الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المرض النفسي براء منها

واقعة ممرضة حلوان| خبراء قانون وعلم نفس: الجريمة دخيلة على مجتمعنا وهذه عقوبتها

أرشيفية
أرشيفية

أقدم مجهولون على نبش قبر ممرضة، توفيت جراء إصابتها بفيروس كورونا وحرق جثتها في مقابر حلوان جنوب القاهرة، بينما بدأت أجهزة الأمن جهودها لكشف غموض هذه الجريمة.
 

وتلقى رجال الشرطة، بلاغا من أسرة المتوفاة البالغة 40 عاما من عمرها، والتي كانت ممرضة بمستشفى حلوان العام ومقيمة بدائرة القسم وتوفيت إثر إصابتها بفيروس كورونا، يفيد بالعثور على جثتها متفحمة خارج المقبرة الخاصة بها.

 

وعقب انتقال قوة من المباحث إلى المكان محل الواقعة، وإجراء الفحص والمعاينة، تبين أنه تم فتح قبر المتوفية، حيث عثر على جثتها متفحمة خارج المقبرة، فقامت السلطات المختصة بتحرير محضر بالواقعة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لضبط المتهمين.

 

يذكر أن المتوفاة كانت تعمل ممرضة في مكتب شؤون المرضى بمستشفى حلوان العام وتقطن في المشروع الأميركي في حلوان.

 

وأضافت التقارير أن أسرتها وجدت الجثة متفحمة بالكامل وملقاة بمقابر عزبة الباجور خارج مكان الدفن.


واستنكر أساتذة القانون والطب النفسي الجريمة مؤكدين أنها دخيلة على مجتمعنا وتستحق عقاب راد منعا لتكرارها شارحين الموقف القانوني لمن يقوم بهذه الفعلة الشنعاء مشددين أن الإصابة بفيروس كورونا ليست مبررا لهذا التصرف الغير إنساني. 

 

ضرب من الجنون وفاعله مريض نفسيا


قال أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، الدكتور فتحي قناوي، إن حادثة حرق جثمان ممرضة تُوفيت جراء المعاناة من فيروس كورونا أمر غريب ومريب، واصفًا إياه بـ الجبروت وإجرام غير مبرر، معقبا: "الدراسات أثبتت أن فيروس كورونا لا ينتقل من المتوفى، ومن مات به يعامل معاملة خاصة في الدفن والغسل".

 

وأضاف "قناوي"، في تصريحات لـ “صدى البلد“، أن المشكلة الرئيسية التي يعاني منها البعض تتمثل في عدم الوعي والتعامل مع الفيروس بطريقة خاطئة، وهو تصرف غير مقبول من الناحية الدينية والمجتمعية، مؤكدا أن “الدول المعتادة على حرق جثث الموتى لا تفعلها مع ضحايا فيروس كورونا".

 

ونوه "قناوي" بأن ما حدث في جثمان ممرضة حلوان تصرف فردي، متسائلًا “لو اعتبرنا حرق الجثث حل لعدم انتشار العدوى فلماذا لا يموت أولاً الأطباء الذين يعالجون مرضى فيروس كورونا؟”، مشددًا على أن ما حدث هو ضرب من الجنون يجب معاقبة من قام به، واصفا من أتاه بالمريض النفسي.

 

واختتم" قناوي" حديثه قائلًا "لمعالجة مثل هذه الجريمة البشعة لحرق جثة الممرضة يجب أولاً التوعية المستمرة وإعلان المستشفى أنها تقوم بالإجراءات والاحتياطات اللازمة عند وفاة الشخص المريض بـ فيروس كورونا لأن السوشيال ميديا لم تعطِ معلومة صحيحة  وواضحة".


الجريمة دخيلة على مجتمعنا


قال الدكتور شوقي السيد، الفقيه القانوني والدستوري، إن حرق جثمان ممرضة حلون جريمة يجب تغليظ عقوبتها، مؤكدًا أن مثل هذه الجرائم دخيلة على المصريين ولا تعرفها عقولهم ولا تحدث بشكل متكرر.

ولفت "السيد" في تصريحات  لـ "صدى البلد" إلى أن سرعة المحاكمة مهمة جدا للتصدي لـ هذه الجرائم ومنع حدوثها مرة أخرى، وأن جريمة الممرضة وحرق جثتها هي جريمة عمدية تصل إلى جنايات وتكون عقوبتها بالسجن من 3 سنوات إلى 15 سنة.

وأكد الفقيه القانوني والدستوري، أن من ارتكب هذه الجريمة ليس إنساناً بل شيطان مريض، مضيفا: مهما كانت الأسباب والدوافع لا يجب أن تصل بصاحبها لهذا الحد؛ بأن ينبش قبرًا ويستخرج جثمان سيدة ماتت بفيروس كورونا أو غيره ويقوم بحرقه.

واختتم "السيد" حديثة قائلاً: يجب دراسة الأسباب التي دفعت إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم، وهل هي أسباب أخلاقية، اجتماعية، دينية، ثقافية؟، متابعا: يجب طرح تساؤلات لمعرفة الأسباب والدوافع وراء ارتكاب جريمة الممرضة وغيرها من جرائم بشعة، ويجب العودة للأخلاق والقواعد الدينية، فـ لا يوجد مجتمع راقي إلا وتجده يتمسك بالقيم والتقاليد الراسخة.


المرض النفسي بريء


قال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إن جريمة حرق جثة ممرضة بـ حلوان بعد وفاتها لا توصف بـ غير أنها قلة وعي شديد في المجتمع، مؤكدا أن غياب المعلومة الصحيحة وقلة الوعي أدى إلى كارثة مثل حرق الممرضة التي ماتت نتيجة إصابتها بـ فيروس كورونا.

