الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الكراهية والفصل العنصري داخل الأراضي المحتلة ..خطاب تعليمي ممنهج يحرض ضد الفلسطينيين|تقرير

أرشيفية
أرشيفية

يعاني الفلسطينيون من نظام الفصل العنصري بسبب سياسة الاستيطان التوسعية، التي تواجه بصمت دولي كبير على التغول الاستيطاني المتواصل، وعدم تنفيذ قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالاستيطان، وفي مقدمتها القرار (2334)، وعدم مساءلة ومحاسبة إسرائيل كقوة احتلال على هذه الجريمة.

ومن جانبه أصدر التحالف المصري لحقوق الإنسان والتنمية اليوم، الخميس 16 يونيو 2022، تقريرا بعنوان: "خطاب الكراهية والفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة".

أكد التقرير أنه ترتب على سياسة الاستيطان التوسعية أن صار الفلسطينيون تحت قوانين تمييزية "أبارتهايد" لصالح الفئات الدخيلة على الأرض، وليس ذلك فقط، فأغلب من يعيش في المستوطنات هم من الجماعات اليهودية المتطرفة التي تنادي بيهودية الدولة، ويلعبون دوراً في استفزاز وإثارة مشاعر الفلسطينيين بخطابات الكراهية الصريحة والتحريض على العنف ضدهم بتشجيع من قوانين وسلطات إسرائيلية تحميهم.

خطاب كراهية ضد شعب فلسطين 

وذكر التقرير أن خطابات الكراهية المنتشرة في  إسرائيل ضد الفلسطينيين تجد مصدرها من التعليم والمناهج الدراسية الإسرائيلية التي تزرع الكراهية في العقول منذ الصغر، حيث تعلم الكتب المدرسية الإسرائيلية خطابًا عنصريًا يزيل فلسطين نهائيًا من الخريطة، ولا يوجد في تلك الكتب أي جوانب إيجابية عن الثقافة والحياة الفلسطينية.

يتعرض الفلسطينيون في مناطق متفرقة لصور عديدة من جرائم الكراهية من المستوطنين، منها الضرب والتعدي والسحل والضرب باللكمات بأعقاب البنادق والمقابض والعصى، واستخدام الأسلحة النارية والقتل والتهديد بإطلاق النار، ورشق الحجارة وإطلاق الكلاب العاقور، ومحاولات الدهس، وإتلاف معدات الزراعة وسرقة وقتل البهائم التي تستعمل في أعمال الأرض والفلاحة، وطلب بطاقات الهوية وتمزيقها بدون صلاحية، وغير ذلك تخريب الممتلكات كالسيارات ونهب الأراضي وطردهم بالقوة من الأرض ومن منازلهم.

ويُلاحَظ إزدياد جرائم الكراهية الإسرائيلية من حيث الوتيرة والعنف في العشر سنوات الأخيرة، إلا أنه من الضرورة الإشارة إلى أن هذا العنف تجاه الفلسطينيين ميز أيضاً فترة التسعينات من القرن الماضي. وقد شهدت فترة نهاية الثمانينات وبداية التسعينات مقتل 119 فلسطينيًا من ضمنهم 23 طفلًا بأيدي المستوطنين ومواطنين إسرائيليين.  

وأضاف التقرير أن إسرائيل تعتمد على تطور تكنولوجيا الإعلام والصحافة لخوض الحرب الإعلامية، فازدادت الحملات الدعائية النفسية ضد الفلسطينيين وتوظيفها لتعزيز الحرب النفسية وخلق صورة مثالية لإسرائيل، بالإضافة إلى تزوير الحقائق وبث الأفكار المضللة، وفي نفس الوقت، فإن نشر الكراهية والتطاول على حقوق الفلسطينيين بوسائل الإعلام والصحافة مباح دائمًا. 

ومن جانب آخر رصد التقرير أن خطابات الكراهية الإسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعي ضد الفلسطينيين خلال عام 2021 به زيادة في التحريض بمقدار ثلاثة أضعاف عن عام 2020.

