الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى وفاته .. تعرف على أهم مواقف وأعمال عمر بن الخطاب

في ذكرى وفاته تعرف
في ذكرى وفاته تعرف على أهم مواقف وأعمال عمر بن الخطاب

عمر بن الخطاب  .. يعد اليوم ذكرى رحيل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، إذا استشهد  فى نوفمبر 644م، أثناء إمامته المسلمين فى صلاة الفجر، حيث ضربه أبو لؤلؤة المجوسى بخنجر ذات نصلين ست طعنات فحُمل إلى منزله والدم يسيل من جرحه وذلك قبل طلوع الشمس، وحاول المسلمون القبض على القاتل فطعن ثلاثة عشر رجلاً مات منهم ستة.

وتعتبر حياة الفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، صفحة مُشْرقة من التاريخ الإسلامي، الذي بهر كل تاريخ وفَاقَه، والذي لم يحو تاريخ الأمم مجتمعة بعض ما حوى من الشرف والمجد والإخلاص والجهاد والدعوة في سبيل الله.

فحياة الفاروق عمر إنما هي قدوة للدعاة، والعلماء، والساسة، ورجال الفكر، وقادة الجيوش، وحكام الأمة، وطلاب العلم، وعامة الناس، لعلهم يستفيدون بها في حياتهم، ويقتدون بها في أعمالهم، فيكرمهم الله بالفوز في الدارَيْن

 

أهم أعمال عمر بن الخطاب 

تولى عمر بن الخطاب الخلافة الإسلامية بعد وفاة أبي بكر الصديق في 23 أغسطس سنة 634م، الموافق للثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة 13 هـ، كان ابن الخطّاب قاضيًا خبيرًا واشتهر بعدله وإنصافه الناس من المظالم، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وكان ذلك أحد أسباب تسميته بالفاروق لتفريقه بين الحق والباطل.

هو مؤسس التقويم الهجري، وفى عهده بلغ الإسلام مبلغًا عظيمًا، وتوسع نطاق الدولة الإسلامية حتى شمل كامل العراق ومصر وليبيا والشام وفارس وخراسان وشرق الأناضول وجنوب أرمينية وسجستان، وهو الذى أدخل القدس تحت حكم المسلمين لأول مرة وهى ثالث أقدس المدن فى الإسلام، وبهذا استوعبت الدولة الإسلامية كامل أراضي الإمبراطورية الفارسية الساسانية وحوالي ثلثى أراضي الامبراطورية البيزنطية. تجلّت عبقرية عمر بن الخطاب العسكرية فى حملاته المنظمة المتعددة التي وجهها لإخضاع الفرس الذين فاقوا المسلمين قوة، فتمكن من فتح كامل إمبراطوريتهم خلال أقل من سنتين، كما تجلّت قدرته وحنكته السياسية والإدارية عبر حفاظه على تماسك ووحدة دولة كان حجمها يتنامى يومًا بعد يوم ويزداد عدد سكانها وتتنوع أعراقها.

 

مكانة عمر بن الخطاب

سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- له مكانة رفيعة في الإسلام، وله منزلة كبيرة عند الله -سبحانه وتعالى-، فقد أنزل فيه قرآنًا يتلى، ووافق الوحيُ كلامَه -رضي الله عنه -في أكثر من موضع، أوصلها بعضهم لعشرين موافقة، ومما يُرْوَى في هذا الباب أن عمر كان يرى الرأي فينزل به القرآن.دليل ذلك:عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: «وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلاثٍ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، فَنَزَلَتْ:﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: 125]، وَآيَةُ الحِجَابِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ، فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ البَرُّ وَالفَاجِرُ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الحِجَابِ، وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الغَيْرَةِ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُنَّ: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ﴾ [التحريم: 5]، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ»، رواه البخاري.

وفاة عمر بن الخطاب

مرت قصة وفاة الخليفة عمر -رضي الله عنه- بعدة مشاهد وأحداث، منها:في العام الذي توفي فيه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان قد أدّى مناسك الحج، وجاء الأثر أنّه دعا ربّه -سبحانه- حُسن الخِتام، قال سعيد بن المُسيّب -رضي الله عنه-: (لمّا صدر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من منى أناخ بالأبطح، ثمَّ كوّم كومة من بطحاء، ثمّ طرح عليها رداءه، ثمّ استلقى ومدّ يديه إلى السماء، فقال: اللهمّ كبُرَت سنّي، وضعُفَت قوَّتي، وانتشرت رعيّتي، فاقبضني إليك غير مضيِّع ولا مفرِّط)، وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: (عن عمرَ -رضي اللهُ عنه- قال: اللهمّ ارزقني شهادةً في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك صلّى الله عليه وسلّم).كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يمنع السبايا من دخول المدينة المنورة، إلّا أنّ المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- والي الكوفة طلب من عمر بن الخطاب أن يسمح بدخول فتى مجوسيّ يُكنّى بأبي لؤلؤة إلى المدينة المنورة؛ لإجادته العديد من الصنائع، مثل: الحدادة، والنجارة، وغيرها، فوافق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على دخوله.

شكا أبو لؤلؤة المجوسيّ إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من الخراج الذي فرضه عليه المغيرة بن شعبة، إلّا أنّ عمر بن الخطاب بيّن له أنّ خراجه ليس بالكبير مُقارنةً بما يقوم به من أعمال، فحقد أبو لؤلؤة المجوسيّ على عمر بن الخطاب، وبيتَ النيّة لقتله.

في السادس والعشرين من شهر ذي الحجّة من عام ستّة وعشرين للهجرة، صلّى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بالناس صلاة الفجر في المسجد، وكان أبو لؤلؤة المجوسيّ متّخذًا مكانًا في المسجد يكمنُ فيه، فلمّا كبّر عمر -رضي الله عنه- للصلاة طعنه أبو لؤلوة في كتفه وخاصرته بخنجر ذي نصلَين، فقال عمر رضي الله عنه: (وَكَانَ أَمرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقدُورًا)، وأخذ بيد عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- وقدمه لإتمام الصلاة بالناس، وأخذ المجوسي يطعن المُصلّين فطعن ثلاثة عشر رجلًا، ثمّ طعن نفسه ومات.

تيقّن عمر -رضي الله عنه- أنه يعيش أيامه الأخيرة في هذه الدنيا، فأرسل إلى أمِّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- يستأذنها بأن يُدفَن بجوار صاحبَيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأبي بكر الصدّيق رضي الله عنه، فأذِنت له.

 لبِث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بضعة أيام إلى أن توفّي شهيدًا، فحِزن عليه المسلمون حزنًا شديدًا، وصلى عليه صهيب الرومي -رضي الله عنه- صلاة الجنازة إمامًا بجموع المصلين.

مواقف عمر بن الخطاب

مما نزل فيه القرآن بشأن عمر ما رواه الواحدي في "أسباب النزول" عن قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ﴾ [الجاثية: 14]، قال: "قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد عمر بن الخطاب خاصة، وأراد بالذين لا يرجون أيام الله، عبد الله بن أُبي، وذلك أنهم نزلوا في غزاة بني المصطلق على بئر يقال لها المريسيع، فأرسل عبد الله غلامه ليستقي الماء، فأبطأ عليه فلما أتاه قال له: ما حبسك؟ قال: غلام عمر قعد على قف البئر فما ترك أحدًا يستقي حتى ملأ قِرَبَ النبي وقِرَبَ أبي بكر وملأ لمولاه، فقال عبد الله: ما مثلنا ومثل هؤلاء إلا كما قيل: سَمِّنْ كلبَك يأكلْك، فبلغ قولُه عمرَ -رضي الله عن-ه فاشتمل بسيفه يريد التوجه إليه، فأنزل الله تعالى هذه الآية".وفي رواية أخرى أن سبب النزول تَعَلَّق بيهودي يُدعى فنحاص، لما نزلت هذه الآية: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ [البقرة: 245]، قال: "احتاج رب محمد"، فلما سمع عمر بذلك اشتمل على سيفه وخرج في طلبه، فجاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إن ربك يقول لك: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ﴾ [الجاثية: 14]، واعلم أن عمر قد اشتمل على سيفه وخرج في طلب اليهودي"، فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في طلبه، فلما جاء قال: «يا عمر ضع سيفك»، قال: "صدقت يا رسول الله أشهد أنك أرسلت بالحق"، قال: «فإن ربك يقول: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ﴾» قال: "لا جرم والذي بعثك بالحق لا يرى الغضب في وجهي".

فهذا سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه على ما كان فيه من حمية وقوة يقف عند أوامر الله -سبحانه وتعالى- ورسولِه -صلى الله عليه وسلم- وهذا مما يرفع من منزلته وقدره، رضي الله عنه وأرضاه ونفعنا بفقهه وسلوكه.