الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ذكرى استراد طابا الـ 32.. يوم أعطت مصر درسا دبلوماسيا قاسيا للمحتل

ارشيفية
ارشيفية


احتفلت مصر اليوم 19 مارس بالذكرى الـ32 لتحرير جزء غال وعزيز على قلوب المصريين وهو طابا، حيث تمكنت مصر في هذا اليوم من استرداد آخر جزء من أراضيها في سيناء من دولة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بعد الانتصار عسكريا في حرب أكتوبر 1973، والانتصار دبلوماسيا وقانونيا في معركة ضخمة خاضتها مصر لتؤكد أحقيتها فى تلك الأراضي.

الموقع 
تقع مدينة طابا في في محافظة جنوب سيناء على بعد 240 كم من مدينة شرم الشيخ، وبالقرب من الحدود السعودية والحدود الإسرائيلية وكذلك حدود الاردن، وبسبب هذا الموقع الفريد انصبت اطماع العديد من القوى المعادية لمصر على هذه البقعة ما أدى لحدوث منازعات عليها عبر التاريخ.

أزمة الفرمان 
أصدر السلطان العثماني فرمانا في عام 1941 بمنح محمد علي وأولاده من بعده حكم مصر والسودان وأرسل مع الفرمان خريطة لتحديد حدود مصر والسودان وكانت معظم أراضي سيناء ضمن الحدود المصرية في هذه الخريطة، لكن في عام 1892م أرسل السلطان العثماني إلى مصر فرمانا يحرمها من سيادتها على سيناء ما أثار غضب المصريين آن ذلك، ووقعت أزمة " الفرمان" وتدخلت بريطانيا لتجبر السلطان العثماني بالاعتراف بسيادة مصر على مدينة طابا خاصة وسيناء عامة.

العلامة الحدودية "91" 
وفي عام 1981م وأثناء تنفيذ المراحل الأخيرة من اتفاق انسحاب المحتل الإسرائيلي من سيناء بموجب معاهدة السلام افتعل الجانب المحتل عدة مشاكل لإعاقة عملية الانسحاب، وكان أبرز المشكلات في طابا متعلقة بوضع العلامة الحدودية "91" ولحل الأزمة وأكمال عملية الانسحاب تم إبرام اتفاق إبريل 1982م الذي ينص على عدم إقامة دولة الاحتلال لأي علامات أو ممارسة أمور السيادة.

فندق سنوستا طابا واللجنة القومية 
اخترق الجانب الإسرائيلي الاتفاق بافتتاح "فندق سنوستا طابا" ما أثار حافظة الدبلوماسية المصرية فقامت بتشكيل اللجنة القومية للدفاع عن طابا التي جاءت وفقا للبند السابع من معاهدة السلام المبرمة بين الطرفين، ومع إصرار الجانب الاسرائيلي على المخالفات تم تشكيل لجنة بالخارجية المصرية لإعداد إجراءات مشارطة التحكيم الدولي لبدء التحكيم في المحاكم الدولية واسترداد جزء من الوطن بعد ما كان محل نزاع.

معركة دبلوماسية 
تقدم دفاع الطرفين أمام المحكمة الدولية وكان الجانب المصري قد تسلح بالوثائق والخرائط التي تثيت مصرية طابا، وقد ضربت الدبلوماسية مثالا يحتذى به حتى الأن في التمسك بكل شبر من أراضي الوطن، كانت المحكمة تضم في أعضائها الدكتور حامد سلطان عن الجانب المصري ورئيس محكمة النقدض الفرنسية السابق بيليه والدكتور شندلر أستاذ القانون الدولي بسويسرا و ولاجرجرين رئيس محكمة ستوكهولم واستعان الجانب الإسرائيلي بروث لابيدوت.

المذكرة الختامية
عقدت الجلسات مع هيئة التحكيم وتم تقديم المذكرة الافتتاحية في مايو 1987م وبعدها تلقت دفاع وردود الطرفين في اكتوبر 1987م وتم الاتفاق على تقديم المذكرة الختامية في يناير عام 1988م وكذلك جلسات شفهية للدفاع في مارس وإبريل من نفس العام.

حكم تاريخي ورفع العلم المصري
تعاملت الدبلوماسية باحترافية لعرض أزمة تمس تراب الوطن، واثبتت خلالها مدى تمسكها بكل حبة رمل من أرض سيناء الغالية، وأصدرت المحكمة حكمها لصالح مصر في 29 سبتمبر 1988م بأغلبية الأصوات 4 أصواب مقابل صوت واحد وهو الجانب الإسرائيلي، وعادت طابا إلى أرض الفيروز وأصبحت سيناء بالكامل تحت سيطرة مصر ورفع الرئيس الأسبق حسني مبارك العلم على أرض طابا في مثل هذا اليوم 19 مارس 1989م في مشهد بثه التلفيزيون المصري تخليدا لذكرى الانتصار الدبلوماسي عالي الطراز.

شاهد عيان 

أكد أستاذ القانون الدولي وعضو الوفد المصري في مفاوضات استرداد طابا، الدكتور مفيد شهاب، أن انتصار أكتوبر العسكري شكل قوة كبيرة في مفاوضات كامب ديفيد، كما أنه كان مصدر قوة لفريق التفاوض لاسترداد طابا وانسحاب إسرائيل منها.

وأضاف "مفيد شهاب"، قائلا: "لولا انتصار أكتوبر العسكري ما كنا تفاوضنا مع اسرائيل على الانسحاب بقوة ولم تكن إسرائيل وقعت على اتفاقية السلام وكذلك لم تكن إسرائيل تقبل قضية التحكيم ونتيجته التي انتهت لصالح مصر".

وأوضح أن إسرائيل كانت تراهن على أن الوفد المصري لن يكون قادرا على أن يقدم بموضوعية وبقوة وبأسلوب علمي الحجج التي تؤكد حقها في طابا، مشيرا إلى أن إسرائيل دخلت رهانا خاسرا وهو التشكيك في القدرات المصرية.

وكشف أن المستشار القانوني الإسرائيلي "روزن شباتاي " عقب صدور الحكم لصالح مصر، قال: نحن كنا نعلم أن طابا مصرية ولكننا لم نكن نتوقع أن تتمكن مصر من الدفاع عنها بهذا الشكل ولذلك خسرنا.

وأعرب عن فخره كونه أحد أعضاء الفريق الذي ساهم في الدفاع عن أرض مصر وفي تحرير آخر بقعة من أراضيها في سيناء أرض طابا ومعها أيضا قطعة أخرى لا تقل أهمية عن طابا وهي منطقة رأس النقب.

وأضاف أنه رغم مرور 32 عاما على تحرير طابا إلا أنه يتذكر كل تفاصيل معركة استرداد الأرض كأنها بالامس، وتابع قائلا" أشعر بأن القيم والمثل العليا التي كنت دائما أتحدث عنها وجدتها مجسدة في معركة الوقوف ضد الظلم واستعادة الحق والانتصار بالمنطق والقانون والأسلوب العلمي وبالتسوية الهادئة".