حكم إمامة المسبوق بمثله بعد سلام الإمام .. سؤال محل بحث كثير من المواطنين، خاصة ممن يحرص على صلاة الجماعة ويعرف فضلها ، وحكم إمامة المسبوق بمثله بعد سلام الإمام محل خلاف بين المذاهب الفقهية ، فقد أفتى فقهاء الحنفية بعدم جواز ذلك بينما أجاز الشافعية إمامة المسبوق بمثله .

حكم إمامة المسبوق بمثله بعد سلام الإمام
قالت دار الإفتاء، إن المسبوق: هو من سبقه الإمام ببعض ركعات الصلاة أو بجميعها، أو هو الذي أدرك الإمام بعد ركعة أو أكثر من الصلاة، والحالة المسؤول عنها صورتها: أن يسلم الإمام، ويكون خلفه أكثر من مسبوق يصلي ويكمل صلاته، فأراد أحد المسبوقين أن يكمل صلاته مقتديا بمسبوق آخر.
وأوضحت الإفتاء، أن هذه الصورة قد اختلف في جوازها الفقهاء، فذهب الحنفية إلى عدم جواز اقتداء المسبوق بمسبوق مثله، ففي "البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق" (1/ 400): [فلو اقتدى مسبوق بمسبوق فسدت صلاة المقتدي قرأ أو لم يقرأ دون الإمام، واستثنى منلا خسرو في الدرر والغرر من قولهم: لا يصح الاقتداء بالمسبوق أن إمامه لو أحدث فاستخلفه صح استخلافه، وصار إماما].

هل تجوز إمامة المسبوق عند المالكية
وذهب المالكية أيضا إلى عدم الجواز، واستثنوا من أدرك دون الركعة فيصح الاقتداء به، قال الإمام الدردير في " الشرح الكبير" (1/ 327): [(أو) بان (مأموما) بأن يظهر أنه مسبوق أدرك ركعة كاملة وقام يقضي، أو اقتدى بمن يظن أنه الإمام فإذا هو مأموم، وليس منه من أدرك دون ركعة فتصح إمامته، وينوي الإمامة بعد أن كان نوى المأمومية؛ لأن شرطه أن لا يكون مأموما].
وأضافت: أن الشافعية ذهبوا إلى جواز اقتداء المسبوق بالمسبوق على المعتمد مع الكراهة، ففي "تحفة المحتاج في شرح المنهاج" (2/ 283): [لو انقطعت القدوة كأن سلم الإمام فقام مسبوق فاقتدى به آخر أو مسبوقون فاقتدى بعضهم ببعض فتصح في غير
الجمعة في الثانية على المعتمد؛ لكن مع الكراهة].
وتابعت: قال المرداوي الحنبلي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (2/ 36): [قوله (وإن سبق اثنان ببعض الصلاة فائتم أحدهما بصاحبه في قضاء ما فاتهما، فعلى وجهين) وحكى بعضهم الخلاف روايتين، منهم ابن تميم، وأطلقهما في المستوعب، والمذهب، والكافي، والمحرر، والفروع، والفائق، وابن منجى في شرحه، أحدهما: يجوز ذلك
واستطردت الإفتاء : قال المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم لما حكوا الخلاف هنا: بناء على الاستخلاف، وتقدم جواز الاستخلاف على الصحيح من المذهب، وجزم بالجواز هنا في الوجيز، والإفادات، والمنور، وغيرهم، وصححه في التصحيح، والنظم، وتصحيح المحرر، وقدمه في الهداية، والتلخيص، والرعاية، وابن تميم، قال المجد في شرحه: هذا ظاهر رواية مهنا، والوجه الثاني: لا يجوز، قال المجد في شرحه: هذا منصوص أحمد في رواية صالح، وعنه: لا يجوز هنا وإن جوزنا الاستخلاف، اختاره المجد في شرحه، وفرق بينها وبين مسألة الاستخلاف من وجهين].
وأفادت بأن المفتى به جواز اقتداء المسبوق بالمسبوق مع الكراهة، وذلك على ما ذهب إليه الشافعية في المعتمد والحنابلة على الخلاف عندهم، والأحوط هو الأخذ برأي الجمهور في عدم اقتداء المسبوق بمسبوق مثله، والخروج من الخلاف مستحب.
حكم اقتداء المأموم بالمأموم
الدكتور مجدي عاشور مستشار مفتي الجمهورية، وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية عن السؤال قائلا: إذا كان هناك إمام يصلى وواحد أو اثنين دخلوا مسبوقين وصلوا خلفه، فهل يجوز بعد انتهاء الإمام من الصلاة أن يكون واحدا من المأمومين إماما ويصلى بالآخر، أي أنهم بعدما كانوا الاثنين مأمومين، واحد منهم سيكون إماما للآخر ويكمل الصلاة، فهنا يوجد خلاف بين العلماء.
وتابع أمين الفتوى أن بعض العلماء يقولون هذا جائز ، لأنه من الممكن لو فسدت صلاة الإمام وفقد الوضوء أن يقدم واحدا من المأمومين ويكون بذلك إماما للجميع.
وأضاف مستشار المفتي إلى أن بعض العلماء قالوا ليس ذلك بجائز لأنهما فى صلاة واحدة وفى رتبة واحدة فلماذا يتقدم أحدهما على الآخر.
وأكد أمين الفتوى خلال البث المباشر لدار الإفتاء عبر صفحتها على فيس بوك أن المسألة واسعة ولا حجر فيها.

