الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بوتشا المدينة الأكثر جدلًا في الحرب الروسية الأوكرانية.. هل تكون مدخلًا لمحاكمة بوتين كما يريد بايدن؟.. إدانات دولية واسعة بعد المجزرة.. جثث لمدنيين وصور الأقمار الصناعية تكشف دمارها

مقتل مدنيين في شوارع
مقتل مدنيين في شوارع بوتشا

أصبحت مدينة بوتشا الأوكرانية في خضم صراع كبير بين روسيا والدول الغربية، وذلك عقب عثور قوات على جثث لمدنيين في أحد شوارعها عقب استعادتها أخيرًا من قوات موسكو.

وكانت القوات الروسية سيطرت على بوتشا الواقعة شمال غربي كييف، عقب بدء الغزو لأوكرانيا في 24 فبراير. وفي الأسابيع التي تلت شهدت المدينة معارك عنيفة تسببت بدمار كبير وبتهجير غالبية السكان.

ورغم تحرير الجيش الأوكراني لـ بوتشا إلا أن أصبحت في خضم جدل كبير، وذلك بعد الإعلان عن عثور جثث لمدنيين، إذ أثار هذا الأمر موجة غضب على الصعيد الدولي، حيث توالت ردود الأفعال التي تدين روسيا، إذ اعتبرته العديد من الدول مجزرة وجريمة حرب، فيما طالب الرئيس الأمريكي جو بايدن بمحاكمة نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

وأشارت وكالة "فرانس برس"، إلى أنه تم العثور على 16 من الجثث العشرين في بوتشا على الرصيف أو بجانبه، فيما عثر أيضا على جواز سفر أوكراني إلى جانب جثة شخص مقيد اليدين من الخلف مع قطعة قماش بيضاء.

ولفتت "فرانس برس" إلى أن جميع القتلى كانوا يرتدون معاطف شتوية أو سترات. وعثر على جثث اثنين منهم قرب دراجات هوائية، وعلى جثة ثالثة قرب سيارة متروكة، فيما عثر بعض الجثث ممددة على الظهر وأخرى لجهة البطن، وتوزعت الجثث على مساحة قدرت بمئات الأمتار.

واتهم وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، الأحد، روسيا بارتكاب "مجزرة متعمدة"، وكتب على حسابه بموقع "تويتر": "إن مجزرة بوتشا كانت متعمّدة. الروس يريدون القضاء على أكبر عدد ممكن من الأوكرانيين. يجب أن نوقفهم ونطردهم. أطالب بعقوبات جديدة مدمرة من مجموعة السبع حالًا".

إدانات دولية

وقالت الأمم المتحدة، الأحد، إن العثور على مقابر جماعية في مدينة بوتشا الأوكرانية يثير تساؤلات جدية بشأن "جرائم حرب محتملة"، مؤكدة أهمية الاحتفاظ بكل الأدلة.

وذكر مكتب حقوق الانسان في المنظمة الدولية "لسنا حتى الآن في وارد التعليق مباشرة على أسباب وظروف وفاة المدنيين في بوتشا، ولكن ما نعلمه حتى اليوم يثير بوضوح تساؤلات جدية ومقلقة عن جرائم حرب محتملة وانتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني".

وأشار مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إلى أن موظفيه على الأرض لم يتمكنوا بعد من التحقق من الأرقام أو التفاصيل التي أعلنها مسؤولون أوكرانيون.

وأضاف المكتب، "نشعر بقلق عميق إزاء الصور المتوافرة ومقاطع الفيديو، بما فيها تلك التي تظهر جثثا فيما أيدي أصحابها مكبّلة خلف ظهورهم، ولا يمكننا استبعاد أنه من بين حوالى 300 جثة، ورد أن سلطات المدينة جمعتها من الشوارع وتم دفنها في الأيام الأخيرة، هناك جثث لجنود أوكرانيين أو روس قتلوا خلال الأعمال العدائية".

وتابع "المدنيون الذين توفوا لأسباب طبيعية أو نوبات قلبية أو غيرها من الظروف الصحية الناجمة عن الإجهاد وعدم الحصول على الأدوية والمساعدة الطبية خلال الشهر الماضي، قد يكونون أيضا من بين الذين عثر عليهم جثثا في شوارع المدينة".

صور الأقمار الصناعية تكشف ما حدث في بوتشا

من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، يوم الأحد، إن صور القتلى المدنيين في بلدة بوتشا الأوكرانية أصابته "بصدمة شديدة"، داعيا إلى إجراء تحقيق مستقل "يفضي إلى محاسبة فعالة".

كما أدانت أمريكا، هذه الأحداث التي وقعت في بوتشا، وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن "قتل المدنيين الأوكرانيين أمر صاعق"، مشددا على ضرورة محاسبة من "تورطوا في جرائم حرب".

