الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الخروج من سباق الأوسكار

رشا شكر
رشا شكر

أعلنت الأكاديمية الأمريكية والمعروفة بجوائز الأوسكار، عن القائمة النهائية لأفلام المسابقة الدولية والتي خلت تماماً من أي فيلم لأية دولة عربية بالرغم من تقدم ١٠ أفلام في المسابقة .

وكانت الدول العربية التي تقدمت بأفلامها في المسابقة الرسمية للأفلام الدولية هي المغرب وفلسطين والصومال وتونس والجزائر والأردن ولبنان ومصر والمملكة السعودية والعراق . والنتيجة لم ينجح أحد للوصول إلى القائمة قبل النهائية التي سيتم التصويت عليها للوصول لقائمة الترشح الرسمية والتي تسفر عن قائمة نهائية غالباً من خمسة أفلام يتم بعدها الإعلان عن الفيلم الفائز بجائزة الأوسكار. 

تختلف شروط التقدم والترشح لجوائز الأوسكار والتصويت على الأفلام عن جميع المهرجانات الكلاسيكية خاصة الأوروبية. فهو حدث لا يتشابه مع أى من مهرجانات السينما.    

والجديد هذا العام أن بلداناً تدخل سباق الأوسكار لأول مرة  للمنافسة على أوسكار الفيلم الدولي والملاحظ أيضاً إنها بلدان صغيرة وليس لها باع في طرقات المهرجانات الأوروبية وهي كوسوفو وبوتان وبنما وكان من الملاحظ أيضاً خروج الفيلم الفرنسي تيتان والذي فاز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان الفرنسي ما سبب صدمة للبعض ممن اعتادوا أن المهرجانات الأوروبية ممرات الجوائز تلقائياً.

 وعن موضوعات أفلام البلدان التي تتقدم لأول مرة، فيلم بوتان، يدور عن معاناة مدرس خلال إنهاء تدريبه في بلدة صغيرة جداً في شمال بوتان والتي تحيطها جبال الهيمالايا العتيدة وعليه التغلب على ضعف الخدمات والارتفاعات والطقس شديد البرودة لإتمام مهمته. الفيلم واقعي ويناقش قضية هامة وهي التعليم وتحدياته في المناطق النائية وفيلم كوسوفو يتحدث عن تقدم المرأة في المجتمع من خلال العمل وتحدي التقاليد الاجتماعية المقيدة لعمل المرأة. 

الفيلم أيضاً يلقي الضوء على معاونة المرأة للمرأة لإيجاد فرص للعمل. أما فيلم بنما يلقي الضوء على العنف المجتمعي من خلال جريمة قتل غامضة لممثل شاب قبل العرض العالمي لفيلمه في السينما. الفيلم يلقي الضوء على الفجوة بين طبقات المجتمع من خلال إلقاء الضوء على الأحياء التي يسكن فيها العنف. الفيلم مهداة إلى ضحايا العنف والقتل من الأطفال والمراهقين في أمريكا اللاتينية.

ليست المرة الأولى التي تغير فيها الأكاديمية قواعد اللعبة وتعلن مساندتها لنوعية سينما إنسانية مختلفة لا تعتمد على تاريخ للجوائز أو شهرة مسبقة لصانعيها في بعض الدوائر أو لطبخة الموضوعات المعتادة التي تضمن الدخول لمسابقات الأفلام. 

ففي عام ٢٠٢٠ وفي أول سابقة في تاريخ الأوسكار كانت جائزة أفضل فيلم لفيلم غير أمريكي لأول مرة وفاز الفيلم الجنوب كوري بارازايت. وفي عام ٢٠٢١ فاز الفيلم الأمريكي نوماد لاند أو أرض الرحالة وهو فيلم إنساني من الطراز الأول يبعد تماماً عن إبهار الإنتاج الأمريكي المعتاد.  وكنت قد كتبت عن جوائز الأوسكار في هذين العامين في مقالات سابقة.

تناول المفاهيم الإنسانية للحياة في السينما أصبح له مضمون مختلف مع تغير الوعي والإدراك الإنساني بشكل عام ومع تغير الظروف التي تعيشها البشرية ومع التحديات المجتمعية التي باتت تشكل عائقاً أمام تقدم بعض المجتمعات كالتعليم ووضع المرأة وسيطرة العنف وقتل الأمل والحلم. 

سقطت الأفلام العربية المتقدمة لأنها لم تعد تقدم الجديد إنسانياً ولأن البعض من صانعيها أصبح لا يرتبط إنسانياً بما يحدث على أرض الواقع بالفعل حتى أن بعض مجتمعاتهم باتت تثور على ما يقدمونه لأن وجهة نظرهم أصبحت غير لائقة مثل الفيلم الذي تقدمت به الأردن للأوسكار ”أميرة“ وتم سحبه بعد موجة غضب شديدة. 

أصبح البعض من صانعي الأفلام يعيشون في فقاعات لم يتم تحديثها مع تغيرات الحياة المتلاحقة. السينما ليست فقط مرآة المجتمع بل هي صانعة منظوراً إنسانياً جديداً للمجتمع وللحياة تزرع الأمل وتجدد الحلم وتسلط الضوء على تحديات الحياة وتخلق إدراكاً ووعياً جديداً للحياة. 

من أهم أسباب نجاح صناعة السينما الأمريكية أنها تزرع الأمل مهما كانت تحديات أبطال أفلامها وموضوعاتها. الخير ينتصر في النهاية. الحياة تنتصر. نعتصر مع الأحداث في معظم الأفلام ولكن نخرج منها ونظرتنا على قيمة إنسانية قد تأكدت أو تغيرت. 

أصبحت الأفلام العربية المتقدمة في المسابقات مثل الأوسكار صنيعة ممرات المهرجانات الأوروبية وهي أيضاً مجتمعات بعيدة عن الواقع العربي إلا أن هوليوود أهم قبلة لصناعة السينما في العالم تثبت هذا العام أن العبور للترشح للأوسكار لا يأتي مشروطاً مع رفض الفيلم الفرنسي الفائز بالسعفة الذهبية ومع سقوط قائمة كل الأفلام العربية هذا العام ونجاح بوتان وكوسوفو وبنما للترشح.