الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ما هي عمرة القضاء وفي أي سنة كانت؟

عمرة القضاء
عمرة القضاء

عمرة القضاء .. هي العمرة التي تم الاتفاق عليها في صلح الحديبية بين رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وقريش، ووقعت أحداثها في أواخر العام السابع من الهجرة وعُرِفَتْ بـاسم عمرة القضاء.

أسباب عمرة القضاء
لما رجع المسلمون من الحديبية وقد صدّهم المشركون عن البيت الحرام، اتفق الفريقان -المسلمون والمشركون- على أن يعود المسلمون عن مكّة عامهم هذا ثمّ بعد سنة يعودون إلى مكّة فيعتمرون.

أهداف عمرة القضاء
كان من أهداف هذه عمرة القضاء هو تصديق رؤيا النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في دخول المسلمين مكّة أوّل مرة؛ إذْ ظنّ المسلمون أنّ رؤيا النبيّ هي يوم الحديبية، ولكنّهم لمّا عادوا ولم يدخلوا مكّة اتّفقوا على أن يعودَ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه إلى مكة عامهم المقبل فيعتمروا، فأنزل الله -سبحانه- الآية التي أخبرتهم أنّ الذي فَعلوه -أي الصّلح- هو فتح، أو مقدّمة لفتح قريب؛ إذ قال عزّ من قائل: «لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا».

لماذا سميت عمرة القضاء بهذا الاسم
سميت عمرته صلى الله عليه وسلم التي كانت بعد الحديبية بعمرة القضاء، وعمرة القضية، لأنه صلى الله عليه وسلم قاضى قريشًا عليها كما قال أهل السير، وذكر "الحافظ" في الفتح: سميت عمرة القضاء لأنه قاضى فيها قريشًا، لا لأنها قضاء عن العمرة التي صُدَّ عنها، لأنها لم تكن فسدت حتى يجب قضاؤها، بل كانت عمرة تامةً. ولهذا عدوا عُمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم أربعًا.

أحداث عمرة القضاء
خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع ألفين من أصحابه، وحمل معه سلاحًا كثيفًا، وأخذ عُدَّةَ حربٍ كبيرةً تحسُّـبًا لأي خيانة من قريش، ولكنه كان ينوي دخول مكة -كما اتفق مع أهلها العام الماضي- بسلاح المسافر فقط.

ورأت عيون قريش الأسلحة فَفَزِعَتْ، وأرسلت وفدًا برئاسة «مِكْرَز بن حفص» ليستوضحوا حقيقة الأمر، فقابلوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بطن يأجج بمر الظهران، فقالوا له: يا محمد؛ والله ما عرفناك صغيرًا ولا كبيرًا بالغدر.. تدخل بالسلاح الحرم على قومك، وقد شرطتَ ألاَّ تدخل إلاَّ على العهد، وأنه لن يدخل الحرم غير السيوف في أغمادها؟!

ووصلت قريش إلى حالة من الضعف لا تستطيع فيها أن تُواجه قوَّة المسلمين، فكان هذا الفزع من القوَّة الإسلامية، وكان من الممكن أن يستغل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا الفزع والهزيمة النفسية، وكان من الممكن أن يستغلَّ اقترابه من مكة إلى هذه الدرجة، وهو في ألفين من رجاله مدجَّجِينَ بالسلاح، كان من الممكن أن يستغلَّ ذلك كله في غزو مكة بحُجَّة استرداد الحقوق، أو بحُجَّة المعاملة بالمثل جزاء حصار الكفار للمدينة في غزوة الأحزاب؛ كان من الممكن كلُّ ذلك، ولكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-لم يفعل ذلك، لأن المسلمين عند عهودهم مهما كانت الظروف؛ ولذلك أجاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثقة: «لا نَدْخُلُهَا إِلاَّ كَذَلِكَ». وسمع مِكْرَز الكلمة وطار مسرعًا إلى مكة يقول لهم: إن محمدًا لا يدخل بسلاح، وهو على الشرط الذي شرط لك. لقد قال مِكْرَز هذه الكلمات وهو على يقين من تحقُّقها، وما دام قد قال –صلى الله عليه وسلم- فلا شَكَّ أنه صادق.

ووضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السلاح خارج مكة، وترك معه محمد بن مسلمة في مائتي فارس لحمايته، ودخل هو وبقية الصحابة لأداء العمرة بالسيوف في أغمادها كما وَعَدَ، وكان الاتفاق على أن تُخْلِيَ قريشٌ مكة بكاملها للمسلمين مدَّة ثلاثة أيام كاملة لأداء مناسك العمرة، وقد تمَّ ذلك، ووقف المشركون على رءوس الجبال المحيطة يُشاهدون مناسك العمرة طِبْقًا للشرع الإسلامي.

عمرة القضاء
وتمَّت العمرة المباركة، وارتاحت قلوب المسلمين برؤية الكعبة والطواف حولها، ومرَّت الأيام الثلاثة بسرعة، وفي آخرها تزوَّج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ميمونة بنت الحارث العامرية الهلالية –رضي الله عنها، وهي خالة خالد بن الوليد من كبار زعماء قريش، وأخت أُمِّ الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- عَمِّ الرسول –صلى الله عليه وسلم، ولهذا الزواج بُعْدٌ سياسي واضح؛ فخالد بن الوليد ليس قائدًا هامشيًّا في مكة، بل هو أعظم قُوَّادها العسكريين مُطلقًا، وكان من الواضح أنَّ حِدَّة طباع خالد قد خَفَّتْ مع المسلمين جدًّا بعد وقعة الحديبية؛ لِمَا رآه من أحوالهم، ومن إحساسه أنهم مُؤَيَّدُون بقوَّة خارقة لا يعرفها، حتى إنه يوم الحديبية يصف الرسول –صلى الله عليه وسلم- وجيش المسلمين بقوله: «الرَّجُلُ مَمْنُوعٌ».

عمرة القضاء
لقد غَيَّرَت الأحداث نفسية وسلوك خالد بن الوليد، وزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من خالته سوف يُقَرِّبُ منه أكثر وأكثر، ولو حدث وأسلم خالد فإن هذه ستكون إحدى الضربات القاضية للكفر وللكافرين، وسبحان الله! فقد أسلم خالد -رضي الله عنه- بعد شهور قليلة من عمرة القضاء مُثْبِتًا بذلك عمق نظرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

وبعد انتهاء الأيام الثلاثة المحدَّدة للعمرة جاء سهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى موفدين من قِبَل قريش لحثِّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه على الخروج؛ فقالوا له بغلظة: إنه قد انقضى أجلك؛ فاخرج عنا. فأراد -صلى الله عليه وسلم- أن يتلطَّف معهم بالرغم من جفائهم، فقال لهم: «وَمَا عَلَيْكُمْ لَوْ تَرَكْتُمُونِي فَأَعْرَسْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ فَصَنَعْتُ لَكُمْ طَعَامًا فَحَضَرْتُمُوهُ؟».

وأراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يكون طبيعيًّا تمامًا في تعامله معهم؛ بل أراد أن يكون ودودًا كريمًا مضيافًا يدعوهم إلى طعامه وشرابه واحتفاله بعُرسه، متناسيًا تمامًا تاريخهم الأسود معه.

عمرة القضاء دروس وعبر
 تضمنت عمرة القضاء العديد من الدروس والعبر والدلالات التي تمثّلت بالعديد من الوقائع التي حصلت قيها، وفيما يأتي بيان جانب منها:

- كانت عمرة القضاء بمثابة الخطوة التي مهّدت لفتح مكة، فالمسلمون كانوا كاليد الواحدة محيطين بالرسول --صلى الله عليه وسلم-- أثناء أداء مناسك العمرة، بكل عِزّة وقوة ومنعة، وذلك كان سببًا في زعزعة نفوس المشركين، الذين كانوا يتصوّرون ضعف المسلمين لاعتقادهم بأنّ هذا ما سيؤول عليه حالهم بسبب تأثرهم بسوء مناخ يثرب، وإصابتهم بالحُمّى، فإظهار المسلمين لقوتهم أمام الكفار كانت من عوامل فتح مكة، ومما يدل على ذلك ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنه، حيث قال: «قدم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأصحابُهُ، فقال المشركونَ: إنه يقدُم عليكُم وفدٌ، وهَنتْهُم حُمَّى يثربَ».

 الحرص والحذر من المشركين والكفار، بأخذ الاحتياطات وإعداد العدة التي تزرع الخوف في نفوس الكفار، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يأمن من غدر الكفار أو خيانة عهدهم كعادتهم.

اقرأ أيضًا:

كيفية أداء مناسك العمر
 أجمع العلماء على مشروعية العمرة وفضلها، واختلفوا في وجوبها، فذهب الإمامان أبو حنيفة ومالك– إلى أنها سنة مستحبة وليست واجبة، واستدلوا بما رواه الترمذي (931) عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟ قَالَ: لا، وَأَنْ تَعْتَمِرُوا هُوَ أَفْضَلُ». غير أن هذا الحديث ضعيف، ضعفه الشافعي وابن عبد البر وابن حجر والنووي.

وذهب الإمامان الشافعي وأحمد إلى وجوبها، واختار هذا القول الإمام البخاري، وأنها تجب على الإنسان مرة واحدة في العُمر، واستدل القائلون بالوجوب بعدة أدلة: أولًا: ما رواه ابن ماجه (2901) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ». قال النووي في "المجموع" (7/4): إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم، ووجه الاستدلال من الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم (عَلَيْهِنَّ) وكلمة (على) تفيد الوجوب.

