الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من الشلل الدماغي إلى أمازون العالمية.. عادل شعبان لـ صدى البلد: مصر بوابة أفريقيا وأكبر سوق في الشرق الأوسط ولابد من تغيير الصورة النمطية لنا

عادل شعبان مصر بوابة
عادل شعبان مصر بوابة أفريقيا ولابد من تغيير الصورة النمطية

المهندس عادل شعبان من طفل مصاب بالشلل الدماغي لشركة أمازون العالمية : 

 

- قانون الـ 5 % لا يطبق ولابد من وجود جهات رقابية تضمن التنفيذ

 

-لابد من تغيير الصورة النمطية لذوي الاحتياجات الخاصة في الإعلام والسينما

 

-الأسر ترفض تزويج ذوي الاحتياجات حتى "لو كانوا بيحبوا بعض "

 

- -الشركات في الغرب تضع سياسة وضوابط صارمة لضمان عدم التمييز

 

-مصر تمثل بوابة أفريقيا وأكبر سوق في الشرق الأوسط وتوسع أمازون فيها خطوة عظيمة 

 

من فتحة شباك صغيرة حيث الضوء والنور معا، نظر الطفل عادل شعبان إلى المدرسة المقابلة له وسمع صوت طابور الصباح وأقرانه في المدرسة، ثم نظر إلى نفسه فوجده حبيسا وراء أسياخ حديدية وأفكار رجعية تمنعه من تتبع طريق النور، فبدأ بالبكاء فكانت تلك أولى مراحل المقاومة التي لم تتوقف حتى الآن لينطلق منها من طفل مصاب بالشلل الدماغي منذ الولادة إلى النصف الآخر من الكرة الأرضية في أكبر شركات التكنولوجيا وأكثرها امتدادا على الكوكب.

المهندس المصري عادل شعبان الذي قرر أن يتحول من طفل ثم شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى شخص من أصحاب الهمم ليتحدى كل العراقيل والصعاب، التي ربما تقف ليس فقط أمام ذوي الاحتياجات الخاصة، وإنما أمام أي شاب مصرى تتوفر له معظم الإمكانات والفرص، قرر شعبان اختيار الطريق الصعب كما أخبر " صدى البلد " عن قصة كفاحه من طفل يعتبره كل من يسمع عن مرضه بأنه ليس أهلا للتعليم والعمل لأنه ليس طفلا أو شابا "سليما".

سمع عادل شعبان كل الحجج والآراء التي تحكم على قصته بالفشل حتى من قبل إعطائه الفرصة لأن يبدأ ، فقرر تحطيم الأصنام ودخل المدرسة مثل أقرانه وتخرج فيها بأعلى الدرجات ثم قرر لنفسه مصيره كما يشاء أن يكون وكما يشاء الله لعباده المثابرين، قصة للأمل والكفاح يحكيها منذ البداية "لصدى البلد" مهندس البرمجيات بشركة أمازون، عادل شعبان، وإلى نص الحوار :


بداية عرفنا بنفسك وطبيعة عملك ؟

عادل شعبان، مهندس برمجيات في شركة بوكينج سابقا، وحاليا في شركة أمازون العالمية، تخرجت في كلية الحاسبات والمعلومات جامعة عين شمس بتقدير جيد جدا وقبلها حصلت على مجموع ٩٧٪؜ في الثانوية العامة، وأعاني من شلل دماغي منذ الولادة والذي بدوره أثر على مراكز التحكم في المخ وسبب لي حركات لا إرادية في الجسم وكذلك النطق.

عادل شعبان مع والدته، الداعم الأكبر 

من طفل يبكي ويراقب أقرانه في المدرسة إلي مهندس في أكبر الشركات في العالم ، كيف ترى هذا التحول ، ومن هم أهم الداعمين لك طوال هذه الفترة ؟

أسرتي كانت هي الداعم الأكبر لي وشاركتني في خوض أول مغامرات حياتي، فبعد أن كانوا يخافون على من فكرة دخولي المدرسة والصعوبات التي سأواجهها، قررت الأسرة خوض التحدي معي عندما رأت رغبتي الشديدة في الالتحاق بالمدرسة وبكائي المستمر منذ سماعي صوت الطابور الصباحي إلى صوت جرس الخروج، ومراقبتي للمدرسة يوميا من شباك منزلى.

أخذت أسرتي رغبتي على عاتقها وقررت تقديم أوراقي طلبًا للالتحاق بالمدرسة رغم الظروف التي أمر بها، ووجدنا صعوبات بالغة حيث رفضت المدرسة قبولي،  فاضطررنا لتصعيد الأمر للمنطقة التعليمية التي قررت عمل اختبار لي، وبعد نجاحي، قرروا  أن يمضي أحد من أسرتي على تعهد بتحمل المسؤلية كاملة، لإخلاء جانبهم من المسئولية.

لماذا لم تقرر أسرتك إلحاقك بمدرسة خاصة تصلح لقبول حالتك بدلا من هذه المغامرة الصعبة ؟

للأسف الشديد لم تكن هناك مدارس مخصصة لمرضى الشلل الدماغي، أولا لأني كنت في المرحلة الابتدائية في أوائل التسعينيات، كما أن النسبة الأكبر من مرضى الشلل الدماغي لا تصنف على أنها مؤشر للتخلف العقلي، وإنما هناك الكثير منهم شديدي الذكاء ولكن يحتاجون إلي مدارس مؤهلة تتناسب مع احتياجاتهم، لذلك لولا أسرتي ما كنت تخطيت هذه المرحلة.

رحلة كفاح المهندس عادل شعبان 

 

قمت بالتقدم لأكثر من ٢٠ مقابلة عمل في مصر وتم رفضك، ثم تم إنقاذك من قبل أحد الموظفين، ما الذي حدث تحديدا في هذه الواقعة التي تعتبر نقطة تحول لك ؟

تم رفضي كالعادة من قبل إدارة الموارد البشرية بسبب ظروفي الصحية، ولكن "التكنيكال مانجر" قرر التدخل بنفسه ليتم قبولي ودخل في تحدي مع الشركة ليتحمل مسؤولية تعييني، وتعتبر هذه نقطة إنطلاقي بعد هذه الفرصة .

هل تعتقد أن بيئة العمل في الخارج لا تتحيز ضد ذوى الاحتياجات الخاصة أم أن المسألة نسبية ؟

الشركات والمؤسسات في أوروبا والولايات المتحدة تضع سياسة معينة وضوابط صارمة لضمان عدم التمييز، وعلى الرغم من أن الدستور المصري ينص على عدم التمييز وإعطاء الفرص للجميع، إلا أنه لا يتم تفعيل هذه المواد حيث نحتاج إلي جهات رقابية لتتبع هذه العملية.

والفارق بالنسبة لي أنه عندما قمت بإجراء مقابلات عمل في شركتي بوكينج وأمازون سألوني كيف نستطيع مساعدتك ، ووفروا لي أجواء مناسبة لعقد المقابلة والإختبارات لتتناسب معي.

عادل شعبان في شركة بوكينج سابقا 


هل تعتقد أن الثقافة المصرية تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة تفرض نفسها على ثقافة وقوانين الشركات وبيئات العمل ؟

بالتأكيد، ولكن يجب أن نبدأ بتغيير تلك النظرة تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة، ونكثف الوعي المجتمعي تجاه هذه القضية حتى نسهم في تحويل هذه الفئة من فئة مستهلكة إلي فئة منتجة.

في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي كانت المرأة عبء على الأسرة وكان دورها فقط هو إنجاب الأطفال ولم تكن منتجة، ومع تغيير الثقافة المجتمعية أصبحت المرأة تعول الأسرة مع الرجل بعدما كانت الأسرة تعتمد على عائل واحد، وأصبحت معدلات الدخل تتحسن.

المهندس عادل شعبان مع زملائه في العمل 

الإعلام والسينما حل ناجع لتغيير الصور النمطية 

لابد من تغيير الصورة النمطية لذوي الاحتياجات الخاصة في الإعلام والسينما حيث أنهما يمثلان الصورة العامة لأي أمة.

وسعدت كثيرا بمسلسل "خلي بالك من زيزي" الذي يعالج اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة ، وكذلك مسلسل "ليه لأ"  الذي يناقش قضية أطفال الشوارع والتبنى. 

لا بد من التركيز على تغيير الثقافة السائدة في المجتمع ، وحتى يومنا هذا الأسر ترفض تزويج ذوي الاحتياجات الخاصة حتى  "لو كانوا بيحبوا بعض " وهذا ما لايقبله قانون ولا عرف ولا دين.

 

كيف يمكن تغيير ثقافة الأسرة التي لديها طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، وما هي الآليات التي يمكن من خلالها تحويل من يعانون من الإعاقة الجسدية إلي أشخاص ناجحين ومثمرين في المجتمع ؟

لابد أن تفهم الأسر أن الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة من الممكن أن يكون عائلها في المستقبل، وأن يمارس حياته بشكل شبه طبيعي في العمل والحياة عموما مثل أى شخص ، وعلى الدولة أن تبدأ بتوفير مناخ صحي وطبيعي ووضع خطط مستقبلية يجب العمل عليها من الآن حتى نستطيع توفير أكبر عدد ممكن من تكافؤ الفرص من تصميم لطرق وأرصفة ووسائل مواصلات ومعيشة تتناسب مع احتياجتنا.

عادل شعبان : بيئة العمل في الغرب تمنع التمييز 

من المعروف أن ذوي الاحتياجات يتم تخصيص لهم نسبة ٥٪؜ في العمل، ماذا تعني لك ال ٥٪؜ ، وهل تعتبرها نسبة عادلة للتمثيل؟

المشكلة ليست في أنها نسبة عادلة أم لا، نسبة الـ ٥٪؜ المخصصة لنا بحسب القانون، لا يتم تطبيقها حتى، ولا بد من وجود جهات رقابية تضمن تنفيذ هذه القوانين، وأعتقد أن الكوتة في الوقت الحالي مهمة جدا لنا، وفكرة إلغاء الكوتة واعتبارنا جزء طبيعي من المجتمع يحتاج إلي سنوات وسنوات من العمل وتغيير الثقافة المجتمعية.

 

عرفنا أنك تحلم بإنشاء جمعية أو مركز متخصص لمساعدة  ذوي الاحتياجات على أخذ فرص أكثر ليتم تمثيلهم بنسبة أكبر ؟ 

حلمي الأول فى الوقت الحالي هو إنشاء مؤسسة لدعم مرضى الشلل الدماغي في مصر وتكون لها دور قوي وفعال لمساعدة أكبرعدد ممكن، وأتمنى أن أجد الدعم من أي جهة حكومية أو خاصة.  

الدكتورة سارة زوجتك، رحمها الله، كانت تمثل بالنسبة لك الدافع الأكبر في النجاح منذ معرفتك بها، كيف ترى أهمية وجود الأشخاص الملهمين في حياة ذوي الاحتياجات الخاصة ؟

دائما كأفراد لدينا بوصلة تحركنا وكانت سارة هي البوصلة بالنسبة لي فكلما تكون قريب من الشخص الملهم كلما يكون تأثيره أكبر عليك.

سارة لم تكن زوجة ، كانت توأم روحي ومعظم أفكارنا وآرائنا كانت متقاربة بشكل كبير، وكانت أفضل مني في أشياء كثيرة حيث كانت على قدر كبير من النضج والتحمل لخوض مغامرات العمل الاجتماعي والقدرة على التوفيق بين الدراسة والزواج  حيث توفت أثناء حملها وذلك بعد حصولها على درجة الدكتوراة، وأعتقد أنها شخصية لا تكرر .

المهندس عادل شعبان مع زوجته الدكتورة سارة 

 

هناك الكثير من ذوى الاحتياجات الذين يقدم لهم دعم كثير سواء من الأسرة أو البيئة المحيطة، وعلى الرغم من ذلك يمتلكهم اليأس ولا يستطيعون تحقيق ما يريدون، ماذا تقول لهذه الفئة تحديدا ؟

الشخص هو العامل الرئيسي في أي معادلة، نعم الظروف والبيئة والأسرة عوامل مؤثرة للغاية، ولكن الشخص إذا كانت لديه الإرادة والعزيمة الكافيتين فإنه يستطيع إنجاز أي شيء، وأعتبر نفسي محظوظ للغاية لأن أسرتي كانت داعمة منذ البداية وأصدقائي وجيراني.

منذ أيام ، دخلت شركة أمازون الأسواق المصرية بعد تحولها من شركة سوق دوت كوم التابعة للشركة الأم، إلى أمازون مصر كيف ترى هذه الخطوة بما أنك مهندس في الشركة ؟

لا أستطيع التحدث نيابة عن الشركة ، ولكن في رأيي الشخصي وبوجه عام قارة أفريقيا سوق كبير ومفتوح وأمازون تهتم بأفريقيا بشكل خاص، ومصر تمثل بوابة أفريقيا وأكبر سوق في الشرق الأوسط، وكدولة تدعم الاستثمارات، حاولت أمازون الدخول للسوق المصرية من خلال الإمكانات الكبيرة في مصر والعمال والموظفين ذات الكفاءات العالية، وتوسع أمازون في مصر خطوة عظيمة للغاية.

عادل شعبان مع طواحين الهواء الهولندية 

 

هناك الكثير من الشباب وخاصة ذوي الاحتياجات ينظر إليك باعتبارك مصدر إلهام في مجال البرمجيات، ما النصائح التي يمكنك توجيهها لهم لتنمية أنفسهم في المجال ؟

مجال البرمجيات مجال سريع التطور فلابد من تطوير الشخص نفسه في المجال طوال الوقت، ويجب على أي شخص ناجح أو لديه طموح أن يصدق فكرة أن يعمل في أكبر شركات العالم، لأن هناك الكثير من الأشخاص الناجحين فعلا ولكن بسبب عدم ثقتهم في أنفسهم لا يصلون إلي هذه المناصب.

ويجب على الدولة أن تدعم الشركات الناشئة أو ما يسمى ب "startups" وتخصيص مساعدات مالية وخطط إنقاذ لها إذا تعثرت لأن هذه الشركات تتعرض لمخاطر كبيرة ولا يكون لديها ما يساندها، وشركة أمازون بالأساس كانت في البداية شركة ناشئة ثم تحولت لأكبر الشركات العالمية ويجب دعم الكوادر فنيا وتقنيا بكل الطرق الممكنة. 

عادل شعبان من الشلل الدماغي لأكبر الشركات