EN 
واحدة من أهم وأشهر نجمات السينما المصرية على مر التاريخ، تعتبر أول فنانة تقوم بعمل دور واحد في معظم أفلامها، ولكن بسبب خبرتها الواسعة وموهبتها الكبيرة تمكنت من تقديم نفس الدور أكثر من اثنتي عشرة مرة بشكل مختلف.. “عبلة السينما المصرية” الفنانة كوكا، التي عرفت من خلال تقديمها دور حبيبة عنتر فيما يفوق الثلاثة أفلام.
مولد عبلة السينما المصرية
ولدت الفنانة “ناجية إبراهيم بلال”، التي عرفت باسم كوكا، في 7 مارس عام 1917 في محافظة القاهرة، كان والدها في الأصل ضابطا يعمل في السودان، لكنها ولدت وعاشت حياتها في مصر، وتعتبر من أجمل الملامح التي مرت على السينما المصرية، وتمكنت من الحفاظ على جمالها حتى آخر ظهور لها على الشاشة عام 1977.
كانت كوكا منذ صغرها عاشقة للفن والسينما، وكانت تحاول دخول عالم الفن بأي طريقة، حتى تمكنت من العمل في السينما، لكن من وراء الكاميرا، حيث لم تكن البدايات الفنية لكوكا “ناجية” كممثلة، ولكنها في البداية عملت في السينما كمونتيرة، فكانت تجلس وراء الشاشة الصغيرة، وتتخيل نفسها مكان الممثلين، وتمارس مهنتها وموهبتها المفضلة وهي التمثيل، وبالفعل حصلت كوكا على فرصة للوقوف أمام نجم الكوميديا في الثلاثينات “على الكسار” من خلال فيلم بواب العمارة، ولعبت كوكا دور فتاة أجنبية، تأتي من الخارج للقاء حبيبها بعد فترة طويلة.
وقد لفتت كوكا الأنظار لها من خلال ملامحها الجذابة، إضافة إلى إتقانها للغة الإنجليزية، فعلى الرغم من ملامحها العربية الجميلة، إلا أن الكثير كان يعتقد أنها حقًا فتاة أجنبية، ثم ظهرت بعد ذلك مع كوكب الشرق أم كلثوم من خلال مشهد صغير في فيلم “وداد”، ثم انتقلت بعد ذلك إلى عالم الفن لتحظى بشهرة عالمية.
عالم الشهرة يجذب كوكا
بعد قيامها بفيلم أمام كبار نجوم السينما في هذا الوقت مثل الفنان الراحل علي الكسار ونجمة الغناء “أم كلثوم”، حصلت كوكا على فرصة للمشاركة في المسرحية الكوميدية “صندوق الدنيا”، التي كانت بالفعل البوابة الرئيسية إلى العالمية، فأثناء قيامها بأحد عروض المسرحية، شاهدها مخرج إنجليزي شهير، وطلبها للقيام بدور البطولة في الفيلم الإنجليزي الشهير “أريحا” أو “تاجرة الملح” عام 1937، وقد قام المخرج ثورينوت فريلاند بالتسويق لها بكونها “الفنانة الأفريقية”، وقد كتبت الكثير من الصحف وقتها عن فيلم إنجليزي من بطولة “كوكا الأفريقية”، الأمر الذي زاد بشكل كبير من شعبيتها.
انتشر الفيلم انتشارا واسعا حول العالم، وكان إتقانها للغة الإنجليزية بمثابة مفاجأة للعالم الغربي لكونها عربية، ومن بعد مشاركتها العالمية في هذا الفيلم، زادت شهرة كوكا في العالم العربي، وأصبح يعرض عليها الكثير من الأعمال السينمائية، لكنها كانت تختار القليل منها فقط، ومن ثم بدأت في حصر نفسها في أدوار الفتاة البدوية، لأنها كانت تشعر بارتياح في تقديم هذا اللون، وكانت تجد أن الجماهير تصدقها كثيرًا في هذا الدور.
