الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تبون ينهي 14 عاما من الغياب.. القاهرة والجزائر أخوة الدم قبل المواقف

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الرئيس الجزائري - أرشيفية

يقوم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اليوم، بزيارة إلى مصر تستغرق يومين، حيث أعلنت الرئاسة الجزائرية في بيان صحفي أن الرئيس الجزائري يجري "زيارة عمل وأخوة إلى مصر الشقيقة".

 

وتعتبر العلاقات المصرية الجزائرية علاقات وطيدة وقوية وراسخة عبر التاريخ، حيث شهد تاريخ الدولتين دعما غير مسبوق ومساندة في الشدائد بشكل كبير، خاصة في أعقاب حرب 6 أكتوبر التي ساندت بها الجزائر مصر ودعمتها ماديا وسياسيا بشكل كبير ردا للجميل عند قيام الدولة المصرية بمساندة الجزائر في استقلاله عن فرنسا.

وفيما يلي يستعرض "صدى البلد" أهم العلاقات المصرية الجزائرية الداعمة والمساندة لكلا الدولتين العربيتين عبر التاريخ..

 

العلاقات التاريخية بين البلدين

يحكم العلاقات المصرية والجزائرية إرث تاريخي من الدعم والمساندة المتبادلة، فقد ساندت مصر الجزائر في ثورته العظيمة في مواجهة الاستعمار الفرنسي عام 1954، وقد تعرضت مصر الناصرية لعدوان ثلاثي، فرنسي إسرائيلي بريطاني، عام 1956 بسبب موقفها المساند لثورته.

وفي المقابل لم ينس الشعب المصري أبدًا للرئيس هواري بومدين وقفته العظيمة الداعمة لمصر سياسيًا وماديًا عقب هزيمة 67، وهو الدعم الذي استمر بعد رحيل عبد الناصر وتواصل حتى حرب 1973 التي شاركت فيها قوات جزائرية، فطلب الرئيس الجزائري السابق هواري بومدين من الاتحاد السوفيتي عام ١٩٧٣ شراء طائرات وأسلحة لإرسالها إلى المصريين عقب وصول معلومات من جزائري في أوروبا قبل حرب أكتوبر بأن إسرائيل تنوي الهجوم على مصر، وباشر الرئيس الجزائري اتصالاته مع السوفييت، لكنهم طلبوا مبالغ ضخمة، فما كان من الرئيس الجزائري إلا أن أعطاهم شيكا فارغا، وقال لهم أكتبوا المبلغ الذي تريدونه، وهكذا تم شراء الطائرات والعتاد اللازم ومن ثم إرساله إلى مصر.

 

وتعتبر الجزائر ثاني دولة من حيث الدعم خلال حرب 1973 فشاركت على الجبهة المصرية بفيلقها المدرع الثامن للمشاة الميكانيكية بمشاركة ٢١١٥ جنديا ٨١٢ صف ضباط و١٩٢ ضابطا جزائريا.

 

وأمدت الجزائر مصر بـ ٩٦ دبابة، ٣٢ آلية مجنزرة، ١٢ مدفع ميدان، ١٦ مدفعًا مضادا للطيران، وما يزيد عن ٥٠ طائرة حديثة من طراز ميج ٢١ وميج ١٧وسوخوي ٧.

كما شكلت العلاقة الثنائية المتينة بين مصر والجزائر أساسًا صلبًا اعتمدت عليه جامعة الدول العربية في بناء علاقة إستراتيجية بين العرب والأفارقة، وقد بدت هذه العلاقة واعدة جدًا في السنوات التي أعقبت حرب أكتوبر عام 1973، وراحت تتطور إيجابيًا إلى أن أثمرت أول مؤتمر عربي إفريقي عام 1977.

 

العلاقات السياسية

شهدت العلاقات السياسية المصرية الجزائرية تحسنًا ممتازًا أعقاب ثورة يونيو وانتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيسًا لمصر، والذي كان قد اختار الجزائر لتكون وجهته الأولى بعد انتخابه.

وفي إطار التشاور المستمر يحرص رئيسا البلدين على دفع مسار العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك لمواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة، ومتابعة كافة قضايا الأمة العربية والتطورات الجارية على الساحتين العربية والإفريقية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والوضع في ليبيا والعراق وأزمة دارفور وسوريا ولبنان، والعمل على تحقيق الاستقرار السياسي في الدائرة العربية والإسلامية والإفريقية.

 

وتعطي الدولتان أهمية بالغة لمواجهة الجماعات الإرهابية في تلك المرحلة الفارقة من تاريخ المنطقة، علاوة على التنسيق المشترك فيما يتعلق بالتحرك سواء على المستوى العربي أو الإفريقي. 

وتتفق وجهات نظر الدولتين تجاه القضايا الحاسمة خاصة في قضية إصلاح الأمم المتحدة وتوسيع عضوية مجلس الأمن، كما تتفق على القرار الصادر عن قمة هراري عام 1997 والخاص بتمثيل القارة الإفريقية بعضوية مجلس الأمن مع ضمان مشاركة كافة الثقافات والحضارات على المستوى الدولي.

 

وبفضل اشتراك مصر والجزائر في منظور سياسي واحد فقد تعاونت البلدان في حل الأزمة الليبية، فالمخاطر والتحديات والتهديدات التي تواجهها مصر والجزائر من الأحداث الجارية في ليبيا تهدد الأمن القومي لكلا البلدين.

وسبق أن أكد وزيرا خارجية البلدين سامح شكري ورمطان لعمامرة، في يناير 2017، بتطابق وجهات النظر حول الملف الليبي التي تؤكد ضرورة حلحلة الأزمة الليبية عبر تنفيذ الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات بالمغرب أغسطس 2015. 

 

وتقوم كلا البلدين باستقبال العديد من الأطراف من كافة الأطياف في ليبيا للعمل على تقريب وجهات النظر بينهم وتنظيم لقاءات واجتماعات مع المسئولين وكبار الشخصيات المصرية والجزائرية، مثل اللجنة المصرية الوطنية المعنية بالأزمة في ليبيا، واجتماعات وزراء خارجية دول جوار ليبيا، والزيارات للمناطق الليبية.

وفي 23/1/2020 قام سامح شكري، وزير الخارجية، بزيارة للجزائر للمشاركة في مؤتمر "دول الجوار الليبي"، وأكد شكري حرص مصر على دعم أمن ليبيا، وذلك من منطلق الحفاظ على استقرار هذا البلد الشقيق ودول جواره ومنها مصر.

 

وشهد اللقاء تبادل الرؤى بشأن عدد من الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً الأزمة الليبية، حيث توافق الرئيسان على ضرورة تكثيف التنسيق في هذا الصدد، بالنظر إلى أن مصر والجزائر دولتي جوار مباشر عبر حدود ممتدة مع ليبيا، وهو ما يؤدي إلى انعكاسات مباشرة لاستمرار الأزمة الليبية على الأمن القومي للبلدين، مع تأكيد الحرص الكامل على إنهاء الأزمة الليبية عبر التوصل إلى حل سياسي، يمهد الطريق لعودة الأمن والاستقرار في البلد الشقيق، ويقوض التدخلات الخارجية به.

 

اللقاءات الهامة بين الجانبين

في 8/2/2020 التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون، في مقر إقامته بأديس أبابا على هامش قمة رؤساء الدول والحكومات للاتحاد الإفريقي، وهنأ الرئيس السيسي الرئيس "تبون" على اجتياز الجزائر للمرحلة الانتقالية، وانتخابه رئيسًا للجمهورية، مؤكدًا على أواصر الأخوة والعلاقات التاريخية التي تجمع البلدين، وتطلع مصر لتطوير العلاقات الثنائية مع الجزائر والدفع قدمًا بأطر التعاون المشترك في شتى المجالات خاصة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.

وفي 18/7/2019 قام عبد القادر بن صالح رئيس الجزائر بزيارة مصر، واستقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ حيث بحث الجانبان سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، لاسيما في مجالات الاقتصاد والتجارة وتبادل الاستثمار، بالإضافة إلى الصعيد الأمني وتبادل المعلومات، لا سيما في ظل وجود العديد من التحديات المشتركة التي يواجهها الجانبان.

