاوز 73 مليار جنيه، ناهيك عما ينفق على ما يخلفه من أمراض.

واللافت أن "كوفيد 19" الذي أزعج العالم بأسره يستهدف بالأساس الجهاز التنفسي، وهو المنطقة الأكثر تأثرا بالتدخين، مما دعا عدد من العلماء إلي المطالبة بالإسراع بالتصدي لهذه الآفة المدمرة (التدخين)، الذي يتسبب في وفاة 170ألف شخص سنويا، مطالبين بوضع حد لهذا الهدر والاستنزاف المركب للاقتصاد والصحة، خاصة أن معظم الأمراض التي يتسبب فيها التدخين تتسلل إلي الجسد خلسة، وتتمكن منه رويدا رويدا، ليفاجأ المدخنون في النهاية بأن التدخين قد سرق منهم عافيتهم بعد أن سلب أموالهم!.

التدخين يؤدي إلى أمراض نفسيّة وصحيّة خطيرة وبعض هذه الأمراض لا يظهر على المدى القريب، فمن الناحية الصحيّة يؤثر على الجهاز العصبيّ مثل الشعور بالأرق والتغيرات المزاجيّة، وزيادة الشعور بالتعب، وعدم القدرة على التركيز، والتفكير، والسيطرة، والتحكّم بوظائفه الأخرى.

والدخان مدمر للصحة، لما تحتويه السيجارة أو الشيشة، من تبغ، ومواد سامة، تؤدي إلى الإصابة بالسرطانات، والموت المفاجئ، ومن أبرز الأمراض التي يتسبب فيها التدخين: سرطان الرئة، الانسداد الرئوي المزمن، أمراض القلب، السكتة الدماغية، أو جلطةً دماغيّةً، تمدد الشريان الأورطي، سرطان البلعوم، سرطان المريء، سرطان المثانة، والرحم، والثدي، التهاب المفاصل الروماتويدي، الضعف الجنسي، ضعف جهاز المناعة، مشكلات في الجهاز التنفسي (التهاب الشعب الهوائية المزمنة، وسرطان الرئة، الانسداد الرئوي المزمن)، مشكلات متعلقة بالحمل: مثل الموت المفاجئ للرضيع، مشكلات في الكبد وفي الجلد، وفي الأسنان: فقد يؤدي التدخين إلى سقوط الأسنان، وتسوّسها، والتهابات اللثة، وظهور الفطريات، وقد تحدث التهابات اللسان والحلق، وتشقّقه وتقرّحه.

التدخين ما هو إلا إتلاف للمال وإضاعته، وقد نهى الشرع عن ذلك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال". وأية إضاعة للمال أبلغ من إتلافه وحرقه حين يحرق التبغ الذي اشتري بهذا المال ولا يبقى منه إلا الدخان الذي يتبدد في الهواء، والتراب الذي يتناثر على الأرض والداء الذي يستقر في جسم الإنسان فيضر صحته ويغتال حياته. ومن ثم لا يجوز للإنسان أن ينفق ماله فيما لا ينفعه لا فى الدنيا ولا فى الدين.

ويشير إلى أن الصحة والمال وديعتان من الله تعالى، فلا يجوز للإنسان أن يضر بصحته أو يضيع ماله. ولذلك نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، لكن للأسف المدخن يشترى ضرر نفسه بحُرّ ماله. وهناك ضرر آخر وهو أن الاعتياد علي التدخين يستعبد إرادة الإنسان، ويجعلها أسيرة لهذه العادة السخيفة بحيث لا يستطيع الإنسان أن يتخلص منها بسهولة إذا رغب في ذلك يوما لسبب ما، كظهور ضررها على بدنه، أو سوء أثرها في تربية ولده. ونظرا لهذا الاستعباد نرى بعض المدخنين يجور على قوت عياله من أجل إرضاء هواه لأنه لم يعد قادرا على التحرر منه. وإذا عجز مثل هذا يوما عن التدخين لمانع داخلى أو خارجى، فإن حياته تضطرب، وميزانه يختل، وحالته تسوء، وأعصابه تثور لسبب أو لغير سبب.

 الاقتصاد الوطني يتأثر بنسبة أيام العمل التي تضيع بسبب أمراض التدخين، كذلك يتأثر اقتصاد الفرد بما ينفق على التدخين وعلاج الأمراض التي يسببها التدخين، وقد تكون أسرة الفرد بحاجة ماسة إلى ما ينفق في التدخين وعلاج آفاته، فيضيع الفرد ماله، ويضيع من يعول والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول.

سبل المواجهة
مجابهة التدخين إنما تقوم على دعامتين اساسيتين هما: الوقاية والعلاج. فالوقاية: تستهدف الحيلولة دون الوقوع في خطره. والعلاج:هو محاولة إنقاذ من وقعوا فى براثن الخطر. وهنا يجب على أجهزة الإعلام أن تشن حملة منظمة لبيان مساوئ التدخين، وعلى الدولة أن تتكاتف لمقاومة هذه الآفة، وأن تيسر سبل العلاج منها وتدعمها، لأنه ـ كما هو معلوم ـ الإقلاع عن الإدمان، سواء كان تدخينا أو مخدرات، من الأمور الشاقة والمكلفة جدا.. ويدعو إلى تعميق الحوار مع الشباب وملء فراغهم فيما هو نافع ومفيد، إذ إن الفراغ هو أحد أكبر الأعداء للمدخن أو المدمن.