الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شريف عرفه يعيد الجماهير للسينما بالجريمة

رشا شكر
رشا شكر

شاهدت مؤخراً فيلم الجريمة من تأليف وإخراج المخرج الكبير شريف عرفه وهو من بطولة النجوم أحمد عز وماجد الكدواني ومنة شلبي.

 الفيلم من نوعية أفلام جريمة الأمراض السيكوباتية وهو ثاني  تعاون للمخرج شريف عرفه مع النجم أحمد عز بعد النجاح الساحق لفيلم الممر في عام ٢٠١٩  وثاني تعاون مع النجمة منة شلبي بعد فيلم الإنس والنمس العام الماضي. 

ودون حرق لأحداث الفيلم لأن نصف متعة مشاهدته في الأحداث وتتابعها. ولكن حديثاً عن تصنيف الفيلم درامياً، قد تكون ظهرت في بعض أفلام شريف عرفة شخصيات سيكوباتية ضمن الحبكة الدرامية ولكني أعتقد أن هذا هو الفيلم الأول الذي  يندرج تحت تصنيف أفلام جرائم الدراما السيكوباتية والتي تعتمد في حبكتها على الاضطراب النفسي لبطل العمل ومعاناته مع المرض العقلي وبالمناسبة هذه نوعية الأفلام نادرة في صناعة السينما المصرية بشكل عام أو الذي يتم تنفيذه بهذه الحرفية والجودة العالية. 

اعتبر هذه النوعية من أصعب أنواع الأفلام أولاً لصعوبة إقناع المشاهد بجذور عقد الأمراض النفسية والعقلية بالرغم من قدم تناولها أدبياً وطبياً وفلسفياً ثانياً صعوبة رسم حبكة درامية أساسها الأمراض النفسية والعقلية لأن البشرية أصبحت تعيش في وعاء كبير من الخلط بين ما هو طبيعي وغير طبيعي وثالثاً صعوبة تحقيق الإتزان والتوازن الإخراجي وأنت تشاهد حالة من عدم الاتزان السيكوباتي على الشاشة ورابعاً وأخيراً أن الأفلام المبنية على الشخصيات المضطربة نفسياً أو عقلياً لها تصنيفات كثيرة لأن جزء منها يعتمد على درجة اضطراب البطل أو البطلة.

لا يمكن وضع أفلام جرائم الإضطرابات النفسية في وعاء واحد لأن الجريمة أو الجرائم التي يرتكبها أبطال هذه النوعية من الأفلام لها مستويات وفي أحيان كثيرة تختلف تماماً عن أفلام الرعب وبالمناسبة قد يأتي تصنيف بعض أفلام الرعب تحت هذه النوعية.

جريمة فيلم المخرج شريف عرفة من نوعية أفلام جريمة الاضطرابات النفسية الذي يمكن أن تتعاطف مع بطلها لأنه ضحية.

ومن أكثر ما يميز فيلم الجريمة أنه بالرغم من أن أحداثه تدور في سبعنيات القرن الماضي في إحدى مدن البحر الأحمر إلا أن الفيلم إذا وضعنا صوتاً للغة مختلفة قد يقنعنا بالفعل أن أحداثه تدور في بلداً أخرى غير مصر ربما أمريكا اللاتينية.

وبرع النجم أحمد عز في أداء شخصية البطل السيكوباتي ضحية الماضي الهادئ الذكي الذي عبر عن اضطرابه النفسي دون عنف مباشر كما إنه برع في أداء دورين لشخصية البطل مرة وهو في شبابه ومرة أخرى وهو في كبره. وربما هذا الدور من أفضل الأدوار التي قام بها أحمد عز على الإطلاق إذا لم يكن الأفضل والأكثر تعقيداً في مشواره الفني.

خرجت شخصية ماجد الكدواني الذي قام بدور المفتش الشرطي عن النمطية المعتادة وجاءت الشخصية تلقائية متحركة غير متقيدة بحدود المكان الذي تعمل به الشخصية. وجاءت الشخصية النسائية التي قامت بها النجمة منة شلبي أيضاً سيكوباتية تعاني من الاضطرابات النفسية للتكامل مع شخصية البطل وهي شخصية سامة لكل من حولها. وهو الأمر الذي زاد الفيلم تعقيداً وبراعة وجمالاً في نفس الوقت.

لعب المخرج شريف عرفة بالتعددية والإزدواجية في معظم مفردات الفيلم في عنصر الوقت بين الماضي والحاضر وفي شخصية البطل بين شبابه وكبره وفي شخصية البطلة في استدعائها داخل الأحداث حيه وميتة ومضمون الأحداث بشكل عام بين الحقيقة وخيالات البطل. 

فيلم الجريمة نكهة جديدة على السينما المصرية يقدمها مخرج مخضرم متمكن من أدواته بشياكة ومن تفاصيل شديدة الأناقة أيضاً ولا أتذكر مرة خذل شريف عرفه فيها جمهوره وتوقعاتهم ولكني أؤكد هذه المرة إنه تخطى سقف توقعات جماهيره في الإبهار وفي رسم الشخصيات والأحداث. فيلم مصري جدير بالمشاهدة والتشجيع للمجهود الرائع الذي بُذل فيه.