الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تمر الفتوى في ذهن المفتي بأربع مراحل.. علي جمعة يوضح

 تمر الفتوى في ذهن
تمر الفتوى في ذهن المفتي بأربع مراحل

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن علماء الإسلام اهتموا بعملية الإفتاء اهتماماً عظيماً، وجعلوها في مكانة عالية لعظمة دورها، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتولى هذا المنصب في حياته، باعتبار التبليغ عن الله، وقد تولى هذه الخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الكرام، ثم أهل العلم بعدهم، فالمفتى خليفة النبي صلى الله عليه وسلم في أداء وظيفة البيان، وشبّه «القرافي» المفتى بالترجمان عن مراد الله تعالى.

 

وأذاف علي جمعة عبر صفحته على فيس بوك أن عملية الإفتاء خطوة منفصلة من خطوات الاجتهاد، فبعد أن يحدد المجتهد الحجة، وهي القرآن الكريم وسنة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، ثم يوثقها بصورة لم تتكرر في حضارة من الحضارات البشرية، ثم يفهمها ويعيها بين مفهومي الإطلاق والنسبية، يأتي دور عملية الإفتاء، ولهذا فرّق العلماء بين الفقيه والمفتي، فالأول يستنبط أحكام الله تعالى من الأدلة التفصيلية، وتلك الأحكام تحقق مقاصد الشريعة الكلية، أما الآخر فهو يدرس الواقع ثم يلتفت إلى الفقه ليأخذ منه حكم الله تعالى في مثل هذه الواقعة بما يحقق مقاصد الشريعة.

وبناء على هذا التعريف، يتبين أن صناعة الإفتاء من العلوم المعقدة التي تحتاج إلى حرفية خاصة للقيام بها وإصدارها في صورة صحيحة، وتعد عملية صياغة الفتوى من أعقد العناصر في هذه الصناعة، حيث تمر الفتوى في ذهن المفتي بأربع مراحل أساسية، تخرج بعدها في صورتها التي يسمعها أو يراها المستفتي، وهذه المراحل الأربع هي: مرحلة التصوير، ومرحلة التكييف، ومرحلة بيان الحكم، ومرحلة الإصدار، وفيما يلي بيان لهذه المراحل:

المرحلة الأولى.. مرحلة التصوير:

وفيها يتم تصوير المسألة من قبل السائل الذي يريد أن يستفتى في واقعة نزلت به أو بغيره، والتصوير الصحيح المطابق للواقع شرط أساسي لصحة الفتوى ومطابقتها للواقع الفعلي المسؤول عنه، فعدم صحة التصوير يؤدي إلى أن الفتوى الصادرة ستكون لما فهم من السؤال وليس لما هو في الأمر نفسه، وعبء التصوير أساساً يقع على السائل، لكن المفتى ينبغي عليه أن يتحرى بواسطة السؤال عن الجهات الأربع التي تختلف الأحكام باختلافها، وكثيراً ما يتم الخلط والاختلاط من قبل السائل بشأنها، وهي: الزمان والمكان والأشخاص والأحوال، كما ينبغي على المفتي أيضاً أن يتأكد من تعلق السؤال بالأفراد أو بالأمة، لأن الفتوى تختلف باختلاف هذين الأمرين.

والتصوير قد يكون لواقعة فعلية وقد يكون الأمر مقدراً لم يقع بعد، وحينئذ لابد من مراعاة المآلات والعلاقات البينية، وبقدر ما عند المفتي من قدرة على التصوير بقدر ما تكون الفتوى أقرب لتحقيق المقاصد الشرعية وتحقيق المصلحة ودرء المفسدة.

وقد نص الغزالي في كتاب «حقيقة القولين» - كما أورده السيوطي في «الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض» - على أن وضع الصور للمسائل ليس بأمر هين في نفسه، بل الذكي ربما يقدر على الفتوى في كل مسألة إذا ذكرت له صورتها، ولو كلف بوضع الصور وتصوير كل ما يمكن من التفريعات والحوادث في كل واقعة عجز عنه، ولم يخطر بقلبه تلك الصور أصلاً، وإنما ذلك من شأن المجتهدين.