EN 
يتابع الكبير والصغير خلال الآونة الحالية، ما ستسفر عنه التوترات الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، والتي من المؤكد أنها ستلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي ككل وليس الدول الواقع بينها الصراع فقط، ومن أهم المعطيات التي تتغير في هذا الصدد سعر برميل النفط، ويتساءل الكثيرون، إلى أي مدى سوف يرتفع، وما تأثير ذلك على الجميع؟ .
وخلال السطور التالية، يقدم صدى البلد، تحليلا للأمر، بداية من دور روسيا وأوكرانيا في سوق الطاقة، مروراً بتأثير التوترات، وصولاً لتأثير ذلك من الشقين الإيجابي والسلبي على مصر.
روسيا وأوكرانيا على خريطة النفط
تعد الدولتان لاعبان هامان في أسواق النفط وإمدادت الغاز إلى دول أوروبا المختلفة، حيث تعد روسيا ثاني أكبر منتج للنفط في العالم بإنتاج 10.5 مليون برميل نفط يومياً، وثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي عالمياً بإنتاج 761 مليار قدم مكعب غاز، وهي مورد رئيسي للغاز لدول أوروبا بصفة خاصة.
أما أوكرانيا وإن كان حجم إنتاجها ليس كبيرا، إلا أنها مركز رئيسي لنقل الطاقة إلى دول القارة الأوربية، حيث تنقل سنوياً 40 مليار قدم مكعب غاز سنوياً من الغاز الروسي إلى أوروباً.
وشهد سعر النفط والغاز خلال الأشهر التي شهدت التوترات إرتفاعا كبيرا في الأسعار لم تشهده منذ سنوات، حيث إرتفع سعر الغاز الطبيعي أكثر من الضعف خلال 6 أشهر فقط، فيما شهدت أسعار النفط الصعود لأعلي قيمة خلال 7 سنوات.
برميل النفط فوق 100 دولار
وحول أبرز التوقعات فقد حذرت شركة RBC لأبحاث الأسواق المالية واستراتيجيات السلع العالمية من أنه إذا عبرت الدبابات الروسية الحدود وقامت بغزو أوكرانيا فإن سعر البترول سيتجاوز 100 دولار للبرميل وسيؤثر ذلك بالتأكيد على أسواق الغاز الأوروبية وعلى أسواق الحبوب وخصوصا القمح ولاسيما أن روسيا أكبر مصدر للقمح فى العالم، وتمثل مع أوكرانيا ما يقرب من %29 من سوق تصدير القمح العالمى ولذلك ستتفاقم أسعار الغذاء والطاقة أكثر وأكثر بعد تضخمها خلال عامى الوباء.
وحذرت شركة تيسكو البريطانية لسلاسل السوبر ماركت من أن أسعار المنتجات الاستهلاكية ومواد الوقود سترتفع 5 ٪ على الأقل بحلول الربيع المقبل بعد أن ظلت فى حدود %1 فقط طوال الثلاث شهور الماضية رغم استمرار ارتفاع أسعار البترول مع تفاقم أزمة أوكرانيا وتداعياتها المتمثلة فى نقص الإمدادات وخصوصا من الحبوب الزراعية وصعود أسعار البترول والغاز الطبيعى.
الأزمة فائدة لمصر
وقال الدكتور رمضان أبو العلا أستاذ هندسة البترول ونائب رئيس جامعة فاروس بالإسكندرية، أن دول الاتحاد الأوروبي تأخذ ثلثي احتياجها من الغاز الطبيعي من روسيا و إحدى الدول الاسكندنافية شمال اوروبا، مضيفا أن الاتحاد الأوروبي سيتوجه إلى تنويع مصادر إمداده بالغاز الطبيعي، واللجوء إلى عدة دول من بينها مصر، بعد الأزمة الأخيرة بين روسيا وأوكرانيا.
وأوضح "أبو العلا" في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد" أن مصر إذا عملت بكامل طاقتها تستطيع امداد دول اوروبا بأكثر من 10%من احتياجاتها للغاز، لذلك فمصر بديل مهم جدا لهذه الدول.
أزمة روسيا وسعر البنزين في مصر
مما لا شك فيه أن الأزمة سيكون لها فوائد وأضرار، واحد أهم تلك الأضرار المترتبة على إرتفاع أسعار النفط، هو زيادة سعر البنزين في مصر مجدداً من قبل لجنة التسعير التلقائي التي تنعقد كل 3 أشهر، والمنوطة بمراجعة أسعار صرف الدولار وسعر النفط عالميا وحجم الإنتاج المحلي للبترول، الأمر الي سيؤدي لزيادة سعر البنزين و لن تزيد عن 10% من قيمته قيد المراجعة حسب القانون المنظم لتلك العملية.
النفط والغاز الطبيعي
ومن المرجح أن تتأثر أسواق الطاقة إذا تحولت التوترات إلى صراع، وتعتمد أوروبا على روسيا للحصول على حوالي 35٪ من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، الذي يأتي معظمه عبر خطوط الأنابيب التي تعبر بيلاروسيا وبولندا إلى ألمانيا، و"نورد ستريم 1" الذي يذهب مباشرة إلى ألمانيا، وخط أنابيب آخر عبر أوكرانيا.
في عام 2020، تراجعت أحجام الغاز من روسيا إلى أوروبا بعد أن أدت عمليات الإغلاق إلى كبت الطلب، ولم تتعاف بالكامل العام الماضي عندما ارتفع الاستهلاك، مما أدى إلى دفع الأسعار إلى مستويات قياسية.
وكجزء من العقوبات المحتملة إذا غزت روسيا أوكرانيا، قالت ألمانيا إنها قد توقف خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" الجديد من روسيا. ومن المتوقع أن يزيد خط الأنابيب واردات الغاز إلى أوروبا، لكنه يعمق أيضًا اعتمادها في مجال الطاقة على موسكو.
ويتوقع المحللون انخفاض صادرات الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا الغربية بشكل كبير عبر كل من أوكرانيا وبيلاروسيا في حال فرض عقوبات، ويمكن أن تتأثر أسواق النفط من خلال القيود أو الاضطراب. فأوكرانيا تنقل النفط الروسي إلى سلوفاكيا والمجر وجمهورية التشيك.
وقال جيه بي مورغان إن التوترات تهدد بحدوث "ارتفاع ملموس" في أسعار النفط، مشيراً إلى أن الارتفاع إلى 150 دولارًا للبرميل سيقلل من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 0.9٪ فقط على أساس سنوي في النصف الأول من العام، بينما يزيد التضخم بأكثر من الضعف إلى 7.2٪.
إرتفاع أسعار النفط اليوم
أخذت أسعار النفط ترتفع مع تزايد المخاوف من أن تؤثر الأزمة الأوكرانية الروسية في الإمدادات في جميع أنحاء العالم، ووصل سعر خام برنت، وهو معيار دولي، إلى أعلى مستوى له في سبع سنوات عند 97.76 دولارا للبرميل الثلاثاء.
وأمرت روسيا بإرسال قوات إلى المنطقتين اللتين يسيطر عليهما المتمردون في شرق أوكرانيا، بعد أن اعترفت بهما دولتين مستقلتين، وأغلقت أسواق الأسهم الآسيوية على انخفاض، واستعدت أسواق الأسهم الأمريكية والأوروبية لحدوث خسائر، وهددت بريطانيا والعديد من الحلفاء الغربيين بفرض عقوبات على روسيا، وهي ثاني أكبر مصدر للنفط بعد السعودية.