زواج كوكا ونيازي مصطفى
كان المخرج الراحل نيازي مصطفى من أشهر مخرجي السينما المصرية في ذلك الوقت، وقد عمل مع الفنانة الراحلة كوكا أكثر من عمل سينمائي، وبالفعل وقع في حبها وعرض عليها الزواج، ووافقت كوكا وأعلنا خطبتهما، ومن ثم تزوج الثنائي، فكانت قصة حب نيازي وكوكا من أشهر قصص الحب الموجودة في الوسط الفني، فمن شدة تعلقه بزوجته، كان نيازي يرفض قبولها أي عرض عالمي خارج مصر، لأنه كان يرفض إقامتها في الخارج بدونه، والغريب في الأمر أنها كانت توافقه الرأي، وقامت برفض أكثر من عرض بعد زواجها منه، فكانت تجد أن رعايتها لبيتها وزوجها أهم من التمثيل، ولم يترك نيازي كوكا حتى وفاتها، وظل بجانبها حتى في أصعب الأوقات التي مرت بها.
مرض كوكا وإقناع زوجها بالزواج الثاني
بعد سنوات من الحياة السعيدة والمستقرة، شعرت كوكا أن الأمر ليس على ما يرام وأن حملها قد تأخر نسبيًا، لذلك قررت الذهاب إلى الطبيب لتجد أنها لن تتمكن من الإنجاب، ولكنها لم تستسلم وقررت الذهاب لأكثر من طبيب سواء في مصر أو خارجها، لكنها كانت تعود بنفس النتيجة، والغريب في الأمر أن زوجها لم ينزعج من هذا الأمر، لكنها فاجأت الجميع بطلبها من زوجها أن يتزوج سيدة غيرها ليتمكن من الإنجاب والحصول على طفل، في البداية رفض نيازي مصطفى هذه الفكرة وطلب منها التراجع عن هذا الرأي.
لكن بعد ذلك أعلن المخرج الكبير زواجه من الفنانة نعمت مختار، وظل معها لوقت ليس بطويل “شهر فقط”، ومن ثم عاد مرة أخرى لزوجته الأولى كوكا، التي وصفها بأنها حب حياته، وأنه لا يمكنه العيش بدونها حتى من أجل الإنجاب، خاصة بعد علمه بإصابتها بمرض السرطان، فظل معها حتى توفيت في 29 يناير عام 1979، وكانت تلك من أشهر قصص الحب الموجودة في الوسط الفني.
انتقاد حاد للمخرج نيازي مصطفى
تعرض نيازي مصطفى لهجوم حاد من النقاد، لتفضيله زوجته كوكا على بقية الفنانات في أعماله، ورد على ذلك، بأنه "يعمل تحت سلطان إحساسين، هما قلبه وعقله"، وذلك وفقًا لكتاب "سينما نيازي مصطفى" للكاتب محمد عبد الفتاح.
على الرغم من موهبتها الكبيرة وملامحها الجذابة، لم تتمكن كوكا من تقديم أكثر من 16 عملا فنيا فقط للسينما، منها 4 أفلام قامت فيها بدور عبلة، فكان يطلق عليها المنتجون دائمًا لقب “الفنانة التي رحلت مبكرًا”، فمع قصة زواجها وبعدها عن الفن لفترة طويلة، لم تشبع كوكا موهبتها الفنية بتقديم الكثير من الأعمال، وزاد الأمر سوءًا بعد علمها بإصابتها بالسرطان، الذي عانت منه لفترة طويلة، حتى وافتها المنية في 29 يناير عام 1979، وظل زوجها “نيازي مصطفى” معها حتى النهاية.
وكان آخر الأعمال التي قدمتها كوكا للسينما المصرية هو الفيلم الشهير “أونكل زيزو حبيبي” للفنان محمد صبحي.