ثانيًا: حديث جبريل المشهور لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وعلاماتها، فقد رواه ابن خزيمة والدارقطني عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفيه زيادة ذكر العمرة مع الحج، ولفظه: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وتتم الوضوء، وتصوم رمضان» قال الدارقطني: هذا إسناد ثابت صحيح.

ثالثًا: ما رواه أبو داود (1799) والنسائي (2719) عَنْ الصُّبَيّ بْن مَعْبَدٍ «قال كُنْتُ أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّا... فَأَتَيْتُ عُمَرَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي أَسْلَمْتُ، وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيّ فَأَهْلَلْتُ بِهِمَا، فَقَالَ عُمَرُ: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

خطوات أداء العمرة 
أولًا: الإحرام: يعتبر الإحرام نيّة الدّخول في رحلة العمرة، ومن المحبّب أن يتلفّظ المسلم المعتمر بقول «لبّيك عمرة لبّيك عمرة» وذلك عند إحرامه. يُحرم الرّجل في ملابس الإحرام وهي مكوّنة من إزار ورداء من غير المخيط، ويستحبّ أن يكون لونهما أبيضًا، وإذافة إلى ذلك يعتبر الاغتسال والطّيب والتنظّف من السنن المحبّب اتّباعها قبل الإحرام، وعلى المعتمر أن يقول بعد الإحرام: " لبّيك اللهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك لا شريك لك". 

أما ملابس إحرام المرأة فليس لها لباس محدد لـ الإحرام كما يعتقد البعض، ولكن لا يجوز لها لبس القفّازين أو ارتداء النّقاب كما بيّن النبيّ عليه الصّلاة السلام حيث قال: «لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفّازين». 

ثانيًا: الطواف
الطواف يكون سبعة أشواط على مدار الكعبة، حيث يبدأ كلّ شوط من هذه الأشواط من أمام الحجر الأسود، وينتهي عند ذلك الحجر، أمّا الكعبة فتكون على يسار المعتمر أثناء مرحلة الطواف، كما أنّه يسنّ للمعتمر أن يقوم بمسارعة المشي مع تقارب الخطوات، ويكون ذلك في الأشواط الثلاثة الأولى تحديدًا. 

ثالثًا: الصلاة عند المقام
الصلاة عند المقام من السنّة للشّخص المعتمر عندما يتوجّه للصّلاة في المقام أن يبدأ بتلاوة قوله تعالى «وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى»، ومن السنّة كذلك أن يصلّي المعتمر ركعتين بعد إتمامه طوافه، ويستطيع بعد الصلاة أن يشرب من ماء زمزم ويلمس الحجر الأسود . 

رابعًا: السعي 
ويكون السعي عبارةً عن سبعة أشواط، تبدأ عند الصفا وتنتهي عند المروة، كما أنّه من السنّة النبويّة الشّريفة أن يقول المعتمر عندما يقترب من الصّفا "إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ" وذلك في بداية الشّوط الأول. وإن وصل المعتمر الصّفا يرى الكعبة فيرفع يديه للدعاء ويقول: «الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده».

يعتبر الحلق أو التّقصير من واجبات العمرة إلّا أن الحلق أفضل من التّقصير وذلك للرّجل، أمّا المرأة فليس شرطًا عليها أن تقصّر شعرها، ولا يجوز لها الحلق.

فضل العمرة
- العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما كما أخبرنا بذلك الرسول عليه السلام بقوله: «العمرة إلى عمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلى الجنة». 
- العمرة بالإضافة إلى الحج أحد الجهادين، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «الغازي في سبيل الله، والحاجّ، والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم». 
- العمرة تُذهب الفقر وتغفر الذنوب: كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «تابعوا بين الحج والعمرة فإنّهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكيرُ خبثَ الحديد والذهب والفضة».
- العمرة في رمضان تعدل حجّة كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم. 

-المعتمر له أجر عظيم من الله تعالى لقوله عليه السلام لعائشة عند أدائها العمرة: «إنّ لك من الأجر على قدر نصبك ونفقتك»، وقوله أيضًا: «من طاف بالبيت ولم يرفع قدمًا ولم يضع أخرى إلا كتب الله له حسنة وحط عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة»
- العمرة هي الحج الأصغر وسمّيّت بذلك لأنّها تتشابه مع الحج بالطواف، والسعي والحلق، أو التقصير، وانفراد الحج ببعض المناسك الأخرى.
-ركعة واحدة في الحرم المكي تعدل مئة ألف ركعة، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواها إلا المسجد الحرام وصلاة في السمجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاة فيما سواه».