 

كما شهد اللقاء تبادل الرؤى بين الرئيسين بشأن تطورات عدد من القضايا الإقليمية والملفات المتعلقة بالاتحاد الإفريقي، كما تم التطرق إلى عدد من القضايا، خاصةً ليبيا؛ حيث تم الإعراب عن الارتياح حيال التنسيق القائم بين البلدين حول الملف الليبي في إطار الآلية الثلاثية التي تجمع وزراء خارجية كل من مصر والجزائر وتونس، والتطلع إلى تكثيف التشاور وتبادل الرؤى فيما بين البلدين حول الأوضاع في ليبيا خلال الفترة المقبلة، وذلك من أجل تحقيق التهدئة وتسوية الأزمة سياسياً بما يحفظ استقرار ليبيا وأمنها وسلامة أراضيها، والعمل على وقف مختلف أشكال التدخل الخارجي في ليبيا.

 

وتقابل الرئيس السيسي مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 25/6/2014، حيث، ووجه السيسي، في زيارته الأولى منذ انتخابه رئيسًا لمصر، "التحية والتقدير" للجزائر شعبًا ودولة وقيادة، مشيرًا إلى أنه يريد من خلال الزيارة، تقديم التهنئة شخصيًا للرئيس بوتفليقة والشعب الجزائري على الاستحقاق الرئاسي، مؤكدًا أن زيارته تهدف إلى إطلاق تفاهم حقيقي ورؤية موحدة للمصالح المشتركة بين مصر والجزائر والمنطقة"، واصفًا الإرهاب بـ مشكلة تحتاج إلى تنسيق المواقف والعمل لمجابهتها سويًا.

 

العلاقات الاقتصادية

كشف التقرير الذي أعده مكتب التمثيل التجاري بسفارة مصر بالجزائر عن تحقيق مصر زيادة في صادراتها غير البترولية للجزائر بنسبة 10% خلال النصف الأول من عام 2021 بالمقارنة بذات الفترة من العام الماضي، على الرغم من التأثير السلبي لـ جائحة كورونا على الاقتصاد الجزائري، والإستراتيجية التي تتبناها الجزائر حالياً للحد من الواردات في ضوء تراجع الاحتياطي النقدي لديها.

حيث زاد حجم التبادل التجاري بين مصر والجزائر بنسبة 15.4% ليصل إلى ما قيمته 392.7 مليون دولار، كما زاد معدل تغطية الصادرات للواردات لتصل نسبته 420.8%. 

وزادت الصادرات المصرية بنسبة 19.4% لتصل إلى 317.7 مليون دولار بعد أن كانت 265.7 مليون دولار.

 

وزادت الواردات المصرية من الجزائر بنسبة 1.1% لتصل قيمتها 75.4 مليون دولار بعد أن كانت 74.6 مليون دولار، لتعتلي مصر المرتبة 15 لأهم الدول المصدرة للجزائر، والمرتبة 24 لأهم الدول المستوردة منها.

 

وتمثلت الصادرات المصرية للجزائر في محضرات غذائية لمرضى الأورام بقيمة 49 مليون دولار أمريكي، زيت الصويا 39 مليون دولار، أسلاك النحاس 22 مليون دولار، ومثلت هذه الصادرات أكثر من 50% من إجمالي الصادرات المصرية للجزائر في تلك الفترة، كما ظهرت بعض المنتجات الجديدة المصدرة للجزائر من بينها أعلاف الحيوانات والورق المقوى والديكسترين وغيره من أنواع النشا.

ويعد الغاز السائل بأنواعه من أهم الواردات الجزائرية لمصر؛ حيث بلغت تلك الواردات نحو 71.5 مليون دولار أي ما يمثل 95% من إجمالي الواردات ككل خلال تلك الفترة.

 

العلاقات العسكرية

في 1/12/2021 التقى الفريق أسامة عسكر، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، على هامش معرض مصر الدولي للصناعات الدفاعية والعسكرية "EDEX2021" المقام بمركز مصر للمعارض الدولية، مع الفريق السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الجزائري، وناقش الجانبان سبل دعم المجالات العسكرية والأمنية معربين عن تطلعهم إلى أن تشهد المرحلة القادمة مزيداً من التعاون والتكامل في مختلف المجالات.

وقد حضر اللقاءات عدد من قادة القوات المسلحة والوفود العسكرية المرافقة للسادة وزراء الدفاع ورؤساء الأركان.