الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

غنى أمام الزعيم عبدالناصر.. كيف ساهم عبدالكريم الكابلي في تصدير صورة مضيئة للسودان ؟

صدى البلد

«لو أصغى الساسة إلى الفنانين، لكان حال العالم مختلفاً كثيراً عما هو عليه الآن»؛ تعد تلك المقولة هي الأبرز التي اتفق عليها أهل السياسة، مع أهل الفن، حيث يتحدث الجميع عن دور الموسيقى في تقريب الشعوب وثقافات هذه الشعوب إلى بعضها، وعن دور الفن في صنع السلام، وفي إنجاز ما تعجز وسائل التواصل الأخرى وقنوات التحاور الأخرى عن تحقيقه، ولعل أبرز مثال هو التقريب بين الشعبين المصري والسوداني من خلال الغناء الذي جاء من الجنوب ليطرب أسماع المصريين، والعكس، وبرز خلال ذلك عدد من مطربي السودان، أمثال محمد وردي، وشرحبيل أحمد، سيد خليفة، نانسي عجاج، والمطرب والمؤرخ والملحن الكبير عبد الكريم الكابلي.

 

رحيل عبقري الفن السوداني

غيّب الموت، المطرب السوداني القدير عبدالكريم الكابلي، عن عمر ناهز 90 عاماً، داخل أحد مستشفيات ولاية ميتشيجن الأمريكية، حيث رقد خلال الأشهر الأخيرة بسبب صراع مع المرض.

ويعد الكابلي واحدا من أهم عمالقة الفن السوداني، حيث لحن وكتب العديد من الأغنيات لكبار الفنانيين السودانيين، عدا تلك التي كان يكتبها ويلحنها ويغنيها بنفسه.

ونعى نجل الفنان الكابلي سعد والده على صفحته على "فيس بوك"، وقال: «بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، ننقل اليكم خبر وفاة الوالد عبد الكريم الكابلي، ‏اللهم اغفر له وارحمه وعافه وأعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واجعل قبره روضة من رياض الجنة».

 

من الترجمة بزغ نجمه في السودان

الكابلي شاعر وملحن ومطرب وباحث في التراث الشعبي السوداني، إلى جانب كونه مثقفا ومترجما، ولد في شرق السودان «بورتسودان» عام 1932، والتحق الراحل بالقضاء السوداني وعمل مفتشا إداريا بإدارة المحاكم في خمسينيات القرن الماضي 1951، بعد أن أكمل دراسته، ووصل إلى درجة كبير مفتشي إدارة المحاكم في العام 1977، وبعد ذلك سافر إلى المملكة العربية السعودية، ليتعاقد مع إحدى المؤسسات السعودية مترجما، لكنه لم يستمر طويلا، وعاد إلى السودان بعد ثلاث سنوات في العام 1981.

ويُعد الكابلي من أكثر الفنانين السودانيين شهرةً، وتعدّدت مواهبه، فهو مغنٍ وشاعر وملحن وباحث في التراث الغنائي السوداني، بدأ الغناء منذ سنّ الثامنة عشرة، وظلَّ يغني في دائرة جلسات الأصدقاء والأهل لمدة عقد من الزمن، إلى أن واتته الفرصة الحقيقية في عام 1960، عندما غنّى رائعة الشاعر تاج السر الحسن «أنشودة آسيا وأفريقيا» بحضور الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر.

 

القيادات السودانية تنعي الراحل

من جانبه، نعى رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وأعضاء المجلس - في بيان اليوم - الكابلي، لافتا إلى أنه ظل رمزا من رموز الإبداع والفن في السودان، حيث وهب نفسه لخدمة الفن والثقافة والتراث السوداني.

وقال: «كان الراحل من الفنانين والموسيقيين الأفذاذ والمتفردين في مضمار الغناء والفن السوداني الأصيل، كما كان من الباحثين في التراث الشعبي السوداني، وأثرى الساحة الفنية، بالعديد من الأغاني والأعمال الخالدة».

كما عزّى رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، في وفاة الفنان عبد الكريم الكابلي، وقال على حسابه الرسمي على تويتر: «أتقدم بالتعازي الحارة لأسرة المرحوم الأستاذ عبد الكريم الكابلي، وللأمة السودانية، وكل مُحب للفن والجمال والحياة»، مضيفا: إن الراحل رمزٌ من رموز الفن السوداني، وصرح أدبي ضخم حفر اسمه في وجدان الشعبن بأحرف من نور.

 

 

مطرب وباحث في التراث

تميّز المطرب الكابلي بقدرته على صياغة القصائد والعمل على النصوص التراثية بطريقة متقنة ساعدته فيها قدراته اللغوية الكبيرة، كما اشتغل في وقت لاحق في التحقيق التراثي وعمل باحثًا ومحاضرًا في أكثر من جامعة غربية قبل أن يستقر في الولايات المتحدة الأمريكية. 

لم يغنٍ الفنان الراحل باللهجة السودانية المحلية فقط، بل أن العديد من أغانيه كانت بالعربية الفصحى التي ساهمت في نشر أغانيه وذيوع صيته خارج السودان أيضاً.

وللكابلي الكثير من الأعمال الغنائية التي نجحت في أن تنال الصدارة على المشهد الطربي السوداني والعربي ومنها: حبيبة عمري، أنشودة آسيا وإفريقيا، يا ضنين الوعد، أكاد لا أصدقُ، زمان الناس، حبك للناس، يا بت ملوك النيل.

كما تغنى كذلك بعدد من القصائد العربية منها «أراك عصي الدمع" للشاعر أبو فراس الحمداني ـ 932-968، شذى الزهر، للمصري محمود عباس العقاد 1889-1964، صداح يا ملك الكنار، لأمير الشعراء أحمد شوقي 1870-1932»، ومعزوفة لدرويش متجول لشاعرها السوداني الأصل محمد الفيتوري «1936-2015».