وأكد بلينكن في مقابلة صحفية "الأهم هو ألا ندخل في حالة من عدم المبالاة إزاء هذه الممارسات، إذ لا يمكن جعلها أمرا طبيعيا.. هذا هو الحال في كل يوم تتواصل فيه وحشية روسيا ضد أوكرانيا".

ولفت إلى أن الولايات المتحدة ستقوم بالتمحيص على نحو جيد، كما ستعمل على توثيق ما يقع، لتمكين المؤسسات والمنظمات ذات الصلة من القيام بدورها، بما في ذلك وزارة الخارجية الأمريكية.

فيما قال مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" إن "هناك أدلة واضحة على ارتكاب القوات الروسية جرائم حرب بشكل عام، وهي بحاجة إلى دعم بالأدلة، وهناك عدة هيئات دولية تفعل ذلك".

وأضاف "نعتقد بالتأكيد أن الصور التي تخرج من بوتشا تستدعي التحقيق، تلك الصور مقززة ومثيرة للاشمئزاز، ويجب إضافتها إلى مزاعم جرائم الحرب، والتحقيق فيها".

محاكمة بوتين

أما الرئيس الأمريكي جو بايدن، فدعا إلى جمع أدلة لمحاكمة نظيره الروسي فلاديمير بوتين بتهم "جرائم حرب"، مشددًا على أن أحداث بوتشا تؤكد أهمية الاستمرار في تزويد أوكرانيا بالأسلحة التي تحتاجها.

وقال بايدن للصحفيين الذين كانوا ينتظرون عودته إلى واشنطن بعد عطلة نهاية الأسبوع في منزل عائلته في ديلاوير، إنه يريد فرض "عقوبات إضافية" على روسيا.

وجدد الرئيس الأمريكي التأكيد أنه يعتبر نظيره الروسي فلاديمير بوتين "مجرم حرب"، واصفًا إياه بأنه "وحشي"، مضيفا "عليه أن يحاسب".

فيما أعلن الاتحاد الأوروبي، أمس الاثنين، أنه يدرس فرض حزمة جديدة من العقوبات ضد روسيا "بشكل عاجل" بعد أحداث بوتشا.

وقال منسق السياسية الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن روسيا مسؤولة عن "الفظائع" المرتكبة أثناء سيطرتها على مناطق أوكرانية.

وأضاف بوريل، في بيان له اليوم الإثنين، نيابة عن الكتلة أن الاتحاد الأوروبي "سيعمل على وجه السرعة على فرض مزيد من العقوبات على روسيا'.

وتوعد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي باعتقال ومحاسبة كل من تورط بجرائم حرب داخل بلاده، قائلاً: "مئات الناس في بوتشا ومدن أخرى تعرضوا للإعدام بالرصاص".

كما أوضح زيلينسكي أن التفاوض مع روسيا أصبح صعبًا بالنظر إلى "الجرائم" التي فعتلها داخل أوكرانيا.

ودعا رئيس أوكرانيا المستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا ميركل، ورئيس فرنسا السابق نيكولا ساكوزي، إلى زيارة مدينة بوتشا للوقف على ما اعتبره "نتيجة التنازل لبوتين".

بوتشا

وحث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الاثنين، على فرض عقوبات جديدة ضد روسيا، بعد أحداث مدينة بوتشا بأوكرانيا، مشيرًا إلى أن هناك أدلة واضحة تشير لارتكاب موسكو جرائم حرب بها.

وأوضح ماكرون في حديث مع محطة "فرانس انتر" الإذاعية، أن كل من تورط في جرائم الحرب في أوكرانيا يجب أن يدفع الثمن، لافتا إلى أن بلاده ستنسق مع الحلفاء الأوروبيين لفرض عقوبات جديدة على روسيا.

وأضاف "سننسق مع ألمانيا لهذه العقوبات خاصة فيما يتعلق بالفحم والنفط"، داعيًا: "علينا أن نكون قادرين على المضي قدما.. وإرسال إشارة مفادها بأنه يجب الدفاع عن كرامتنا الجماعية وقيمنا".

كما ندد نائب المستشار الألماني، روبرت هابك، مقتل المدنيين في بلدة بوتشا، واصفا ما حصل بجريمة الحرب التي يجب ألا تمر بدون رد.

وقال رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، إنه مصدوم من الصور القادمة من بلدة بوتشا، متوعدا بفرض المزيد من العقوبات على روسيا.

روسيا تنفي مسؤوليتها عن مجزرة بوتشا

من جانبها، نفت روسيا، مسؤوليتها عن مقتل مدنيين في بلدة بوتشا، واستنكر سفير موسكو لدى واشنطن، أناتولي أنطونوف، تكتم الولايات المتحدة على حقيقة أن القوات الأوكرانية قصفت المدينة بعد انسحاب الجيش الروسي منها.

