الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إن أباك يحب مكارم الأخلاق.. مواقف من سيرة سفانة بنت حاتم والرسول

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق

سفانة بنت حاتم والنبي.. روى الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، بعض الجوانب العظيمة التي تبين أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وسموها فوق حدود الزمان والمكان وحاجز الدين، حيث كانت سيرته العطرة أنموذجاً لما ينبغي أن يكون التعامل بين البشر مسلم وغير مسلم.

 

سفانة بنت حاتم

 

ولفت الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق، إلى قصة سفانة بنت حاتم الطائي مع النبي صلى الله عليه وسلم وكيف أنه أكرمها لأجل أخلاق أبيها، مشيراً إلى أن النبي كان يقول لها:"إن أباكي كان يحب مكارم الأخلاق، أتريدين أن تذهبي إلى أخيك عدي، وقد هرب عدي وحاول مناوشة المسلمين فأسروا سفانة فقالت للرسول: أنا بنت حاتم، فقال النبي: حاتم من؟ قالت: حاتم طي، قال: إن أباك كان يحب مكارم الأخلاق، ثم أخرجها من بين الناس وفرد لها العباءة ثم أجلسها عليها، وسألها أن تطلب إذنه إذا أرادت أن تذهب إلى أخيها بالرغم من أنه مطلوب، ذلك تكريماً لأخلاق أبيها، فسألته أهو في الجنة يا رسول الله، قال بل هو في النار، ما فعل ذلك إلا لسمعة يتسمعها".

 

ارحموا عزيز قوم ذل

 

أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، جنده إلى طي بقيادة على بن أبى طالب رضي الله عنه، ففزع زعيمهم عدي بن حاتم الطائي وهرب إلى الشام، وكان حينها من أشد الناس عداوة لرسول الله، وأخذ الجند الغنائم والخيل والنساء، وأسروهم، وعادوا بهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان من بين الأسرى سفانة بنت حاتم الطائي، والتي وقفت بين يدي الرسول وقالت: يا محمد لقد هلك الوالد، وغاب الوافد، فإن رأيت أن تخلي عني، ولا تشمت بسيد أحياء العرب، فأنا أبي كان سيد قومه، يفك العاني، ويقتل الجاني، ويحفظ الجار، ويطعم الطعام، ويفرج عن المكروب، ويفشي السلام، ويعين الناس على نوائب الدهر، وما أتاه أحد، ورده خائبًا قط، أنا بنت حاتم الطائي.

 

فقال رسول الله صلّ الله عليه وسلم: والله هذه أخلاق المسلمين، لو كان أبوك مسلمًا لترحمنا عليه، وقال اتركوها، فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، وفك أسرها هي، ومن معها، إكرامًا لخصال أبيها، وقال صلّى الله عليه وسلم: "ارحموا عزيزًا ذل، وغنيا افتقر، وعالم ضاع بين جهال"، فلما سمعت بذلك، دعت له، وعادت إلى أخيها عدي بن حاتم الطائي، وأخبرته عن كرم الرسول وعفوه، وأنه أرق الناس خصالًا، يحب الفقير، ويفك الأسير، ويرحم الصغير، ويعرف قدر الكبير، وليس هناك أجود منه، ولا أكرم، فلما سمع بذلك عدي، أدرك أن الإسلام مثل نبيه؛ يدعو لمكارم الأخلاق، فقدم إلى الرسول صل الله عليه وسلم، هو وأخته سفانة، وأسلما بالله عزوجل، فكانت رحمة النبي بهما سبيلاً لهديهما.