نظام الفصل العنصري الإسرائيلي

أكد التقرير أنه تلتصق المعاملات التمييزية والعنصرية مع خطابات وجرائم الكراهية التي يقوم بها الإسرائيليون ضد الشعب الفلسطيني في الداخل الإسرائيلي والأراضي المحتلة، وما يثّبت ذلك على الأرض هو الجذور التي وضعتها منظومة القوانين والتعاملات التي تفرق بين ما هو إسرائيلي وما هو فلسطيني عربي، حيث يسود الاعتقاد في المجالين العمومي والقضائي والميدان السياسي والإعلامي أنه ينفصل نظامين؛ الأول إسرائيلي ديمقراطي ثابت؛ والثاني في مناطق تحت الإحتلال العسكري وقوانين الطوارئ العسكرية، أي أن الفلسطينيين تحت حكم دولة تحقق غايتها بتفوق العنصر الإسرائيلي اليهودي من النهر إلى البحر.

ولقد سادت في السنوات الأخيرة تزايداً ملحوظاً في التنديد (داخل الخطاب السياسي الدولي) بنظام الأبارتهايد الذي اقترن بالنظام الاستيطاني في جنوب إفريقيا وانتهى العمل به في عام 1994، حيث الفارق بين الحالتين أن أبارتهايد جنوب إفريقيا كان يفصل بين البيض والسمر، بينما الحالة الإسرائيلية تفصل بين اليهود وما دون ذلك، ونتيجة أدوات السيطرة التي تستخدمها إسرائيل في الأراضي المحتلة 1967، صار هنالك واقع سياسي وجغرافي مبني على الفصل الإثني والهرمي بالتوازي مع التهويد المستمر.

كما أن هنالك تمييزا واضحا للعنصر اليهودي في القضاء والمحاكم لصالح العنصر اليهودي، حيث قررت  هيئة محكمة العدل العليا في ديسمبر 2006، أن جرائم الاغتيالات "قانونية"، وأن هناك "حقًا" لإسرائيل  باستخدامها؛ "حماية لأمن مواطنيها، ولكن تبرئة الإسرائيليين من جرائم قتل الفلسطينيين سبقت إصدار هذا القانون.

نتائج خطاب الكراهية الإسرائيلي

تناول التقرير أن "التحريض العنصري" الشائع بين العامة من اليهود والمستوطنين هو ما يربط خطاب الكراهية والفصل العنصري تجاه الفلسطينيين، ورغم أن البعض يصف القانون الإسرائيلي بالصرامة في محاربة العنصرية والتحريض العنصري، ولكن طالما يتعلق الأمر بالتحريض ضد "العرب" والفلسطينيين فإنه السلطات الإسرائيلية تستصعب تطبيق القوانين التي تعاقب الفاعل.

في ظل القناعة التامة لدى اليهود المتشددين بأنهم لا يخشون العقاب طالما هي في صفهم دائمًا، وطالما لديهم القناعة بطمس الحقائق والحقوق الفلسطينية، فإنه يسري العنف من اتجاه واحد يدفعه الطمع الصهيوني بالأحلام التوسعية على أنقاض ودماء فلسطين.

ويُلاحظ أن الاحتلال آخذ بالتعمق متمثلًا بعملية الضم، فالحكومة لا تكترث للآثار السياسية والأخلاقية الخطيرة لمشروع المستوطنات، ولا الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان التي للفلسطينيين القابعين منذ خمسين سنة تحت حُكم عسكري إسرائيلي.

كما إن قيادات دولة اسرائيل لا يهمها وجود جهازين قضائيين ومنظومتي قوانين في الأراضي المحتلة؛ واحد للفلسطينيين والثاني للإسرائيليين، بل هي معنية بتعميق وجودهما، وهذا التوجه أدى إلى فيض من مشاريع القوانين التي تقترح الضم المباشر أو غير المباشر، بلغ ذروته بسن قانون "تسوية المستوطنات" في عام 2016.

واختتم التقرير بالتأكيد أنه لا توجد دولة ديمقراطية تقنن الكراهية والفصل العنصري وجعل نفسها نظام تمييز عنصري بالقانون، وبالتالي فهي ترسخ  للإرث الاستعماري العنصري الذي يقوم على أساس التطهير العرقي، وإلغاء الآخر، والتنكر المتعمد لحقوق السكان الأصليين على أرضهم التاريخية، وهو ما يعد استهدافاً خطيراً لوجود الفلسطينيين وحقهم التاريخي في أرضهم، وسرقة واضحة لممتلكاتهم.