الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعض النساء.. كذلك بعض الرجال!

نيفين منصور
نيفين منصور

رغبة الوصول للصدارة من الرغبات الملحة لدى البعض سواء كان رجلا أو امرأة .. يستمتع البعض منهم بالوصول لتلك الغاية مهما كانت الوسائل وربما مهما كلفه الأمر .. وتلك الرغبة لا تظهر  فقط بين المتنافسين في مجال الدراسة والعمل علي مدار العمر ولكنها أحياناً قد تصل إلي العلاقات الإنسانية والعاطفية أيضاً.

البعض يستمتع بحب المنافسة أكثر من استمتاعه بالغاية التي قد يصل إليها.. وربما تظهر بعض الأمثلة في علاقة الرجل بالمرأة والعكس.. قد تظهر امرأة في حياة أحد الرجال وتحاول التقرب منه والتودد له ولا يهتم بها وربما لا يلتفت لمشاعرها ولكن قد يستمتع بملاحقتها له كنوع من الشعور بالذات ومحاولة منه للوصول إلي الإحساس بأنه مرغوب ولكن في حقيقة الأمر لا يهتم بها كأنثي ولا يراها في بعض الأحيان.. فقط يرى رغبته في الشعور بذاته ورجولته وعزته بنفسه.

فإذا ظهر في المشهد رجل آخر يحاول التودد لتلك المرأة التي طالما توددت له، يتحول الأمر إلى الرغبة في المنافسة للوصول إلى الصدارة والانتصار .. فيهتم بها ويتودد إليها وربما يغار عليها فقط، لأنه قد وصله الشعور بأن رجلا آخر يسعى إليها وقد تتركه من أجله وقد يفقد شعوره بنفسه الذي كان يحصل عليه منها رغم إهماله لها، فيفكر فقط في استعادة مشاعرها ليس لشخصها وإنما للاحتفاظ بالرغبة في الصدارة .

كذلك الحال مع بعض النساء.. بعضهن يتعاملن بنفس الطريقة .. عندما يتقرب من إحداهن رجل قد تتركه دون اهتمام وتستمتع فقط بشعورها بأهميتها التي تحصل عليها من خلاله دون محاولة منها بالاقتراب منه أو التودد إليه وتشعر بالطمأنينة بأنها مرغوبة وقد تبحث عن غيره لتزيد تلك الرغبة في الشعور بذاتها وأهميتها علي حساب مشاعر هذا وذاك.

والأصعب من تلك النماذج ، هو نموذج الرجل الذي لا يستمتع إلا بإفساد علاقة  بين رجل غيره وامرأة ويشعر بالنشوى الحقيقية عندما يفرق بينهما ليحصل عليها ليثبت لنفسه أنه الأفضل والأقوى والأكثر تأثيرا،، ثم يتركها عندما يتشبع بتلك المشاعر وينتصر على منافسه في حياتها. وبالمثل نجد تلك النماذج أيضا منتشرة بين الفتيات والنساء فتجد المرأة التي تستمتع بجذب الرجل المرتبط بأخرى وتحاول جاهدة إفساد العلاقة بينهما لتصل إلي قلب ذلك الرجل بكل الوسائل الممكنة ليس بغرض الحب ولكن بغرض التمتع بالشعور بالصدارة و بأنها الأكثر جمالا والأكثر قبولا ولا تصل لتلك المتعة إلا على أنقاض امرأة أخرى.

وتتكرر تلك النماذج لتصل إلى علاقة بعض الأزواج .. أحياناً لا يلتفت الرجل لزوجته ولا يهتم بها عندما يشعر بأنها مضمونة بالنسبة له فيهملها ويبحث عن علاقة أخرى ليشعل لهفة الحب والشوق مع غيرها.. فإذا شعر بأن رجلا آخر  يلتفت إلى زوجته أو يحاول التودد لها يتنبه لها وتتوقد نيران الغيرة في قلبه ويلاحق زوجته في محاولات لاستعادتها والرجوع إلى الشعور بالصدارة في حياتها، فإذا انتهى الأمر ينساها من جديد وتعود إلي ما كانت عليه من إهمال حتي تتكرر تلك المنافسة فيهتم بها مرة أخرى.

كذلك بعض الزوجات .. منهن من تهمل زوجها وتعامله بنوع من التعالي وتحاول السيطرة عليه لتحصل علي الصدارة في تلك العلاقة وتوهم نفسها بأنها الأكثر ذكاءً وحكمة والأعلى في المقام وتحاول باستماتة أن تنقل إليه إحساس أنه يجب أن يحمد المولي عز وجل عليها و أنه من الصعب بل من المستحيل أن يحصل علي من هي أفضل منها.. وتشعره بالدونية حتي تأتي امرأة أخرى تشعره بالاهتمام فتشتعل رغبة الصدارة في قلبها ممتزجة بالغيرة والرغبة في الانتقام وتحاول جاهدة استرداد الزوج المهمل ليس لأهميته ولكن تعاود السيطرة عليه والاحتفاظ بالصدارة التي كانت تسعي إليها منذ البداية.

النفس البشرية شديدة التعقيد والشعور بالرغبة في الامتلاك نوع من الأنانية يصيب بعض النفوس علي حساب الآخرين ويتسبب في تدمير العديد من العلاقات .. فالأنانية أو الأثرة هي نقيصة إنسانية مذمومة.

أما العلاقة السوية فلا تأتي إلا من زوجين من الأسوياء، كل منهما يعلم قدر شريكه وأهميته ويحاول جاهداً الاحتفاظ به والاهتمام الدائم بمشاعره فيشعر كل منهما أنه السند ومصدر الأمان للآخر فتدوم بينهما المودة والرحمة والإحساس بالرضا .

علي عكس العلاقة المبنية علي الأثرة والصدارة فهي علاقة هشة لا تدوم حتي ولو أجبر أطرافها علي الاستمرار بها فتكون مجرد تكملة للشكل الاجتماعي أو محاولة للحفاظ علي كيان الأسرة حتي لا ينهدم بنيان المنزل الذي قد يدمر حياة الأولاد .

ومن مظاهر البر والتقوى إحسان الرجل لزوجته وإحسان المرأة لزوجها والإيثار الذي يهذب القلوب ويقضي علي الأنانية فتستقيم الحياة وتنعم النفوس بالطمأنينة فتستقر الأسرة وتدوم المودة بينهما.. 
وقد وضح المولى عز وجل في كتابه الكريم الأسس السليمة في بناء تلك العلاقات التي تجمع بين زوجين وتسعى لبناء الأسرة والمجتمع في قوله تعالي (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
تلك هي الأسس السليمة لبناء الأسرة والمجتمع.. فصلاح النفوس أساس صلاح المجتمع.