كيف يقضي المسبوق الصلاة بعدما فاتته ركعتان منها؟سؤال ورد لدار الإفتاء المصرية، وأشارت الى أن الفقهاء اختلفوا في كيفية صلاة المسبوق على ثلاثة أقوال:
ذهب الشافعية إلى أن ما أدركه المسبوق مع الإمام فهو أول صلاته، وما يفعله بعد سلام إمامه فهو آخرها؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَمَا أَدرَكتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» رواه البخاري.
وذهب الحنفية والحنابلة إلى أن ما أدركه المسبوق مع الإمام فهو آخر صلاته قولًا وفعلًا؛ وذلك لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ، فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» رواه الإمام أحمد.
وذهب المالكية ومحمد من الحنفية إلى أن المسبوق يقضي أول صلاته في حق القراءة وآخرها في حق التشهد؛ وذلك عملًا برواية: «وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا»، لكنه بانٍ على صلاته في حق الفعل؛ عملًا برواية: «وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا»،
وأكدت الإفتاء إنه يجوز للمسلم الإتمام كما ذهب الشافعية، أو القضاء كما ذهب الحنفية والحنابلة، أو الجمع بينهما كما ذهب إلى ذلك المالكية؛ فمن المقرر شرعًا "أنه لا ينكر المختلف فيه" والأمر على السعة؛ تيسيرًا على المسلمين في عبادتهم لله عز وجل.

حكم من فاتته تكبيرة الإحرام مع الإمام في صلاة الجماعة
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى، إن أداء الصلاة على وقتها من أفضل وأحب أعمال المسلم إلى الله سبحانه، ولأدائها في المسجد جماعةً فضلٌ عظيمٌ؛ قال سيدنا رسول الله ﷺ: «مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ، وَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ». [أخرجه الترمذي].
وأضاف مركز الأزهر عبر الفسببوك: يُندب لمن تأخّر عن صلاة الجماعة أن يمشي بتُؤَدة وسكينة، لقوله ﷺ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا». [أخرجه مسلم]، ومن كبَّر ودخل في الصلاة مع الإمام قبل الرفع من الركوع؛ حُسِبتْ له ركعة، وإن لم يدرك القراءة.
وأكمل: إذا أدرك المسلمُ الإمامَ وهو راكع أو ساجد أو جالس وأراد الدخول في صلاة الجماعة كبر تكبيرتين: تكبيرةً للإحرام -وهي واجبة للدخول في الصلاة-، ثم تكبيرةً أخرى للركوع أو السجود أو الجلوس ، وما أدركه المسبوق مع الإمام يُعَدُّ أولَ صلاته، وما قضاه منفردًا هو آخرها، وعليه؛ يُشرع للمصلي -مثلًا- أن يترك قراءة السورة بعد الفاتحة في الركعتين الأُخريين في الصلاة الرّباعية، والركعة الأخيرة في صلاة المغرب.
وتابع: يُتابع المسبوقُ إمامه في كل أفعال الصلاة، ويبني على ما أدركه، ويتم صلاته، وإن اقتضى ذلك اختلاف هيئة صلاة المسبوق بعد تمامها، كاجتماع ثلاثة تشهدات أو أربعة في صلاة واحدة ومن أدرك ركعة مع الإمام فقد أدرك الجماعة؛ قَالَ سيدنا رسول الله ﷺ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ». [أخرجه مسلم]
وأشار مركز الأزهر إلى أن تُدرَكُ صلاةُ الجمعة بإدراك ركعة مع الإمام، فمن لم يدرك ركوع الإمام من الركعة الثانية صلَّى الجمعة ظهرًا.
فضل إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام
مجمع البحوث الإسلامية قال إنه ينبغي على العقلاء أن يحرصوا على إدراك التكبيرة الأولى في الصلاة «تكبيرة الإحرام» مع الإمام، وعدم التفريط في الأجر الحاصل منها.
واستشهد المجمع، عبر صفحته بـ"فيسبوك" بما روى الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ، وَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ».

خطأ شائع عند إدراك الإمام يبطل الصلاة
قال الدكتور عويضة عثمان، مدير الفتوى الشفوية بدار الإفتاء، إن من بين شروط صحة الصلاة؛ نطق تكبيرة الإحرام، لافتا إلى أنه في حالة ما إذا أراد شخص إدراك الإمام في الركوع فيجب ألا ينسى تكبيرة الإحرام لأنها ركن أساسي وبدونها تبطل الصلاة.
وأضاف عثمان، خلال البث المباشر على صفحة دار الإفتاء ردا على أسئلة الجمهور، أنه في حالة ما إذا كان الإمام راكعا فركع المأموم مباشرة بعد تكبيرة الإحرام ودون أن يكبر تكبيرة الركوع فلا شيء عليه.
وأشار إلى أنه لا تدرك الركعة إلا إذا ركع المأموم مع الإمام واطمأن في الركوع وإذا نسي أن يسبح الله أيضا فلا شيء عليه، المهم أن يركع ويطمئن قبل أن يرفع الإمام من ركوعه.
وتابع أمين الفتوى: "أما إذا لحق المصلي الإمام وهو يرفع من الركوع فعليه ركعة".