وقال أنطونوف لمجلة "نيوزويك" الأمريكية: "تتكتم الولايات المتحدة على حقيقة تعرض بوتشا لقصف مدفعي بعد انسحاب القوات المسلحة الروسية، هذا يمكن أن يكون قد أسفر عن وقوع خسائر في صفوف المدنيين"، متهما "نظام كييف بأنه يحاول تحميل روسيا مسؤولية كل الفظائع التي ارتكبها".

فيما قالت وزارة الخارجية الروسية، إن صور قتلى المدنيين في بوتشا الأوكرانية كانت "بأوامر" من الولايات المتحدة في إطار مؤامرة لتوجيه اللوم لموسكو.

وذكرت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا، في مقابلة تلفزيونية خلال وقت متأخر من مساء الأحد: "من هم سادة الاستفزاز؟ بالطبع الولايات المتحدة والناتو".

وأضافت زاخاروفا أن الغضب الغربي الفوري على صور المدنيين القتلى يشير إلى أن القصة جزء من خطة لتشويه سمعة روسيا.

وعقب ذلك، أمرت لجنة التحقيق الروسية، بإعداد تقرير رسمي حول "الاستفزازات الأوكرانية" بشأن أحداث مدينة بوتشا.

ووجه رئيس لجنة التحقيق الروسية ألكسندر باستريكين، بفتح تحقيق بشأن أن أوكرانيا نشرت "معلومات كاذبة عمدا" عن القوات المسلحة الروسية واتهمتها بارتكاب جرائم حرب في بوتشا.

مجزرة في بوتشا

فيما رفض المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، الاتهامات الأوكرانية لموسكو بمقتل مدنيين في بلدة بوتشا، قائلًا إن الحقائق والأحداث الزمنية تخالف رواية كييف.

وأوضح بيسكوف، أمس الاثنين، أن الخبراء وجدوا دلائل على تزوير وتلفيق الفيديوهات المتعلقة ببوتشا، داعيًا القادة الدوليين إلى عدم التسرع في إصدار الأحكام ومناقشة الأمر على أساس عالمي.

وعلق وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، على الأمر، متعهدًا بأن موسكو ستكشف كل “التزوير” فيما يتعلق بالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا كما فعلت في قضية قصف مزعوم لمستشفى للولادة في ماريوبول.

وشدد لافروف على أنه كانت هناك بالفعل عدة حالات ظهرت فيها أنباء كاذبة في وسائل الإعلام، وتم تنظيم حملة دعائية، ولكن عندما ظهرت الحقيقة “لم يرد أحد التحدث عنها”.

وأشار إلى أن القوات الروسية غادرت بوتشا في 30 مارس ولم ترد تقارير عن مقتل مدنيين حتى وقت قريب.

وقال وزير الخارجية الروسي، “خلال الأيام الثلاثة التالية، تحدث رئيس بلدية بوتشا في التلفزيون هناك، قائلاً إن المدينة عادت إلى الحياة الطبيعية، وظهرت القوات المسلحة لأوكرانيا هناك، وأظهرت وسائل الإعلام الشوارع حيث لم تكن هناك جثث. حسنًا، بعد ثلاثة أيام قرر على ما يبدو تصوير لقطات مسرحية”.

من جانبه، دحض تحليل لصور الأقمار الصناعية، أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، المزاعم الروسية بأن المجزرة التي وقعت في مدينة بوتشا بالقرب من كييف "مفبركة".

وأظهرت صور الأقمار الصناعية مقتل العديد من المدنيين في شوارع المدينة منذ أكثر من 3 أسابيع، عندما كان الجيش الروسي يسيطر عليها.

ويُظهر مقطع فيديو صورة أحد أعضاء المجلس المحلي في 1 أبريل عدة جثث متناثرة على طول شارع يابلونسكا في بوتشا، حسب قناة "الحرة" الأمريكية.

وأفادت صور الأقمار الصناعية بأن 11 جثة كانت ملقاة في الشارع منذ 11 مارس،

وأكدت الصحيفة الأمريكية أن تحليل صور الأقمار الصناعية أظهر وجود أجسام داكنة بحجم مماثل للجسم البشري في شارع يابلونسكا بين 9 مارس و11 مارس. كما تظهر الصور أن هذه الأجسام ظلت في هذا الوضع لأكثر من ثلاثة أسابيع.

وأشار التحليل إلى أن أسباب الوفاة غير واضحة. وأضافت أن الجثث كانت متناثرة على امتداد أكثر من نصف ميل من شارع يابلونسكا، بالإضافة إلى أن بعض الجثث كانت ملقاة بجانب فوهة بركان، وثلاث بجانب دراجات، وكان بعضها مقيد من الخلف.