الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

آثار مصرية في البر والبحر.. أسرار مدينة «هرقليون» الغارقة في الإسكندرية

صدى البلد

في الوقت الذي تعد فيه مصر لأكبر موكب فرعوني بافتتاح طريق الكباش بمحافظة الأقصر، ظهرت على الساحة صورا رائعة الجمال للمدينة الغارقة "هرقليون" في محافظة الإسكندرية عروس البحر المتوسط. 


وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" صورا لاستخراج تماثيل أثرية ضخمة من مياه البحر الأبيض المتوسط من تلك المدينة الغارقة وسط فخر شديد بالآثار المصرية الخالدة بينما ردد البعض أن احتمالية غرق مدينة الإسكندرية واردة طالما غرقت مدينة هرقليون التي مازال سبب غرقها مجهولا حتى الآن.

 

سر المدينة الغارقة

مدينة "هرقليون" باللغة اليونانية أو كما تعرف باسمها المصري "ثونيس"، وأحيانا تسمى ثونيس-هرقليون، كانت مدينة مصرية قديمة قرب الفرع الكانوبي من النيل، حوالي 32 كم شمال شرق الإسكندرية، تقع بقاياها حاليا في خليج أبي قير على بعد 2.5 كم من الشاطئ وعلى عمق 30 قدم، في أبو قير حيث يستكشف علماء الآثار المدينتين الغارقتين هرقليون وكانوبوس منذ عام 1992. 

بجانب كونها مركزًا دينيًا بارزًا، كانت مدينة هرقليون نقطة تجارية رئيسية على البحر المتوسط في القرن السادس قبل الميلاد وسميت من قدماء المصريين "ثونس" أو "تاهونى" وكانت ميناءً هامًا لمصر على البحر المتوسط ؛ ووصفت بأنها " مدخل بحر اليونانيين"، كما هو معروف من لوحة في ناوكراتيس وجدت في عام 1899.


عندما بدأ علماء الآثار الغوص في هذا الموقع في التسعينات من القرن الماضي، اكتشفوا أطلال معبد هرقليون الذي كان مخصصًا لآمون وهرقل- خونسو، كما عثروا أيضًا على تماثيل ضخمة للآلهة وللملوك البطالمة وزوجاتهم وآنياتهم وجواهرهم والعديد من السفن الخشبية المحطمة.
مدينة كانوبوس هي المكان الذي يعتقد أن الإلهة إيزيس عثرت فيه على آخر جزء من جسد أوزوريس المقطع بوحشية، ويؤمن قدماء المصريين طبقا لأسطورة إيزيس وأوزوريس أن أوزوريس قـُتل على يد أخيه الحقود "سيث " الذي نثر الأجزاء المقطعة من جثة أخيه في سائر أنحاء مصر.


وحسبما تقول الأساطير المصرية، نجحت إيزيس في العثور على القطع المنثورة ووضعتها في مزهرية وتم الاحتفاظ بها في مدينة كانوبوس.
ويشهد هذا الموقع، الذي يفخر بمئات من آنية الأمفورا اليونانية والرومانية، على الصلات التجارية والوطيدة بين مصر و الإمبراطورية الرومانية، ولا عجب فقد فتح الإسكندر المقدوني مصر في عام 327 قبل الميلاد، وحكمها البطالمة حتى عهد كليوباترا، ثم احتلها الرومان في عام 40 قبل الميلاد بعد هزيمة كليوباترا - وبقي الرومان في مصر حتى الفتح الإسلامي.

 

متحف تحت الماء

مدينة الإسكندرية والعديد من المنظمات غير الحكومية بالتعاون من منظمة اليونسكو تعمل في مشروع بناء متحف تحت الماء لعرض هذه الأشياء إلى العامة ويمكن ترتيب رحلات الغوص الأثرية إلى موقع المدن الغارقة بأبي قير من خلال مركز غوص المنتزه بالإسكندرية مركز الغوص الوحيد على الساحل الشمالي المعتمد لدى غرفة الغوص والرياضيات المائية.
وفي يوليو الماضي اكتشفت البعثة الأثرية المصرية الفرنسية التابعة للمعهد الأوروبي للآثار الغارقة (IEASM) ، والعاملة بمدينة هرقليون الغارقة بخليج أبي قير بالإسكندرية، حطام سفينة حربية من العصر البطلمي، وبقايا منطقة جنائزية إغريقية تعود لبداية القرن الرابع قبل الميلاد.

وقال الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إن السفينة كان من المقرر لها أن ترسو في القناة التي كانت تتدفق على طول الوجه القبلي لمعبد آمون، ولكنها غرقت نتيجة انهيار المعبد وسقوط كتل ضخمة عليها خلال القرن الثاني قبل الميلاد، نتيجة وقوع زلزال مدمر، وقد ساهم سقوط تلك الكتل الحجرية في الحفاظ على السفينة أسفل القناة العميقة المليئة الآن بحطام المعبد.


وأوضح الدكتور أيمن عشماوي رئيس قطاع الآثار المصرية، بأنه تم اكتشاف حطام تلك السفينة تحت ما يقرب من 5 أمتار من الطين الصلب الذي يمثل قاع البحر والممزوج بآثار المعبد، وذلك باستخدام أجهزة الحفائر التحت مائية. 

من جانبه أكد فرانك جوديو رئيس بعثة المعهد الأوروبي للآثار الغارقة (IEASM)، أن اكتشاف السفن السريعة التي تعود لتلك الحقبة الزمنية لا يزال نادرا للغاية، وأن السفن الإغريقية من هذا النوع كانت مجهولة تماما حتى اكتشاف السفينة بونيقية مارسالا ( 235 قبل الميلاد) وهي المثال الوحيد لدينا.

وقال إيهاب فهمي رئيس الإدارة المركزية للآثار الغارقة، إن البعثة نجحت في العثور على بقايا منطقة جنائزية إغريقية تعود لبداية القرن الرابع قبل الميلاد، عند مدخل القناة الشمالي الشرقي للمدينة، مما يوضح وجود التجار اليونانيين الذين عاشوا في تلك المدينة، وتحكموا في مدخل مصر عند مصب الفرع الكانوبي لنهر النيل، حيث تم السماح لهم لاستيطانها خلال العصر الفرعوني المتأخر، وأقاموا معابدهم الجنائزية بالقرب من المعبد الرئيسي للآلة آمون، ولكن نظراً للكوارث الطبيعية تم تدمير المنطقة، واكتشاف بقاياها الأثرية مختلطة بمعبد آمون مستقرة، وفي حالة ممتازة في القناة العميقة أثناء الهبوط الأرضي الناجم عن ظاهرة هشاشة الأرض.


وتُعد تلك الآثار شاهدا على ثراء معابد تلك المدينة الواقعة الآن تحت سطح البحر المتوسط على بعد 7 كيلو مترات من شاطئ أبي قير.