تمتلك مصر وروسيا علاقات تاريخية كبيرة وتعاونا مشتركا في العديد من المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية بين البلدين، وتتعزز هذه العلاقات بالزيارات والمقابلات المستمرة، حيث استضافت مصر مؤخرا التدريب المصري الروسي المشترك "حماة الصداقة 5 " الذي يعبر عن العلاقات القوية التي تربط البلدين.
اتصال بوتين بالرئيس السيسي
وتعزيزا لهذه العلاقات تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم اتصالاهاتفياً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووفق تصريحات المتحدث باسم رئاسةالجمهورية، السفير بسام راضي، بأن الاتصال شهد التباحث حول عدد من موضوعات العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة التعاون في المجالات الاقتصادية والصناعية والطاقة وكذلك استعراض مستجدات الموقف التنفيذي لمشروع محطة الضبعة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية، وإنشاء المنطقة الصناعية الروسية في شرق بورسعيد.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس الروسي أكد حرص بلاده على الاستمرار في الارتقاء بالتعاون المثمر والوثيق بين البلدين الصديقين فضلاً عن الأهمية التي يوليها للتنسيق والتشاور المنتظم مع الرئيس بشأن مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
من جانبه؛ ثمن الرئيس علاقات الشراكة الممتدة مع روسيا، والتي تكللت بإبرام اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين الصديقين، والتي فتحت آفاقاً جديدة للتعاون الثنائي في العديد من المجالات والمشروعات المشتركة، بالإضافة إلى تلك الجاري تنفيذها.
وتمت مناقشة تطورات أهم الملفات الإقليمية والدولية بالمنطقة ، حيث عبر الرئيس الروسي عن تقديره للجهود الشخصية للرئيس في هذا الإطار، والتي عززت المسارات السياسية لتسوية الأزمات بالمنطقة، وهو الأمر الذي رسخ دور مصر كمركز ثقل لصون السلم والأمن في محيطها الإقليمي، مؤكداً حرص روسيا على مواصلة التعاون والتنسيق المكثف بين البلدين.
إشادة للدور المصري بالمنطقة
وفي هذا الصدد أشار الكاتب الصحفي والخبير في العلاقات الدولية، الدكتور نبيل نجم الدين، إلى إشادة الرئيس الروسي اليوم أثناء مكالمته مع الرئيس عبد الفتاح السيسي بدور مصر المحوري في المنطقة، حيث قال إن "الدور المصري دور له ثقل مهم ونستطيع استثمار هذا الدور في حل أزمات المنطقة".
وتابع نجم الدين في تصريحات لـ “صدى البلد”: إشادة الرئيس الروسي لم تأت من فراغ لأن بوتين يدرك حجم الدولة المصرية ودورها الإقليمي، كما أن العلاقات بين فلاديمير بوتين والرئيس عبد الفتاح السيسي علاقات تتسم بالتفاهم والتقدير الكامل، لافتا إلي أن الرئيس الروسي استقبل الرئيس السيسي في الكرملين ثم جاء إلي القاهرة في زيارته الشهيرة التي ذهب خلالها إلى برج القاهرة وتبادلا الهدايا والتقدير.
وأضاف نجم الدين أن المهم في المكالمة التي دارت بين الرئيسين أنها تأتي في وقت تعج المنطقة بأزمات كبيرة، مثال ما يحدث في إثيوبيا والسودان وعدم استقرار منطقة القرن الأفريقي، والمشهد العراقي ومحاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي بطائرة مسيرة، كما أن الوضع في سوريا معقد، كذلك المشهد في ليبيا وكيفية خروج ليبيا من عنق الزجاجة إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية المنتظرة في الـ 24 ديسمبر المقبل.
ولفت إلي أن القيادة الروسية تتحرك من منطلق أن مصر لها دور مهم في كل الملفات ولا غني عنها في أي ملف يخص المنطقة.
الملف السوري في المحادثات
وبالنسبة للملف السوري، قال الخبير في العلاقات الدولية: أخيرا تعود روسيا إلى مصر في الملف السوري بعد عدد كبير من السنوات لم تصل الأمور في سوريا إلي ما يرجوه السوريون ولا يبتغي منه الروس شيئا.
وتابع: "العودة إلى مصر كان من البداية الطريق إلى الحل، والقيادة الروسية أدركت هذا مؤخرا لخروج سوريا من المستنقع الذي دخلت فيه".
وأشار نجم الدين إلي أن مصر لها القدرة ولها الدبلوماسية التي تستطيع أن تخضع أشواطا سريعة في طريق إقناع القيادة السورية بأن الحل هو "سوري سوري"، ولا يمكن أن يتم تجاهل ما لا يقل عن 15 مليون سوري خرجوا من بلادهم كلاجئين في البلاد الأخري.
ولفت إلي أن حل المشكلة السورية ليس في وجود القوات الروسية والتركية أو التدخل الإيراني، بل الحل أن القاهرة تعود إلي هذا الملف وتقنع القيادة في سوريا بأن الحل سيكون في الاستماع السوريين إلي بعضهم البعض وعودة اللاجئين إلى وطنهم.
الملف الليبي
وبخصوص الملف الليبي، أوضح نجم الدين أن المكالمة الهاتفية التي تمت بين الرئيسين في غاية الأهمية من حيث التوقيت، حيث بدأت قوات المشير خليفة حفتر بترحيل 300 من المليشيات والمرتزقة إلى دولة تشاد، وشركة فاجنر الروسية المتخصصة في مجال الأمن عليها أن تلملم شتاتها وتغادر ليبيا في أسرع وقت أيضا.
وأضاف أن القيادة السياسية في مصر تؤمن بأن عودة مؤسسات الدولة في ليبيا لن يتم إلا بخروج المرتزقة والمليشيات المسلحة من كامل الأراضي الليبية سواء كانت المليشيات الروسية أو المليشيات السورية أو المليشيات الأفريقية.
وتابع: "خروج كل هذه المليشيات هي خطوة أساسية لإتمام الاستحقاقات الانتخابية في وقتها المحدد واستعادة مؤسسات الدولة المدنية في ليبيا".
محادثات عن سد النهضة
وعن المحادثات بين الرئيسين بخصوص سد النهضة، قال نجم الدين إن مصر تسلمت رئاسة منظمة السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي في أول نوفمبر الحالي، وحديث الرئيس الروسي مع الرئيس السيسي سيتناول هذا الأمر، الآن إثيوبيا هي إحدي أجندات السياسية الخارجية الروسية.
وأضاف أن هناك تفاؤلا كبيرا من هذه المكالمة بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي والروسي فلاديمير بوتين بل هي تسمى بأنها "بداية انفراجات في ملفات إفريقية مهمة".