وتوقع "فرويز" في تصريحات لـ "صدى البلد" أن يكون الدافع وراء ارتكاب مثل هذه الجريمة النكراء انتقامي بنسبة 99% وليس فقط أن الممرضة كانت تعاني من فيروس كورونا قبل وفاتها وهناك خوف من انتقال العدوى بعد موتها، معقبا "هذا الكلام غير صحيح".

وأضاف "فرويز" قائلا: لا تشركوا المرض النفسي في كل جريمة أو مصيبة تحدث، لأن الجرائم التي ترتكب من مرضى الطب النفسي محدودة ومعروفة، لافتاً إلى إن المريض الذي يعاني من اكتئاب نفسي يحرق نفسه ولا يحرق غيره على عكس ما حدث مع الممرضة تماماً وهذا يوضح إن ما حدث ليس له علاقة بالمرض النفسي أو أنها تعاني من المرض فقاموا بهذا الفعل الشنيع معها.

واختتم "استشاري الطب النفسي"، حديثه قائلا: كل يوم نـ حصل على رسالة من بعض الجرائد تلقي الضوء على الجرائم البشعة في المجتمع، تقول لنا ارفعوا وعي وثقافة المجتمع المصري، ولكن هذه مسؤولية الدولة، والأزهر، والكنائس، ووزارة الثقافة، والإعلام، والتربية والتعليم، ووزارة الشباب والرياضة، معقبا: "لحل هذه الجرائم يجب تعاون مجتمعي ومؤسسي كامل وشامل".

 

نبش القبور جريمة يعاقب عليها القانون


قال المحامي بالنقض والخبير الحقوقي، محمود البدوي، إن نبش القبور حرام شرعا، وسواء كان الشخص المدفون توفي بطريقة طبيعية أو بسبب الإصابة بفيروس كورونا، لا يجوز نبش القبر وإخراج الميت منه إلا للضرورة وبمعرفة النيابة العامة.

وأضاف "البدوي" في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن إخراج الجثة وحرقها لأي سبب من الأسباب لا يجوز شرعا لأنه انتهاك لحرمة الميت، وهو فعل شنيع وغير إنساني، وومجرم قانونا، وإخراج الجثة من مكانها من غير ضرورة إهانة لها، ثم تزاد الإهانة بحرق الجثة .

وتابع: أن نبش القبور من الجرائم المُحرمة فى جميع الأديان السماوية، في الوقت الذي دعت فيه كل الأديان إلى حرمة جثمان الإنسان محفوظة حيا وميتا، لافتا إلى أن المتهمين بنبش قبر موظفة مستشفى حلوان وحرق جثتها يواجهون عقوبة الحبس من 24 ساعة إلى 3 سنوات، كما أن الجريمة تعد جنحة طبقا لنص المادة 160 في الفقرة رقم 3 من قانون العقوبات المصري، الذي ينص على أن تكون عقوبة نبش القبور والتمثيل بالجثة هي الحبس لمدة تبدأ من 24 ساعة وتصل لـ3 سنوات.

وأردف: أنه في حالة تنفيذ الجريمة لغرض إرهابي تصل المدة إلى 5 سنوات، وعقوبة جريمة نبش القبور  تضمنتها المادة 160 من قانون العقوبات المصري بالحبس وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تزيد على 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كالتالي:

أولاً : كل من شوش على إقامة شعائر ملة أو احتفال ديني خاص بها أو عطلها بالعنف أو التهديد.


ثانياً : كل من خرب أو كسر أو أتلف أو دنس مباني معدة لإقامة شعائر دين أو رموزًا أو أشياء أخرى لها حرمة عند أبناء ملة أو فريق من الناس .


ثالثاً: كل من انتهك حرمة القبور أو الجبانات أو دنسها ، وتكون العقوبة السجن الذى لا تزيد مدته على 5 سنوات إذا ارتكبت أي من الجرائم المنصوص عليها في المادة 160 تنفيذًا لغرض إرهابي.

وأوضح "البدوي" أركان جريمة نبش القبور والتي تكون: 
الركن المادي: وهو كل فعل مادي من شأنه الاخلال باحترام الموتى، وأن يكون الفعل معبرا عن إرادة الجاني ورغبته، وأن يكون من شأن الفعل امتهان حرمة القبور أو تدنيسها، كإخراج الجثث من المقبرة في غير الأحوال المصرح بها قانونا، والقصد الجنائي أن يرتكب الجاني بإرادته الفعل المؤثم، ولا عبرة بالباعث عليها، إلا أن مسألة حرق جثث الموتى لازالت بلا عقوبة صريحة وتحتاج إلى تشريع حاسم يكون خاص بتلك الجريمة حيث لا يمكن تكييفها حسب مادة من مواد القانون.

أما عن المسئولية الخاصة بحراسة وصون حرمة الجبانات والقبور قال "البدوي" إنها من اختصاص إدارة الجبانات بالمحافظة التابعة لها المقابر في المقام الأول هي المسئولة عنها، وعن تأمينها وحمايتها من خلال حرّاس المقابر، فمن المعلوم أن هناك إجراءات وخطوات وشروط قانونية لتعيين حارس المدفن، يجب الالتزام بها ثم يكونون مسئولون أمام المحافظة عن أي تجاوزات تحدث منهم، إلا أن الأزمة في الوقت الراهن ليست في حراس المقابر بينما تكون في بعض مساعدي حراس المقابر الذين يستعينون بهم للقيام بأعمال الحراسة والرعاية، حيث أن منهم غير الأمناء على المقابر.