الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السجين رقم 46664.. حكاية قاهر التفرقة العنصرية الزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا

صدى البلد

"لا أحد منا يمكن أن يحقق النجاح بأن يعمل بمفرده".. إحدى أشهر مقولات الزعيم الافريقي نيلسون مانديلا، الذي عاني طوال 27 عاما في السجن، لمحاربته التمييز العنصري في جنوب افريقيا، حتى نجحت مساعيه وأصبح أول رئيس أسود اللون لجنوب أفريقيا.


نقار الخشب


السجين رقم 46664 أشهر سجين سياسى فى العالم، حاصل على جائزة نوبل للسلام عام 1993، ولد نيلسون مانديلا فى 18 يوليو 1918 وعانى منذ ولادته من التمييز العنصري، فوالده أسماه "روليهلاهلا" ومعناه "قاطع الأغصان"، وهو طائر من فصيلة نقار الخشب، ويطلق عليه طائر مانديلا أو "المثير للمشاكل"، لكنه غير اسمه بعدما اقترح عليه المعلم ذلك، الذي أطلق عليه اسم نيلسون، حيث كان المعلمون من الاستعمار البريطاني يطلقون اسماء سهلة النطق على الاطفال حينها.

 

بداية النضال


من المواقف البارزة في بدايته ضد التمييز العنصري، وقع حين كان نيلسون مانديلا طالباً في الجامعة، رأى أستاذه وهو عنصري أبيض اسمه "بيتر"، يتناول طعام الغداء، فجلس مانديلا بقربه، فقال له بيتر: يبدو أنك لا تفهم أن الخنزير والطير لا يجلسان معاً على الطعام، فرد مانديلا بهدوء ودهاء قائلا: لا تقلق أستاذي سأطير بعيداً عنك، ثم ذهب وجلس على طاولة أخرى.

قبل القبض عليه أطلقت عليه وسائل الإعلام لقب «عشبة كزبرة الثعلب السوداء»، حيث كان بارعاً في التخفي و مراوغة قوات الشرطة، وفي 1964 حكم عليه بالسجن لمحاربته التمييز العنصري، وعاش فى زنزانة مساحتها خمسة أمتار، حاملا رقم السجين 46664، خلال سنوات سجنه واصلت زوجته مسيرته النضالية، وفى يوليو 1988 احتفل أشهر الموسيقيين العالميين على مدار 10 ساعات بعيد ميلاده السبعين، وأعربوا عن رفضهم للتمييز العنصري، وشاهد الحفل 70 ألف متفرج و100 ألف شخص عبر التلفاز ونقل الحفل في 60 دولة.

تعد زوجته السيدة الأولى في بلدين، حيث تزوج بأرملة رئيس موزمبيق الراحل، بجراسا ماشيل، عقب وفاة زوجها، والتي أصبحت بذلك أول سيدة أولى في بلدين.


فى 11 فبراير 1990 أُطلق سراح نيلسون مانديلا بعد قضائه 27 عاما في السجن، فعاد للحياة السياسية، وفي 10 مايو 1994 أصبح مانديلا أول رئيس من أصحاب البشرة السمراء للبلاد، وبقي في منصبه حتى عام 1999 وسلم الرئاسة إلى ابنه بالتبني "ثابو مبيكى"، في السنوات الأخيرة من حياته، غاب مانديلا تدريجياً عن الأضواء حتى رحل في 5 ديسمبر 2013.


والده رئيس قبيلة


ولد مانديلا بمنطقة ترانسكاى في أفريقيا الجنوبية، وكان والده رئيساً لقبيلة التيمبو الشهيرة، وقد توفى ونيلسون لا يزال صغيراً، فانتخبته القبيلة خلفا لأبيه وبدأ إعداده لتولى المنصب، فتلقى دروسه الابتدائية في مدرسة داخلية عام 1930، ثم بدأ الإعداد لنيل البكالوريوس من جامعة فورت هار، ولكنه فُصل من الجامعة مع رفيقه اوليفر تامبو عام 1940 بتهمة الاشتراك في إضراب طلابى.


عاش مانديلا فترة دراسية مضطربة، وتنقل بين العديد من الجامعات وتابع الدراسة بالمراسلة بمدينة جوهانسبرج، وحصل على الإجازة، ثم التحق بجامعة وايت ووترساند لدراسة الحقوق وكانت جنوب أفريقيا في تلك الفترة خاضعة لحكم يقوم على التمييز العنصرى الشامل، إذ لم يكن يحق للسود الانتخاب ولا المشاركة في الحياة السياسية أو إدارة شؤون البلاد، بدأ مانديلا في المعارضة السياسية لنظام الحكم في جنوب أفريقيا الذي كان بيد الأقلية البيضاء، وفى 1942 انضم مانديلا إلى المجلس الأفريقى القومى، الذي كان يدعو للدفاع عن حقوق الأغلبية السوداء، وفى 1948 انتصرالحزب القومى في الانتخابات العامة، وفى تلك الفترة أصبح مانديلا قائد الحملات المعارضة والمقاومة.


مقاومة مسلحة وسجن


في البداية دعا مانديلا للمقاومة السلمية، لكن بعد إطلاق النار على متظاهرين عُزَّل في عام 1960 قرر فتح باب المقاومة المسلحة، وفى فبراير 1962 اُعتقل وحُكم عليه بالسجن 5 سنوات بتهمة التدبير للإضراب، وفى 11 يونيو 1964 حكم عليه مرة أخرى بتهمة التخطيط لعمل مسلح والخيانة العظمى، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، وخلال سنوات سجنه السبع والعشرين، أصبح النداء بتحرير مانديلا من السجن رمزاً لرفض سياسة التمييز العنصرى.


رسالة حماسية من داخل السجن


فى 10يونيو 1980 تم نشر رسالة أرسلها مانديلا للمجلس الأفريقى القومى قال فيها: «اتحدوا! وجهزوا! وحاربوا! إذ ما بين سندان التحرك الشعبى، ومطرقة المقاومة المسلحة، سنسحق الفصل العنصرى»، وفى عام 1985 عُرض على مانديلا إطلاق السراح مقابل إعلان وقف المقاومة المسلحة، إلا أنه رفض وبقى بالسجن حتى 11 فبراير 1990، إلى أن نجح المجلس الأفريقى القومى والضغوط الدولية في إطلاق سراحه بأمر من رئيس الجمهورية فريدريك ويليام دى كليرك.

حصل مانديلا مع الرئيس فريدريك دى كليرك في عام 1993 على جائزة نوبل للسلام، وأصبح مانديلا أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا في مايو 1994 حتى تقاعد في 1999، وفى 2005 اختارته الأمم المتحدة سفيرا للنوايا الحسنة.