الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لم يخرج منها حيا

 

فى جنازة مهيبة حضرها من الناس مالايعد ولايحصى ومن كبار البلاد والمجتمع من يشار اليهم بالبنان فى هذه الجنازة وقفت هى فى اخرها تراقب وترصد المراسم وتشاهد المشاعر الحقيقى منها والمزيف . تفعل ماطلبه منها بالضبط فقد اوصاها مرارا وتكرارا بأن تكون معه فى جنازته قوية صامدة وترى بعينها كيف صارت جنازته ومن جاء ومن لم يأت ، وايضا طلب منها بكل جدية وحزم ان ترقب وترصد مشيعيه ومشاعرهم وتحدد بذكاءها وحسها الفطرى المرهف من بالفعل حزن عليه ومن تصنع الحزن ، وهاهى ممسكة بورقة وقلم فى يد وبموبايل فى الاخرى هنا تسجل وهناك تلتقط الصور وتدعو له بالرحمة وتبث له حزنها من انه لم يتركها مثل الاخرين تشيعه فقط ولايكون لها واجبات اخرى فى هذا اليوم الجلل . انتهت مراسم التشييع والعزاء وورى جثمانه الثرى وانتظرت هى بعيدا حتى ذهب الكل وجاءت اليه كما طلب منها والقت عليه السلام وقرأت له ماتيسر لها من ايات الذكر الحكيم وقالت له : ياسيدى العزيز فى مقرك الاخير لقد فعلت ماطلبته منه بالحرف الواحد لاسامحك الله عليه ابدا فقد اخذتنى من حزنى عليك لتسجيل مشاعر الاخرين ومن فزعى لفقدك الابدى الى معايشتى لمراسم مؤقتة انتهت بدخولك القبر وبخروجك من الدنيا ميتا وهاهو ماطلبته : اكثر الناس حزنا عليك كانت امك السيدة المسنة التى اصرت رغم تعبها على مرافقتك من المستشفى وحتى وريت الثرى بل وجلست بعدها وقرأت لك القرآن ونثرت على قبرك المياه وتركت لك هذه الصبارة وطلبت من التربى ان يرعاها وبانها ستزورك كل جمعة حتى تأتى اليك طالبة من الله ان يعجل اللقاء . جاء بعد امك فى الحزن العمال فى منزلك وعملك واخرون كنت تمن عليهم بما من به عليه الخالق جل وعلا . زوجتك لاادرى حقيقة شعورها وان كنت اراها حزينة ولكن حزن غريب سمح لها بان تضع المساحيق وتستقبل المعزين بالقبلات والاحضان ، ابناءك اعتصروا حزنا عليك ولكنى على قناعة بانهم يحسبون نصيبهم من التركة المترامية الاطراف، رجال الاعمال والكبار من المعزين  كانوا يقومون بتأدية واجب ليس الا وللحق فقد كان شريكك فى المصانع حزينا جدا . ومراسم جنازتك كانت مهيبة الى ابعد الحدود اغلقت من اجلها الطرق واوقفت المواصلات المؤدية الى مراسم الجنازة وهناك شامتون وذاكرين تاريخك بكل ماهو سىء وهناك ايضا مدافعون عنك محاولين جاهدين ان يجعلوا ورقتك بيضاء ناصعة للناظرين وان يجعلوا تاريخك من غير سوء ردا على الاخرين المغرضين . رصيدك كان مقتسم بين الحق والباطل الحلال والحرام ولكن فى المجمل انطلقت معظم الدعوات بالرحمة والقبول الحسن. سيدى الطيب الراقد فى برزخك الابدى هاأنا قد نفذت لك ماطلبته منى عن طيب خاطر فهل انت راضى عنى؟ هل تسمعنى ؟ هل تشعر بى؟ هل تدرك كم حزنى على ان اعود الى بيتنا بدونك ؟ هل تسامحنى اذا دعوت عليك بان تموت ولاتخرج منها حيا!! هل تغفر لى اننى سألعنك الف مرة ومرة فى اليوم الواحد لانك خرجت منها ميتا وتركتنى انا حية !! سيدى وحبيبى لاسامحك الله ان حرمتنى من ان اودعك وشغلتنى فى رصد كل من مشى فى جنازتك حيا وتركوك تخرج منها ميتا ولست حيا..

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط