الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في آخر حوار له لـ "صدى البلد".. اللواء عبد المنعم سعيد: نفذنا أكبر خطة خداع استراتيجي في العالم

اللواء عبد المنعم
اللواء عبد المنعم سعيد

توفي اليوم اللواء أ.ح عبد المنعم سعيد؛ رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة الأسبق؛ ونعت القيادة العامة للقوات المسلحة اللواء عبد المنعم سعيد والتي وصفته ابنا من أبنائها وقائداً من قادة حرب أكتوبر المجيدة.

 

وتقدمت القوات المسلحة لأسرته ولضباط القوات المسلحة ولجنودها بخالص العزاء داعين المولى سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته ويلهم ذويه الصبر والسلوان.

 

وينشر موقع صدى البلد آخر حوار أجراه اللواء أركان حرب عبد المنعم سعيد رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة الأسبق؛ بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر.

أكد اللواء أركان حرب عبد المنعم سعيد؛ رئيس هيئة العمليات الأسبق؛ أن مصر دولة على مر العصور لم تفرط في شبر من أراضيها، مؤكداً أن مصر خاضت حروبا كثيرة مع إسرائيل والتي كانت آخرها في نصر أكتوبر 1973، وحينها لم تكن مصر معتدية، وإنما حاربت لاسترداد أرضها.

 

وشدد رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة على أن التخطيط علي الواقع كان مفتاح نصر أكتوبر المجيد، فكانت كتائب الاستطلاع تقوم بالعبور وإمداد القادة بالمعلومات مما سهل المهمة في حرب أكتوبر والذي تم علي أساسه تدريب الجنود علي العبور والعمليات فكانت الخطط دقيقة كل له مهمته ووقته ويعرف من يعاونه.

وأشار إلي أن هناك فرقا كبيرا بين القوات المسلحة عندما حدثت حرب يونيو 1967 ونصر أكتوبر؛ حيث كان التخطيط والتدريب الجيد من قبل القادة على مسرح العمليات، أدى إلى تحقيق النصر، وبعدها؛ قاد الرئيس الراحل أنور السادات المعركة الدبلوماسية والسياسية في التفاوض حتى تم استرداد كافة الأراضي المصرية المحتلة.

 

حرب الاستنزاف

قال اللواء أركان حرب عبد المنعم سعيد؛ إنه أثناء حرب الاستنزاف كان مقدم أركان حرب، ورئيسا لفرع التخطيط بقيادة الجيش الثاني؛ موضحاً أن الحرب قد بدأت  يوم 8 مارس 1969 بقصف نيراني على امتداد الجبهة بالكامل لمدة 4 ساعات تدك فيها مواقع إسرائيلية.

 

واشترك في قصف المدفعية كل من الجيشين الثاني والثالث معا وألحقت خسائر كبيرة في خط بارليف الذي ظن العدو أنه سوف يكون الحائط الذي يختفي وراءه ويمنعه من المصريين.

 

وفي اليوم الثاني حضر الفريق عبد المنعم رياض إلى الجيش الثاني يطلب من اللواء عدلي سعيد، قائد الجيش، أن يزور الجبهة الأمامية للقتال فكانت المفاجأة التي أذهلت الجميع، ورد عليه عدلي قائلا: "خطر عليك يا أفندم"؛ ولكن "رياض" البطل رد قائلا: "أريد أن أزور أولادي على الخط الأمامي وألتقي بهم وأعرف شعورهم".

 

وفعلا ذهب معه إلى موقع المعدية نمرة 6 والتقي بأفراد الخندق الموجودين هناك بالإضافة إلى أننا زرعنا قناصة في الأشجار الموجودة على الجبهة وبمجرد خروج رأس إسرائيلي من الخندق يقتلونه فورا.

 وبعد ذلك تنوعت المهمة كلها لتنفذ المهمة الرئيسية لحرب الاستنزاف وهي وضع العدو في حالة استنفار دائم تؤثر عليه اقتصاديا وسياسيا ومعنويا، لأنه يعتمد على جنوده ونحن جعلنا حالتهم المعنوية في الأرض وأصبح لديهم رعب.

 

الاستعدادات لمعركة النصر

أكد اللواء أركان حرب عبد المنعم سعيد ؛ أن حرب أكتوبر تم الإعداد لها، بمجرد تولي المشير أحمد إسماعيل منصب وزير الحربية، وعندما تولي المسئولية في أواخر عام 1972.

وفي أوائل عام 1973، قام الرئيس السادات بلقاء المشير إسماعيل، وقال له حرفياً: "عام 1971 أطلقنا على تلك السنة عام الضباب، وفي عام 1972 أطلقنا عليها سنة الحسم، لكن علينا في 1973 أن نحارب".

وأضاف: "قال السادات للمشير إسماعيل، علينا أن نفكر ونخطط من أجل معركة النصر، وكان السؤال متى وكيف نحارب".

 

المشروع الاستراتيجي الذي سبق النصر
قال اللواء أركان حرب عبد المنعم سعيد ؛ رئيس هيئة العمليات الأسبق ؛ إنه قبل قيام الحرب بعشرة أيام، تم تجهيز مركز العمليات الذي ستدار منه الحرب وتم تنفيذ مشروع استراتيجي من خلاله لمدة سبعة أيام انتهى في يوم الجمعة 5 أكتوبر ولم يكن أحد يعلم موعد الحرب.

وفي صباح يوم الحرب تم كتابة أظرف بها موعد الحرب وخرج بها مجموعة من العقداء والمقدمين وسلموها لقادة الجيوش والأسلحة ووجهت لهم تعليمات ببلع الظرف إذا تعرضوا لأي مخاطر.

 

حرب أكتوبر

كان اللواء أركان حرب عبد المنعم سعيد أثناء حرب أكتوبر؛ برتبة عقيد أح بهيئة عمليات القوات المسلحة؛ حيث كانت مهمته نقل أخبار الجيوش والمناطق وعرضها على وزير الدفاع ورئيس الأركان.

ويتذكر اللواء "سعيد" أنه في يوم 4 أكتوبر قامت مصر بتكثيف أعمال الاستطلاع وفتح الثغرات في حقول الألغام في اتجاهات العبور وخفض السواتر الترابية في أماكن إنزال القوارب والكباري.

 

وعلى الجانب الإسرائيلي كان هناك تخبط في الجيش والمخابرات واستمرار الشكوك في النوايا المصرية والسورية في تقدير الموقف، وعلى الجانب الدولي قطعت زائير علاقتها بإسرائيل لاحتلالها الأراضي العربية.

وفى يوم الجمعة 5 أكتوبر تم إبلاغ قادة التشكيلات المتنوعة بميعاد الهجوم وأوامر الاستعداد لصد أي هجوم مفاجئ ووصل القادة إلى مراكز القيادة المتقدمة على الجبهة بين جنودهم وانتهاء عملية الحشد لدخول الكباري لمواقعها على شط القناة لإعطاء تمام الاستعداد في توقيته المحدد.

 

وعلى الجانب الإسرائيلي تم بحث المستجدات بحضور جولدا مائير وموشيه ديان؛  وعلى الجانب السياسي قام محمد حسن الزيات ووزير الخارجية بالاجتماع مع هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي لبحث الموقف وطلب دول الخليج زيادة البترول بنسبة 66% عقب الاجتماع ببيروت.

 

وفى يوم 6 أكتوبر وصل الرئيس السادات يرافقه المشير أحمد إسماعيل وزير الحربية إلى مركز العمليات في الواحدة ظهرا وتم فتح خريطة العمليات بحضور وزير الدفاع ورئيس الأركان وقادة الأفرع الرئيسية وقادة الجيوش والمناطق العسكرية ومديري الإدارات والأسلحة.

 

وفى تمام الساعة 1,45 قبل الحرب بـ 10 دقائق قال اللواء أ.ح محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات وقتها للسادات: «يا سيادة الرئيس، "قد سبق السيف العزل"»، بمعنى لو إسرائيل عرفت بميعاد الحرب لا يستطيعون فعل أي شيء.

 

وفى تمام الساعة 1.55 دقيقة بدأت مقاتلات القوات الجوية في الانطلاق في توقيتات منسقة بدقة من مطاراتها المتنوعة لتنفيذ الضربة الجوية المركزة التي دمرت مراكز القيادة والسيطرة للعدو وفى الثانية ظهرا عبرت 220 طائرة القناة على إرتفاعات منخفضة لتحقيق أهدافها من ضرب لمراكز القيادة والاتصالات والصواريخ والقواعد الجوية.

ثم بدأ التمهيد النيرانى للمدفعية بعدها بـ 15 دقيقة بأكثر من 2000 مدفع ثم عبرت باقي القوات حتى 7 مساء وقال الرئيس السادات حينها: «مبروك يا ولادي انتصرنا».

 

القوات الجوية والتمهيد النيراني

كان هناك تخطيط جيد قام به سلاح الطيران لهذه الضربة، كان فوق الخيال، فالضربة الجوية ليست بالسهولة التي يعتقدها البعض أن تقوم مجموعة الطائرات من مختلف المحافظات، وتضرب في نفس الوقت وتحلق على ارتفاع منخفض حتى لا ترصدها رادارات العدو.

فقد حققت الضربة الجوية 95% من المهام المخططة للقوات الجوية مما وفر الضربة الثانية وهدفها الرئيسي المفاجأة، وشل العدو بعد قصف مراكز القيادة والسيطرة على طول خط الجبهة وداخل العمق مما ساهم في عبور قواتنا البرية.

 

وعلى الرغم من أن سرعات الطائرات مختلفة عن بعضها وتسليحها أيضا مختلف وتحقق الطائرات المهمة الموكلة إليها في عمق العدو وتعود يرافقها المقاتلات على الأجناب لحمايتها ويتزودون بالأسلحة والوقود، ويعودون مرة أخرى وأن الضربة الجوية الأولي بنتائجها المبهرة وفرت الضربة الثانية.

 

كما أن التمهيد النيراني للمدفعية كان له دور رئيسي في الحرب بقيام 2000 مدفع من المدفعية والذي استمر 52 دقيقة بمعدل 140 طلقة مدفعية في الدقيقة الواحدة دون توقف؛ كما ضربت 10,500 دانة مدفع في الدقيقة الأولي على طول الجبهة فحققنا أكثر ما كنا نتوقع.

 

يذكر أن اللواء أركان حرب عبد المنعم سعيد تولى العديد من الوظائف القيادية حيث عين قائداً للجيش الثانى الميدانى ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة الأسبق ومحافظاً لجنوب سيناء والبحر الأحمر.