الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التبلد الانفعالى وممرات السعادة

أصبحنا فى عصر تكنولوجيا الإنترنت والفضائيات واليوتيوب وغيرها من برامج تليفزيونيه وأفلام ومسلسلات تعرض سيل من المشاهد واللقطات المليئة بالعنف والدماء والأحداث المزعجة بشكل متلاحق. 

ولقد تبين أن المخ لا يستمر الى مالا نهاية فى معالجة الاحداث العنيفه والمزعجة، إذ يحدث ما نسميه الإغلاق الإنفعالى ويحدث التبلد الإنفعالى أو الإنغلاق الإنفعالى عندما يعتاد المخ البشرى على مشاهدة لقطات العنف والجريمه والقتل وضحايا العمليات الإرهابيه والحوادث الشنيعه ، حيث يستجيب العقل لتلك المشاهد والأحداث كما لو كانت فيلماً مصورا 

فالتعرض الدائم للصور البشعه واللقطات الدمويه والمشاهد المؤسفه يجعل المخ من تراكم تلك الصور والمشاهد مسبب ما يعرف بالعناء ، فالتعرض الدائم لصور المعاناه والصراع والعنف يخلق دوائر معتله وظيفيا خاصه فى المناطق التى تتوسط الإنفعال فى المخ مما ينتج عنه حدوث أشكال متنوعه من إضطراب مشقة ما بعد الصدمه والتبلد الإنفعالى والإحساس بعدم الواقعيه والإنفصال عن الأحداث الواقعيه فى الحياه والتعامل معها كما لوكانت مشهد سينمائى أو تمثيلى ، وقد يحدث لدى البعض ردود فعل تجنبيه 

فالتعرض الدائم للاخداث والمشاهد الدراميه والعنيفه والصراع والقتل والتخريب والمشاهد العنيفه تعمل على استهلاك قدر كبير من استجاباتنا الانفعاليه ومن قدرتنا على التعاطف مع من هم قريبون منا وفى حاجه الى التعاطف 

وهذا ما اصبحنا نعانيه اليوم فى مجتمعاتنا العربيه والمصريه بشكل اخص ، واصبحنا نطلق على انفسنا ومجتمعاتنا اننا اصبحنا لا نبالى واصبحنا مجتمع بعيد عن الشهامه وأصبحت الاناماليه هى اللغه السائده لدى معظمنا ، أصبحنا ننظر لصور الجرحى والمصابين أثر حادث سير على الطريق من خلف نوافذ السياره وكل همنا فتح الطريق وسرعة سير المركبات دون التأثر العاطفى او الإنفعالى أو التعاطف الوجدانى مع المصابين ، أصبحنا نشاهد الشجار بين شخصين من نافذة المنزل او السياره دون ان نتأثر أو تدب فى عروقنا النخوه أو شهامه ولاد البلد والتعاطف مع المجنى عليه ونصرته والوقوف فى وجه الباطل 

أصبحت أدمغتنا معتاده على مشاهدة العنف والدماء والصراع ، فالاعتياد على المشاهده عبر وسائل الإعلام وبرامج اليوتيوب والتيك توك والفيسبوك والإنستجرام والافلام السينمائيه خلقت نوع من التراكم والأعتياد على العنف والعدوان فاصبحنا متبلدين إنفعالياً 

ونجد أن هناك خبرات من الأسي والشجن والإنزعاج زادت خلال الاربعين عاما الماضيه مثل التشتت والأكتئاب والقلق والغضب والمشقه والعنف والإرهاب ايضا ، 

وعلى الجانب الأخر نجد ان الفكاهه تقلل من المشقه وتحسن المناعه وتهدئ الأعصاب والتوتر العضلى وتقلل ضغط الدم والشعور بالألم

فالفكاهه والضحك والأستمتاع بمجالسه الظرفاء والإيجابيين من البشر تجعل كمياء المخ تطلق العديد من الأفيونات الطبيعيه التى تحسن الحاله المزاجيه ، كما ترتبط الأستجابه الجيده للنكته بأعضاء الجسد لأن الإبتسام والضحك ينشطان عضلات الوجه والحلق الذى يساعد فى إصدار صوت الضحك 

ونجد أن الضحك والأعده الإيجابيه مع الصحبه الجيده والأصدقاء المقربين تساعد على الإقتراب الحميم من الأخرين والشعور بالدفئ الأجتماعى وتولدالنوايا الطيبه وتذيب العدوان والعداء ، وهذا ما نشعر به جيدا عندما نلتقى مع الغرباء او فى جلسات جاده ومشحونه بالقلق والتوتر وعندما يبادر أحد الحضور بإطلاق النكات وينطلق الضحك وروح الفكاهه فى المكان نجد ان القلق والتوتر وشدة العضلات قد ذهبت وجاء الإسترخاء والهدوء النفسي وزالة الرهبه والقلق من وجوه الحاضرين ، ولكن هذا يتوقف على التوقيت والمكان وطبيعة الحديث وليس على المطلق ، حتى لا يسمى إسفاف أوإستخفاف بالحضور وبالموقف ، وليس من المعقول أيضاً أن يظل الشخص يستخدم حالات الضحك والفكاهه بشكل مستمر حتى لا تفقد معنها 

أجد اننا فى أحوج الأوقات للتخفيف من شدة التوتر والقلق والاكتئاب والتبلد الإنفعالى والعنف والعداء بتعلم الضحك ومجالسه بعض الظرفاء ممن يتسمون بروح الفكاهه نحن فى امس الحاجه لمشاهدة الافلام الكوميديه والمشاهد الظريفه التى تدعو للبسمه والضحك 

لا نتسال لماذا أصبحنا اكثر تعاسه ؟ لماذا أصبحنا أكثر عدوانا وعنف ؟ لماذا أصبح لدينا تبلد أنفعالى حتى مع أقرب الناس لينا ؟ 

لماذا اجدادنا وأبائنا كانوايتسمون بروح المرح والفكاهه والشهامه والتفاعل الوجدانى والانفعالى الحى ؟ لماذا لم يكونوا قلقين ومكتئبين وتعساء مثلنا اليوم ؟ 

أجد ان امخاخنا سوف تتحسن وظيفتها أذا قمنا بجهد مقصود لتنشيط الأحساس بروح الفكاهه والضحك ومجالسه الأشحاص الايجابين ، وللحديث بقية 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط