الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أفضل طريقة للاحتفال بالمولد النبوي.. دار الإفتاء توضح

أفضل طريقة للاحتفال
أفضل طريقة للاحتفال بالمولد النبوي

أفضل طريقة للاحتفال بالمولد النبوي .. اعتاد المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها على الاحتفال بالمولد النبوي الهادي البشير النذير، الذي جاهد لنشر مبادئ الإسلام وإرساء قواعده، ويتساءل كثير من الناس عن من أول من احتفل بالمولد النبوي و حكم الاحتفال بالمولد النبوي ، و لماذا نحتفل بذكرى المولد النبوي ؟ وكيف يحتفل المصريون بالمولد النبوي؟، وسنوضح الإجابة عن هذه الأسئلة التى تشغل أذهانهم فيما يلي.

 

أفضل طريقة للاحتفال بالمولد النبوي

قالت دار الإفتاء المصرية إن الاحتفال بالمولد النبوي صلى الله عليه وآله وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنه تعبير عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو أصل من أصول الإيمان؛ فقد صح عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لا يُؤمِنُ أَحَدُكم حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليه مِن والِدِه ووَلَدِه والنَّاسِ أَجمَعِينَ» رواه البخاري، كما أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد سنَّ لنا جنس الشكرِ لله تعالى على مِيلاده الشريف؛ فكان يَصومُ يومَ الإثنينِ ويقول: «ذلكَ يَومٌ وُلِدتُ فيه» رواه مسلم.

 

وأكدت دار الإفتاء أن أفضل طريقة للاحتفال بالمولد النبوي هي تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وصيام يوم مولده صلى الله عليه وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإعلانًا لفرحنا بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.

 

وأشارت دار الإفتاء إلى أنه يدخل أيضا في أفضل طريقة للاحتفال بالمولد النبوي ما اعتاده الناس من شراء الحلوى والتهادي بها في المولد الشريف؛ فإن التهادي أمر مطلوب في ذاته، لم يقم دليل على المنع منه أو إباحَتِه في وقت دون وقت، فإذا انضمت إلى ذلك المقاصد الصالحة الأخرى كَإدْخَالِ السُّرورِ على أهلِ البيت وصِلة الأرحامِ فإنه يُصبح مستحبًّا مندوبًا إليه، فإذا كان ذلك تعبيرًا عن الفرح بمولدِ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان أشَدَّ مشروعيةً وندبًا واستحبابًا؛ لأنَّ للوسائل أحكام المقاصد، والقول بتحريمه أو المنع منه حينئذ ضرب من التنطع المذموم.

 

وأكدت أن خير احتفال بالمولد النبوي هو الاقتداء بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والسير على هداه، والأخذ بتعاليمه، وتأسي خُطاه، واتباع ما جاء به وحيًا عن ربه من قيم ومبادئ سامية؛ مصداقًا لقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21].

 

وأوضحت إذا كان المسلمون يحتفلون بالمولد النبوي الشريف على طريقتهم الخاصة احتفالًا يختلط فيه الخير بالشر والنافع بالضار فإننا نقول لهم: لا بد وأن يراعى في مثل هذه الاحتفالات الالتزام بآداب الإسلام وتعاليمه، ولا يتحقق ذلك إلا بصيرورة هذه الاحتفالات ندوات علمية وتوعية يعرف فيها المسلمون تاريخ إسلامهم وأسلوب نبيهم الحافل بالعظات والعبر والجهاد والكفاح والصبر على تحمل الشدائد، ويلتمسون التعاليم السامية التي ينتفع بها الإنسان في حياته وبعد مماته، كما يجب أن يراعى في هذه الاحتفالات عدم اختلاط الرجال بالنساء، وأن لا يحدث هرج ومرج وألا ترتكب الفواحش، وبما يتنافى مع آداب الإسلام وتعاليم النبي المحتفى به عليه الصلاة والسلام، وأن يكون الرسول الكريم هو القدوة في هذه الاحتفالات حتى يكون عملنا مرضيًا له صلى الله عليه وآله وسلم في قبره الشريف ومرضيًا لله رب العالمين.

 

حكم الاحتفال بالمولد النبوي
وقالت دار الإفتاء المصرية إن الاحتفال بالمولد النبوي لا مانع منه شرعًا؛ لأنه يذكر المسلمين في كافة أرجاء الدنيا بما كان عليه صاحب الذكرى من خلق قويم ونهج مستقيم، وكيف كان مولده نورًا أضاء الدنيا وأخرج الناس من ظلمات الجهل إلى نور الإيمان واليقين.

 

وأضافت دار الإفتاء إن الاحتفال بالمولد النبوي يصبح مستحبًّا مندوبًا إليه، إذا كان ذلك تعبيرًا عن الفرح بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، لأن الوسائل تأخذ أحكام المقاصد، فكان القول ببدعيته -فضلًا عن القول بتحريمه أو المنع منه- ضربًا من التنطع المذموم؛ لأن البدعة المنهي عنها هي ما أُحدِثَ مما يخالف كتابًا أو سنة أو أثرًا أو إجماعًا؛ فهذه بدعة الضلالة، وادِّعاء أن أحدًا من الصحابة لم يحتفل بمولد النبي الكريم صلى الله عليه وآله ليس بصحيح أيضًا؛ لما ورد في السنة النبوية من احتفال الصحابة الكرام بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم مع إقراره لذلك وإِذْنه فيه؛ فعن بُرَيدة الأسلمي رضي الله عنه قال: خرج رسول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم في بعض مغازيه، فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداء فقالت: يا رسول الله، إنِّي كنت نذَرتُ إن رَدَّكَ اللهُ سَالِمًا أَن أَضرِبَ بينَ يَدَيكَ بالدُّفِّ وأَتَغَنَّى، فقالَ لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إن كُنتِ نَذَرتِ فاضرِبِي، وإلَّا فلا» رواه أحمد والترمذي.

 

وتابعت دار الإفتاء: أما اتفاق العلماء: فنقله الإمام الحافظ أبو شامة المقدسي في كتابه "الباعث على إنكار البدع والحوادث" (1/ 23، ط. دار الهدى) فقال: [فالبدع الحسنة متفق على جواز فعلها والاستحباب لها ورجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها.. ومِن أحسن ما ابتُدِع في زماننا من هذا القبيل: ما كان يُفعَل بمدينة إربل -جبرها الله تعالى- كلَّ عام في اليوم الموافق ليوم مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات والمعروف، وإظهار الزينة والسرور؛ فإن ذلك -مع ما فيه من الإحسان إلى الفقراء- مشعرٌ بمحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه وجلالته في قلب فاعله، وشكرًا لله تعالى على ما منَّ به مِن إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين] اهـ.

 

أول من احتفل بالمولد النبوي
تباينت الروايات حول أول من احتفل بيوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم ما بين تأكيد بأن صيام النبي لذلك اليوم هو احتفال وتأكيد على أنه بات من السنن المحمدية، وما بين نسبته للفاطميين وغيرهم من الممالك الإسلامية، وقيل إن أول من احتفل بالمولد بشكل كبير ومنظم هو الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زين الدين علي بن بكتكين حاكم أربيل شمال العراق، فيما تشير بعض الكتب التاريخية إلى أن الفاطميين هم أول من احتفل بهذه الذكرى.

بينما يذهب البعض إلى القول بأن الدولة الأيوبية هي أول من أقام الاحتفالات بشكل منتظم، حيث كانت الاحتفالات تتم بشكل منتظم في عهد السلطان صلاح الدين، إذ كان يحتفل سنوياً، وكان يصرف في الاحتفال الأموال الكثيرة، حتى بلغت 300 ألف دينار، وذلك كل سنة.

وكان يتم الاحتفال بالمولد سنة في 8 ربيع الأول، وسنة أخرى في 12 ربيع الأول أي بالتناوب، لسبب الاختلاف عندهم بتحديد يوم مولد النبي محمد، فإذا كان قبل المولد بيومين أخرج من الإبل والبقر والغنم شيئاً كثيرًا وزفّها بالطبول والأناشيد، حتى يأتي بها إلى الميدان، ويشرعون في ذبحها، ويطبخونها، فإذا كانت صبيحة يوم المولد يجتمع الناس والأعيان والرؤساء، ويُنصب كرسي للوعظ، ويجتمع الجنود ويعرضون في ذلك النهار، بعد ذلك تقام موائد الطعام، وتكون موائد عامة عامرة بالطعام.

ومع صعود العثمانيين إلى الحكم اعتنى جميع حكامهم بيوم المولد النبوي، حيث كانوا يُقيمون الاحتفالات الكبيرة في المناطق المختلفة، فكان السلطان عبد الحميد الثاني يحضر إلى باب الجامع مع عُظماء وكبار الدولة ويلبسون اللباس التشريفي في ليلة 12 ربيع الأول من كل عام، بجميع الأعياد والمناسبات المعروفة عند المسلمين، ومنها يوم المولد النبوي، إذ كانوا يحتفلون به في أحد الجوامع الكبيرة بحسب اختيار السلطان.

فلما تولى السلطان عبدالحميد الثاني الخلافة قصر الاحتفال على الجامع الحميدي ، فقد كان الاحتفال بالمولد في ليلة 12 ربيع الأول يحضر إلى باب الجامع عظماء الدولة وكبراؤها بأصنافهم وجميعهم بالملابس الرسمية التشريفية، وعلى صدورهم الأوسمة، ثم يقفون في صفوف انتظارًا للسلطان، فإذا جاء السلطان، خرج من قصره راكباً جوادًا من خيرة الجياد، بسرج من الذهب الخالص، وحوله موكب فخم، وقد رفعت فيه الأعلام، ويسير هذا الموكب بين صفين من جنود الجيش العثماني وخلفهما جماهير الناس، ثم يدخلون الجامع ويحتفلون، فيبدؤون بقراءة القرآن، ثم بقراءة قصة مولد النبي محمد، ثم بقراءة كتاب دلائل الخيرات في الصلاة على النبي، ثم ينتظم بعض المشايخ في حلقات الذكر، فينشد المنشدون وترتفع الأصوات بالصلاة على النبي وفي صباح يوم 12 ربيع الأول، يفد كبار الدولة على اختلاف رتبهم لتهنئة السلطان.

 

الاحتفال بالمولد النبوي في مصر

 يتميز الاحتفال بالمولد النبوي في مصر بجانب حلقات الذكر بحلوي المولد التي تعبر من أهم مظاهر الاحتفال بذكر مولد سيد خلق أجميع، حيث يبدأ التجار بإقامة الشوادر قبل موعد المولد بحوالي شهر ويتم عرض الحلوى بكل أشكالها وألوانها، يزين الشادر بعرائس مولد النبي - صلى الله عليه وسلم- التي يحرص المصريون على شرائها وتقديمها كهدايا لبعضهم البعض، وبالتالي تظهر القاهرة الكبرى وكافة محافظات مصر في أبهى صورة لها.

 

ومما يدل على أن حلوى المولد لها دلالة مهمة عند المصريين أنه عندما قدم نابليون بونابرت على رأس الحملة الفرنسية إلى مصر كانت الظروف الاقتصادية والسياسية في مصر تحول دون الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فأحب "نابليون" أن يتودد إلى المصريين ويستعطف الشعب المصري الذي ثار عليه بعد تجاوزه في حق معتقداتهم الدينية واقتحامه للجامع الأزهر، فلجأ لحيلة حلاوة المولد وأمر بتصنيعها وتوزيعها على المصريين حتى يعيد للشوارع بهجتها بالاحتفال بالمولد النبوي الشريف.

 

ولماذا نحتفل بذكرى المولد النبوي ؟

الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم شاهدٌ على حبه وتعظيمه، وهو أمر مستحبٌّ مشروعٌ له أصلٌ في الكتاب والسنة، وقد درج عليه المسلمون عبر العصور، واتفق علماء الأمة على استحسانه، ولم ينكره أحد يعتدُّ به،  لأنَّه عنوان محبته صلى الله عليه وآله وسلم التي هي ركن الإيمان.