قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

نرمين فودةتكتب:الذاكرة حالة ذهنية


الذاكرة هي حالة ذهنية كثيفة تظهر بشكل آلي في الجهاز العصبي وليس من خلال بذل جهد مُدرَك، وتستدعي إما حالة نفسية إيجابية أو سلبية، هنا لابد من التفريق بين الذاكرة والعاطفة، نحن لا نولد وبداخلنا عاطفة تجاه شخص أو شيء معين وإنما تتكون العاطفة من تكرار اتصال الفرد بموضوع العاطفة، فالعاطفة تتكون من مجموعة من الانفعالات المتباينة تدور حول موضوع واحد، بالتالي فإنه من الطبيعي أن تتشكل الحالة الذهنية التي تستدعي الذكريات من آن لآخر.
تظل الذكريات مؤلمة حتي وإن كانت تحتوي علي الأوقات والمواقف السعيدة المبهجة، نعم لقد تحولت إلي مجرد سراب نقتفي آثاره عبر التذكر من آن لآخر فنتجرع الأنين لفقدان الزمان أو المكان أو الأشخاص الذين قضينا معهم أوقاتًا مرت بأعمارنا دقت خلالها دقات الساعات ومرت عقاربها لتطوي صفحات بأعمارنا لن تعود.
النسيان برغم كونه من العوامل التي تساعدنا على تخطي الألم والمواقف الصعبة بالحياة إلا أنه بالوقت ذاته يحمل شقين أحدهما ذلك الذي يعطينا الصبر والقوة علي تخطي الفترات المتعثرة بالحياة، والشق الآخر هو عندما نتناسي غدر الزمان وتنمحي من ذاكرتنا إمكانيات القدر في حرماننا من أشخاص نرتبط بهم معنويًا فنهمل التواصل مع هؤلاء الأشخاص حتي تدق الساعة دقاتها ونتفاجأ بدقة تنذر بالفراق وقتها لا نتجرع سوى الألم وتدور الدوائر ويلعب النسيان مرة أخرى دوره الإيجابي ونسير في دروب الحياة.
بمعهد ماساتشوستس للعلوم والتكنولوجيا، تمكن العلماء من التوصل لطريقة للتحكم في ذاكرة فئران التجارب والتأثير عليها لنسيان الذكريات المؤلمة.
وأوضح العلماء أن ذلك البحث سيعود بالكثير من النفع على البشرية، فمن خلاله يمكن التوصل لطريقة ما لمعرفة المكان المحدد في الدماغ الذي تخزن فيه الذكريات، ومن ثم سيتمكنون من تعقب الذكريات، ومسح الأليم منها، أو إضافة أخرى سعيدة.
هل الحل لمحو الذكريات المؤلمة يكمن في محوها؟ البعض يستطيع ذلك دون الحاجة إلي علاجات أو طرق علمية مبتكرة، حتى إن هؤلاء إعتادوا علي تذكر ذواتهم فقط وعدم وجود أي روابط حقيقية للتواصل بينهم وبين الغير من مكان أو زمان أو شخوص.
يفترض فرويد أن الجهاز النفسي يتكون من "الهوا" و"الانا" فالهو عبارة عن منبع الطاقة الحيوية ومستودع الغرائز أما "الانا" فهو مركز الشعور والإدراك الحسي الخارجي والداخلي والعمليات العقلية والمشرف على الحركة والإدارة والمتكفل بالدفاع عن الشخصية وتوافقها وحل الصراع بين مطالب "الهوا" و"الانا" وبين الواقع.
لكى نستطيع تحقيق تلك المعادلة من التفاعل بين متطلبات الأنا والواقع الذي يربطنا بالآخر، فهل لابد لنا مثلاً من الاحتفاظ بمذكرة تحتوي علي تسلسل لأمكنة وأزمنة وأشخاص ؟حتي نلتزم بمعاودة الاضطلاع عليها دوريًا للمرور بتلك المحطات بين الحين والآخر حتى لا تفاجئنا الأقدار ونندم علي ضياع أوقات أنطوت من أعمارنا لم نستغلها كما كان يجب في ملأ فراغ تركناه دون قصد، لنملأ تلك الفراغات ولا نتركها لتتسع وتترك الألم في الذاكرة، حتي لا نستدعي لحظات وذكريات السعادة ونمزجها بالألم حين يفاجئنا القدر بالفراق ونبكى علي ضياع تلك الأوقات التي كان بالإمكان أن نملأ أركانها بالتواصل.